إعلان

علمتنا ذبابة بنس !

عصام شيحة

علمتنا ذبابة بنس !

عصام شيحة
07:01 م الثلاثاء 13 أكتوبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ثم يقولون إن ظاهرة العولمة باتت تترنح جراء جائحة كورونا! كذب لا أصل له. راجع الشهرة العالمية التي حققتها الذبابة التي حطت على رأس مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي في مناظرته مع كامالا هاريس، المرشحة، نائبةلجو بايدن في السباق الرئاسي المثير في الثالث من نوفمبر المُقبل، حتى قيل إنها استقرت على رأسه دقيقتين وثلاث ثوان!، لا أكثر ولا أقل!

فعلي خلفية واقعة ذبابة بنس وتداعياتها، لاح بوضوح أن مضمون قضايا النقاش في المناظرة لم يكن على قدر كبير من الأهمية، رغم ظهور خلافات حادة حول ملفات داخلية، كإدارة أزمة كورونا والملف الاقتصادي والرعاية الصحية.

وهاجم نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس منافسته الديمقراطية كمالا هاريس، واتهمها بتزييف الحقائق، بهدف توجيه الاتهامات إلى الرئيس ترامب، وبالفعل كثيراً ما عبر الخبراء عن أن أهم مزايا كمالا هاريس أنها تملك لساناً سليطاً يمكن تصويبه بنجاح تجاه ترامب وإدارته، حتى قيل إن مناظرة بين كامالا هاريس وترامب ذاته، لو حدثت، قد تكون فضيحة أخلاقية ربما تقتل الثقة في القيم الديمقراطية التي تتبناها واشنطن، وتعتبرها "أمريكية" بامتياز؛ ومن ثم فمن حُسن طالع ترامب أنه يُناظر بايدن، الذي يصفه بـ"النعسان"، لكنه علي قدر كبير من الهدوء والاحترام لدى الرأي العام الأمريكي، حتى إن "أوباما"، قُبيل انتهاء ولايته الرئاسية الأخيرة، وتحديداً في 12 يناير 2017، قام بتقليد "بايدن" أرفع الأوسمة المدنية الأمريكية، "وسام الحرية الرئاسي".

لو راودتك عما أقوله دراسات علمية جادة تؤكد أن ظاهرة العولمة في خطر تمثلت بوادره في ضعف التجارة الدولية، وتراجع معدلات السياحة العالمية، فلاحظ معي دلالات الاهتمام العالمي بذبابة بنس، وكن حكماً بيني وبينهم؛ إذ أزعم أن العولمة لا مناص منها، وجائحة كورونا لا تفت في عضدها، بل تؤكد أهميتها ورسوخها، فما زالت القواسم المشتركة داخل الرأي العام العالمي هائلة، حتى إنها لم تُهمل ذبابة بنس.

فليس من شك أن ذبابة بنس أصبحت حديث مواقع التواصل الاجتماعي، بل باتت عنواناً للعديد من الحسابات الشخصية الافتراضية. ووفقاً لإحصاءات تويتر، ففي خلال ساعات، منذ ظهورها في المناظرة، حصلت كلمة "ذبابة" على أكثر من 700 ألف تغريدة عبر "تويتر"!

وكما أن الصين يرمز لها "التنين"، وروسيا رمزها "الدب"؛ ففي الثقافة الأمريكية، تعبر بعض الحيوانات عن محتوى سياسي! من ذلك أن "الحمار" يمثل الرمز الرسمي للحزب الديمقراطي؛ كتعبير عن القدرة على التحمل، بينما "الفيل" يرمز رسمياً إلى الحزب الجمهورى؛ للدلالة على وفرة المال لدى الجمهوريين! ومن ثم لا يغيب عنا المنطق إذا ما توقعنا أن يُضيف السباق الرئاسي المُقبل بعض الكائنات الأخرى، غير مُكتفٍ بالذبابة!

والتطور الطبيعي لذلك أن نجد تطبيقات عالمية أخرى ربما تحمل بعضاً من خصوصيات مجتمعات أخرى! في ظهور مُغاير لأوجه العولمة!

وليس بعيداً أن نجد ذبابة بنس، بشكل أو بآخر، تُسرع فتندرج ضمن الثقافة العالمية سواء في حياتنا العامة، أو السياسة والانتخابات خاصة، وقد بلغت سخرية البعض من مشهد ذبابة بنس حد تعليقهم مازحين بأنهم سيعطون صوتهم للذبابة! ووصف رواد "تويتر" الذبابة بأنها بطل أمريكي! فيما رجح آخرون أنها ستكون من بين أكثر الأشياء التي لن تنسى!

ودعت كيليان كونواي، مستشارة البيت الأبيض السابقة، إلى إعطاء الذبابة تصويتًا بالبريد! بينما قال السيناتور الجمهوري راند بول، مازحا، إن ذلك دليل على التجسس، لأن "الدولة العميقة زرعتها بالخطأ" على بنس!

كما أن جو بايدن، المرشح الديمقراطي، استثمر المشهد؛ فظهر في صورة علي حسابه على تويتر جالساً مُمسكاً بمضرب ذباب، وهو يقول: "يبعد الذباب والأكاذيب، احصل على مضربك اليوم"!

وكتب في تغريدة: "ساهم بخمسة دولارات للمساعدة في إطلاق هذه الحملة"!

وفي ظهور لافت لذبابة بنس، ربما يمتد إلى الملابس، اقرأ معي: «اجعل رأسك رائعاً مرة أخرى، قابلهم بمظهر الذبابة واسرق الأضواء في حفلتك القادمة»، كانت هذه الدعاية التي أطلقتها إحدى شركات تصنيع أزياء الهالوين، (الهالوين: احتفال تنكري سنوى في 31 أكتوبر منتشر عالمياً)، عن منتجها الجديد وهو باروكة فاخرة بشعر أبيض عليها ذبابة، في محاكاة لمشهد ذبابة بنس... والبقية تأتي! هكذا علمتنا ذبابة بنس.

إعلان