إعلان

البحث عن مجلة

محمود الورداني

البحث عن مجلة

محمود الورداني
09:00 م الخميس 09 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كنت قد كتبت هنا من قبل عن أزمة المجلات الثقافية التي اعتبرتها ضرورة قومية، وأرجعت سبب الركود الذي تعاني منه الحياة الثقافية إلى غياب تلك المجلات. وحتى يكون الكلام ملموسا فإن المجلات التي تصدر هي على وجه الحصر مجلات رسمية تموّلها مؤسسات رسمية.

وإذا كانت أغلب المؤسسات الصحفية في السابق تصدر مجلات ثقافية مثل مؤسسة دار الهلال والأهرام، فإن تلك المؤسسات توقفت عن إصدار مجلات باستثناء مجلة الهلال التي دأبت على إصدار أعداد خاصة ولا تلقي بالا لما تمور به الحياة الثقافية من قضايا ومشاكل.

ومنذ أواخر خمسينيات القرن المنصرم، ألقي على عاتق دور نشر الدولة إصدار المجلات الثقافية والأدبية، وشهدنا عددا من أهم التجارب مثل مجلة الفكر المعاصر والمجلة والكاتب، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العربي أيضا. وحاليا تصدر دار نشر الدولة وهي هيئة الكتاب مجلتين أدبيتين شهريتين لم ينتظم صدورهما أبدا منذ عدة سنوات، وهما مجلة إبداع وعالم الكتاب.

كذلك تصدر هيئة قصور الثقافة مجلة أدبية شهرية هي الثقافة الجديدة لم ينتظم صدورها أيضا منذ سنوات .

تلك على وجه الحصر المجلات التي تصدرها بلد بحجم مصر، وهنا أريد أن أشير إلى أن الحديث لا يدور حول الإصدارات الثقافية على وجه العموم، فهناك جريدة أسبوعية تقوم بدور بالغ الأهمية وهي أخبار الأدب، لكنها جريدة يغلب عليها الطابع الإخباري والمتابعة العاجلة للشأن الثقافي، وهذا هو دورها الذي تقوم به بكفاءة، وإذا أضفنا إلى ذلك أن المجلات والصحف، باستثناء الملحق الأدبي للأهرام في الشهور الأخيرة فقط، توقفت تقريبا عن نشر مادة ذات قيمة في صفحاتها الثقافية أو ألغت هذه الصفحات أصلا، لأدركنا جحم الكارثة التي تقترب من أن تكون فضيحة.

غني عن البيان أن المردود الثقافي والفكري لا يقاس أبدا بالربح المادي، وليس من المقبول الانزلاق إلى هذا النوع من التفكير الضيق والقاصر الذي قادنا إلى ما نحن فيه: دولة بحجم مصر غير قادرة على إصدار مجلة ثقافية منتظمة واحدة. المجلات المنتظمة ليست ترفا ولا حلية يمكن الاستغناء عنها. المجلات الثقافية حولنا تزدهر وتتقدم في السعودية والإمارات وقطر وعمان وأصبح لها قارئ يحرص عليها، وفي مصر تحديدا أصبح لها قراء منتظمون ومرتبطون بها.

من المثير للدهشة بل والغضب أن مثل هذا الأمر لا يثير الانتباه، ولم نشاهد احتجاجا أو مبادرة من جانب جموع المثقفين والمشتغلين بالكتابة، وهم أول من يعلم الأهمية الملحة والحاسمة لانتظام مجلة، مجلة ثقافية واحدة شهرية. والأكثر إثارة للدهشة أن المجلات نفسها موجودة، لكنها تعاني من عدم الانتظام إلى حد أنها لا يصدر إلا ثلاثة أو أربعة أعداد سنويا، وهو ما يعني أنها لا تصدر أصلا. وانتظام الصدور ليس ترفا بل هو السبيل لأن تمارس المجلة دورها في المتابعة وإثارة القضايا ومواجهة المشكلات الثقافية.

سوف أعود لتناول هذا الموضوع من زاوية أخرى، وهي أهمية المبادرات المستقلة، ما دامت المؤسسات الرسمية تعاني مثل هذا الجهل والتجاهل.

إعلان