إعلان

تأملات سلوكية.. أفلام الأطفال والخطر

ريهام فؤاد الحداد

تأملات سلوكية.. أفلام الأطفال والخطر

ريهام فؤاد الحداد
09:00 م الأربعاء 03 يوليه 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

شركات إنتاج برامج الأطفال كثيرة ومتعددة على مستوى العالم، وتأتينا من شتى بقاع الأرض، مدبلجة ومترجمة، ومؤخرا تطورت من كونها رسومًا متحركة إلى أفلام ممثلة بالفعل بممثلين حقيقيين. باتت هذه الأفلام تجسد قصص التراث الإنساني العالمي وأشهر الروايات الأدبية بشكل سينمائي غاية في الإبهار والدقة، بتطور في الأحداث وطريقة سرد تتناسب والعصر الذي نعيش به.

شركات برامج الأطفال والمراهقين هذه، تنتهج ما يتناسب وطريقة التفكير العالمي، وتوجهاته وصيحاته الحداثية، والتي (بحسب المفهوم المحافظ) يجنح بعضها إلى الانفلات والخطأ والانحراف والحرمات، بل ويخرج عن الفطرة السليمة التي خلق الله الإنسان عليها، والمنزلة بجميع الشرائع السماوية والكتب المقدسة.

لو تابعت هذه الأفلام بتركيز، سوف تفاجأ بمشاهد وأفكار وتلميحات وتصريحات، تمرر سلوكيات وأفكارًا ومعتقدات خطيرة، منها ما (يمس العقائد مباشرة ومهاجمة الإيمان) ومنها (ما هو غير أخلاقي كعدم احترام الكبير أو التبجح في مخاطبة الوالدين أو احتقار قيم الصداقة)، ومنها (ما يشجع على العنف والجريمة والقسوة)، وبعضها (بدأ بتمرير وقبول أفكار كالإلحاد أو المثلية الجنسية).

لا أعتقد أبدا أن هذه الرسائل السلبية والانهيارات الإنسانية الخطيرة تأتي بالصدفة، أو إنها مجرد انعكاسات لتطور العالم وقبوله لكل ما كان مرفوضا أو محظورا سابقا .

بل إنني أجدها (رسائل شيطانية) تمرر عبر النوافذ الأكثر متابعة ومشاهدة والأكثر جمهورا، فالشيطان لم يعجز الحيلة في نشر كل ما يؤذي الإنسان ويخرجه من دائرة رضا الله والامتثال لأوامره، وقد وجد مساعدين لإتمام خططه وإفساده للبشر.

إن تكرار هذه المعاني والمشاهد المنحرفة من خلال قالب درامي جذاب، لهو مصيبة كبرى؛ لأنها ترسخ هذه الاختلالات الفكرية في ذهن الطفل والمراهق ويعتادها بأنها أمر عادي، فمن يخرجها من رأسه لاحقا إذا؟! وأي جيل سوف يكون عليه هذا الجيل وأي الأبناء سوف ينجب!

العالم يجري بسرعة كبيرة، أحداثه متلاحقة، وبدأت أصوات الخطأ به تعلو بدعوى المدنية والتحرر وحقوق الإنسان وعدم رفض الآخر! يستخدمون الشعارات النبيلة السابقة لتمرير أفعال خبيثة ومعانٍ خطيرة، معانٍ أبيدت من أجلها أمم سابقه لما استحقت غضب الله (حسبما جاء بكل الكتب السماوية).

الآن كيف نواجه هذا الخطر الذي بات موجودًا بمجتمعاتنا بالفعل؟!، هل نرفض ونمنع ولا نسمح لأطفالنا بالمشاهدة! أم هل نواجه الخطر الزاحف بدفن الرؤوس بالرمال وعدم الحديث عن الأمر!.

الطريقة التي أجدها الأمثل في ظل هذا النشاط العالمي وهذه الشهرة المكتسحة للانحرافات السلوكية المقدمة دراميا هي استباق الخطر وسد الطريق عليه.

من أراد طفلا سليما ومجتمعا مثاليا، أفرغ لأبنائه وقتا للرعاية والتربية، وقبل هذا (الحماية) احموا أبناءكم من التعرض لأي أذى، قال رسولنا الكريم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، احم أبناءك عن طريق الحديث معهم، أغدق عليهم المحبة والحنو الحازم، تحدث معهم إن في المادة المشاهدة تليفزيونيا وسينمائيا، أمثله للانحراف وأعطهم التحذيرات المهمة كل حسب فئته العمرية.

استبق أنت الأحداث واشرح لهم الفرق بين الصواب والخطأ (عن طريق تفنيد وتفسير الخطأ والتعريف به والنقاش فيه والإجابة عن كل تساؤلاتهم حوله.

احرص على ارتباط طفلك بالله سبحانه وتعالى، وأن يتعلم حب الله وحب كل ما هو نقي وطَيِبْ والانتباه جيدا لأي إشارات ضد هذا الطِيْبْ، فكل الخبائث مرفوضة وإن عُرِضَتْ بشكل جذاب .

كذلك علموا أولادكم الثقة بالنفس وقوة الشخصية وعدم الانقياد أو التأثر الأعمى، وعلموهم دائما أن يفكروا بما يشاهدون هل هو صحيح أم خاطئ!.

إن أسهل الطرق لمواجهة الخطر هي الاستعداد له مسبقا بالشرح والإيضاح وترسيخ القيم والثوابت السليمة حينها لا تخشى عليهم، فحتى طوفان الفساد لن يغرقهم، سوف تحميهم سفينة الأخلاق لعبور الضفة الأخرى بسلام وإن فسد العالم أجمع كانوا هم بأمان وحفظ .

لا تنتظر أن يتعرض ابنك لهذا الاختبار، بادر أنت وكن أسرع من العالم حولك وتطوراته وصيحاته وانفلاتاته. حينها سوف يستخلصون المتعة أو التسلية من هذه البرامج ويلقون بالأفكار السلبية التي بها وراء ظهورهم دون أدنى تأثير .

إياك ومنعهم من المشاهدة؛ لأن الممنوع مرغوب؛ ولأنك مهما توهمت أنك تستطيع هذا المنع فهو غير مستطاع فعليا، لكن الأصح أن يكون البنيان قويا متينا !

إعلان