إعلان

السياسات الاجتماعية في الشرق الأوسط

محمد جمعة

السياسات الاجتماعية في الشرق الأوسط

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 06 فبراير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

طوال العام الماضي تقريبا لم تهدأ الفعاليات والاحتجاجات الشعبية في الكثير من الساحات العربية والإقليمية، على خلفية المطالب الاجتماعية والاقتصادية..

في أوائل عام 2018، أطلق التونسيون موجة من الاحتجاجات لمعارضة زيادة الضرائب على السلع الأساسية وارتفاع تكاليف المعيشة.

بعد ذلك وأثناء ربيع ذات العام، اجتاحت احتجاجات رئيسية الأردن بسبب سياسات التقشف، والإصلاحات الخاصة بالدعم.

كذلك في يوليو 2018، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في جنوب العراق، مطالبين الحكومة بالتصدي لقضايا البطالة المستمرة والفساد، وتردي مستوي الخدمات. وفي السياق ذاته، ثمة ما يشير إلى أن "العقد الاجتماعي" السعودي أصبح تحت الضغط، بسبب استحقاقات ملفي التوظيف والإسكان. وهنا تتعين الإشارة إلى أن حوالي 60% من السعوديين تحت سن الثلاثين. ويضع إيجاد الوظائف والإسكان لهؤلاء الشباب ضغطًا كبيرًا على العقد الاجتماعي القائم على أساس استخدام الحكومة لعائدات النفط لتوفير الرعاية الاجتماعية. وفي أوائل عام 2017، أشار أحد المسؤولين في صندوق النقد الدولي إلى أنه وصل إلى 12.8% تقريبا مع استمرار نمو عدد الشباب. ويمكن أن تتفاقم أزمة التوظيف بسبب توسع مستوى التعليم الرسمي بين الشباب السعودي. أيضا، فإن الافتقار إلى مساكن ميسورة التكلفة يشكل سبباً رئيسياً للقلق. مثلا على سبيل المثال، في مايو 2017، كان هناك حوالي 1.6 مليون سعودي على قوائم الانتظار لبرامج الإسكان الحكومية.

• في إيران اجتاحت التظاهرات العديد من المدن في أوقات مختلفة من عام 2018. والمتوقع أن تتزايد خلال العام الجاري، بسبب استمرار المظالم الاجتماعية، ومع العقوبات الأمريكية الجديدة.

• وحتى في مناطق شمال سوريا التي تُدار من خلال تركيا، تظاهر أبناء العشائر العربية، وكذلك الأكراد، معترضين على ربط النشاط الاقتصادي هناك بالليرة التركية، التي تدهور وضعها وفقدت بعض قيمتها منذ العام الماضي.

مثل هذه الأمثلة وغيرها، تشير إلى أن الاستجابات الجماهيرية لقضايا مهمة تتعلق بالسياسات الاجتماعية، أصبحت هي القاعدة وليس الاستثناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا... فالسياسة الاجتماعية أضحت هي المجال الذي يواجه فيه معظم المواطنين، الدولة ومؤسساتها، وحيث تؤثر السياسة أكثر على حياة الناس. على هذا النحو، تستحق السياسة الاجتماعية، وبصورة أعم، أنظمة الرفاهة، مكانًا أكثر مركزية في أبحاث العلوم السياسية في المنطقة، كما هو الحال في العالم الأوسع.

والمقصود بالسياسة الاجتماعية بشكل عام هي السياسات التي تشكل اهتمامات الحياة مثل التعليم والصحة والإسكان والعمالة. وتتعلق بالطرق التي تلبي بها الحكومات والمجتمعات الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، ومواجهة تحديات الفقر والبطالة.

من ناحية أخرى، ربما من المهم أن نلفت الانتباه هنا إلى أن السياسة الاجتماعية يجب أن تُفهم من حيث كونها سياسة، وليس فقط باعتبارها تحديات تكنوقراطية. إذ عادة تركز الكثير من النقاشات ذات الصلة حول إصلاحات السياسة الاجتماعية على آثارها الاقتصادية المحتملة، مع دفع التأثيرات السياسية أو الدوافع السياسية إلى المؤخرة إلى حد كبير. أي أنها تأتي كفكرة أقل أهمية من الآثار الاقتصادية أو يُنظَر إليها بوصفها قيودًا خارجية. على سبيل المثال، التحليلات الخاصة بإصلاحات الدعم؛ تنظر إلى احتمالية أن تفضي الارتفاعات في الأسعار إلى إثارة الاحتجاجات التخريبية، ولكنها تعامل التعبئة الاجتماعية كمشكلة يجب التعامل معها وليست كتعبير شرعي عن المصالح التي تحتاج إلى المعالجة أو كانعكاس لـ"العقود الاجتماعية" الكامنة التي تأسست على مدى سنوات طوال بين الحكام والمحكومين، والتي تشكل أشكالاً رسمية للحماية الاجتماعية.

إعلان