إعلان

مراجعات "كورونا" التعليمية

أمينة خيري

مراجعات "كورونا" التعليمية

أمينة خيري
07:01 م الإثنين 20 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"الحاجة" التي تفاخر بأنها زارت بيت الله عشرات المرات، وأدت الفريضة مرتين، وفي الوقت نفسه لا تجد حرجاً من "الفصال" العنكبوتي على سعر الأبحاث التي سيعدها أحد القائمين على العملية التعليمية والتربوية من السادة المعلمين - مدعوة لمراجعة نفسها، خصوصا ونحن مقبلون على الشهر الكريم.

والبعض من القائمين على العملية التعليمية "التربوية" ممن يسوقون عبر الشبكة العنكبوتية لعروضهم السخية؛ حيث البحث بمائة جنيه، بدلاً من 150، وفي حال طلِب منهم بحثان فإن العرض اثنان بـ150 جنيها، و"يا بلاش!" - مدعوون أيضاً لمراجعة مهامهم التعليمية والتربوية، وهم يشمرون عن سواعدهم لاستقبال الشهر الكريم.

والطلاب والطالبات، ولا سيما البالغون والبالغات، ممن وصلوا مرحلة عمرية تسمح لهم بالتفريق بين الحق والباطل، ومعرفة الصح من الخطأ، أو بلغة العصر بين "الحلال والحرام" - مدعوون لمراجعة الفكرة من التعليم، هل هي ورقة يجاهدون عبر الغش وشراء البحث للحصول عليها، أم أنها عملية بناء وعي ومعرفة تمكنهم من التفرقة بين الألف وكوز الذرة وهم يتقدمون للبحث عن فرصة في سوق العمل بعد تخرجهم.

ولعل أجواء الشهر الكريم تساعدهم على الوصول لقدر من الصفاء الذهني لمراجعة الغاية من الورقة المراد الحصول عليها، ألا وهي "الشهادة".

بشهادة الواقع وبالعين المجردة، بات واضحاً بالحجة والبرهان أن أزمة التعليم في مصر لا تقف عند حدود الإهمال والتجريف والتجميد التي طالت المنظومة على مدار ما يزيد على نصف قرن، لكنها تمتد لتصل إلى إهمال الأخلاق وتجريف الدين وتجميد الوعي الذي طال أجيالاً متعاقبة من الآباء والأمهات.

وبشهادة مجريات الأمور في زمن كورونا، وبالعين المجردة حيث متابعة الأحداث اليومية الدائرة رحاها في المجتمعات التعليمية المدرسية والجامعية وما يرتبط بها من آباء وأمهات وطلاب ومعلمين وأساتذة، وتحليل الأحاديث الدائرة والمنطق السائد والأفكار المتداولة يمكن إعداد ورقة بحثية عن قيمة التعليم في المجتمع المصري.

قيمة التعليم بعافية. والغاية من إرسال أبنائنا وبناتنا للمدرسة منتفية. والفكرة من استمرار التعليم الجامعي لا تدور في فلك التخصص المهني أو الامتياز المعرفي، بقدر ما تدور في دهاليز حتمية الحصول على "الشهادة الكبيرة"؛ شأننا شأن ابن خالتنا وبنت عمتنا.

زمن كورونا كشف النقاب عن قيمة التعليم ومعناه والغاية منه في المجتمع المصري، وهي قيمة متحورة متغيرة، شأنها شأن ما ألمّ بالفيروس المستجد. فقبل عقود طويلة كانت قيمة التعليم مختلفة، وكانت الغاية من إرسال الأبناء للمدارس سامية وغالية. ومن ثم، ظلت منظومة مجانية التعليم ذات قيمة بالغة الرقي متناهية السمو. كان الجميع يعرف أن إمكانية إرسال الابن أو الابنة للمدرسة دون تكبد عناء المصروفات والكلفة ذات قيمة كبرى ومعنى عظيم.

أما الآن، فأصبحت المجانية أمراً مفروغاً منه شأنه شأن بطاقة التموين قبل تنقيح قوائمها حين كان مستفيدون منها يحصلون عليها، ثم يطعمون بها الحيوانات أو يتبرعون بها للفقراء. ليس هذا فقط، بل أصبح التعليم كله مفرغاً من معناه.

وهذه دعوة صادقة لكل أم وأب أن ينتهزوا فرصة أجواء رمضان الروحانية وقيمه المنزهة عن الماديات لأن يسألوا أنفسهم: لماذا أصر على أن يلتحق أبنائي بالمدرسة؟

هل من أجل التعليم؟ إذا كانت هذه الإجابة، فليسألوا أنفسهم السؤال التالي: وهل حين أشتري البحث من معلم ليقدمه ابني باسمه، هل سيكون ابني قد تعلم؟!

أما إذا كانت الإجابة: هذا ما وجدنا عليه آباءنا. الجميع يذهب للمدرسة. والجميع يحصل على ورقة في نهاية الأمر يسمونها شهادة، فاسأل نفسك السؤال التالي: هل يستحق ابني تعليماً مجانياً؟ ولو كنت تسدد له مصروفات، فهل ما يحصل عليه من معرفة تساوي قيمة ما يدفع؟

أسئلة مشابهة ينبغي على المعلمين ممن يقدمون عروضاً سخية لإعداد الأبحاث لأبنائهم الطلاب في مقابل مادي لعله يعوض خسارتهم من الدروس الخصوصية التي حلت محل العملية التعليمية والتربوية الأصلية في المدارس... ورمضان كريم.

إعلان