إعلان

اعتذار عائض القرني لا يعني تغير أفكار تيار الصحوة

د. إيمان رجب

اعتذار عائض القرني لا يعني تغير أفكار تيار الصحوة

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 13 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تسبب إعلان الداعية عائض القرني اعتذاره عما سماه "أخطاء تيار الصحوة " في إثارة جدل داخل السعودية وخارجها حول هل الاعتذار في هذه الحالة كافٍ أم لا؟

والمهم هنا عدم التعامل مع هذا الاعتذار على أنه مراجعة لأفكار القرني وأفكار تيار الصحوة، فهو لا يتعدى كونه اعتذارًا شفويًا من شخص القرني، يريد من خلاله أن يتحول من كونه أحد دعاة الصحوة إلى "سيف من سيوف الدولة"، وفق تصريحه. ويقود التأمل في اعتذار القرني إلى التنبه لأمرين:

الأول أنه رغم أن عائض القرني هو أحد دعاة الصحوة فإنه لا يعبر عن تيار الصحوة بأكمله؛ فهو لا يملك سلطة الاعتذار نيابة عن ذلك التيار بكل قادته وأتباعه، واعتذاره هذا لا يعني اختفاء تيار الصحوة.

والأمر الثاني أن اعتذار القرني وفق نص ما قاله هو اعتذار للمجتمع السعودي، فماذا عمن ليسوا من الشعب السعودي، وتأثروا بأفكار القرني وأفكار تيار الصحوة طوال العقود الأربعة الماضية؟

وترجع أهمية الحذر في التعامل مع اعتذار القرني إلى طبيعة تيار الصحوة نفسه، فهو تيار موجود منذ سبعينيات القرن العشرين، واستطاع أن يتلون بحسب الظروف السائدة في السعودية وبحسب توجهات الملوك، واستمر في البقاء بصور مختلفة حتى اليوم، رغم أنه تيار معروف بتطرفه وكونه لا يعبر عن الفهم الوسطي للدين الاسلامي، وله من الأتباع والرواد والطلاب من ينتمون لأجيال مختلفة في داخل السعودية وخارجها. بعبارة أخرى ظل تيار الصحوة لعقود طويلة يؤثر في المزاج العام في المجتمع السعودي، من خلال فرضه أفكارًا معينة تدور حول ثلاث قضايا رئيسة، هي:

- حتمية الصدام مع الدولة؛ لأنها لا تطبق الدين الإسلامي.

- تهميش كبار العلماء باعتبارهم علماء الحكام.

- الشدة والغلظة في التعامل مع المختلف.

وهذه الأفكار كانت تكتسي بغايات سياسية غابت، وظهرت في فترات متقطعة طوال العقود الماضية، ربما كان آخرها دعوات هذا التيار للمسلمين للجهاد في سوريا، فللقرني نفسه عدة مقاطع فيديو منشورة على اليوتيوب في 19 يوليو 2012 و16 فبراير 2013 وفي 5 ديسمبر 2015 يفتي فيه بأن "الجهاد ضد بشار أوجب من الجهاد ضد إسرائيل".

بعبارة أخرى، للقرني ولتيار الصحوة فتاوى تأثر بها كثير من الشباب في السعودية وخارجها، وخرجوا للانضمام لصفوف داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة في سوريا والعراق، ومنهم من فقد حياته بسبب تلك الفتاوى، ومنهم من يقبع في السجون.

وفي هذا السياق لا يمكن التعامل مع اعتذار القرني على أنه مراجعة لأفكاره، فتلك الأفكار مكتوبة في العديد من الكتب ومنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى شبكة الإنترنت بصورة وأشكال متعددة، وعلى سبيل المثال يبلغ عدد متابعي القرني على تويتر فقط قرابة 20 مليون مستخدم.

كما ظلت تلك الأفكار تحتل وتسيطر على المنابر في المساجد لعقود طويلة، وخرجت أجيال لا تعرف أفكارًا غيرها، واستخدموها لتكفير غيرهم.

وبالتالي، إذا كان القرني تنصل من أفكاره تلك، فماذا عن الأجيال التي نشأت على تلك الأفكار؟

هل يتنصل منهم أم يظل يتعامل معهم على أنهم أتباعه ورواده وطلابه؟

هناك حاجة لتبني قوانين تجرم نشر الفكر المتطرف، أو كما يسمى في السعودية الفكر الضال المتشدد، وتضمن محاكمة قادة نشر ذلك الفكر.

إعلان