إعلان

علاء الغطريفي يكتب: إيران تتغير.. والإقليم أيضًا يتغير!

علاء الغطريفي رئيس التحرير التنفيذي لمؤسسة أونا

علاء الغطريفي يكتب: إيران تتغير.. والإقليم أيضًا يتغير!

علاء الغطريفي
04:51 م السبت 16 نوفمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"يسقط الديكتاتور".. هكذا قال الإيرانيون لمرشدهم. هكذا فعلوا مع رأس السلطة الدينية التي تحوطها القداسة، ويعدُّ النيل منها من محرمات المجتمع. يضربون الرمز الذي يلتفون حوله بعد المساس بلقمة العيش.

في هذا الواقع ينبغي أن تنظر للأمور وفق عدسة جديدة؛ فالعالم يتغير، والقصص تتغير، وحركة الشعوب، اليوم، لديها التكنولوجيا سلاحًا جديدًا أُضيف إلى عنفوان حركتها وصدق مسعاها وتعبيرها الاحتجاجي.

الدول- سواء كانت مغلقة أو شبه مغلقة- لم تعد الأمور فيها كما كانت في السابق؛ إيران تلك الدولة المتسلطة المتدثرة بعباءة مرشدها تتجدد فيها الاحتجاجات في سبيل العيش بين الحين والآخر، تهدأ الاحتجاجات ثم تعود، وفى القلب الوقود.

إنها لقمة العيش التي تنساها النخب الحاكمة في طهران، وتفكر فقط بطريقتها متسلحة بالإنكار الذي أضاع يومًا ما شعوبًا، وأنهى أنظمة حاكمة.

القمع للجماهير، واتساع رقعة المظاهرات في المدن الرئيسية " 55 مدينة" - تذكير من الجماهير بانتفاضة نهاية عام 2017 عند رفع أسعار الطاقة، بل يستهلك المتظاهرون بعضا من شعارات حراك العام قبل الماضي.

إنها دائرة التاريخ، وكرات الثلج التي تتراكم في لحظات النكران وعزل الناس عن مستقبلهم والضرب في صميم نمط حياتهم.

انظروا إلى الخريطة؛ فإنها تتغير، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم أيضا، من أقصاه إلى أقصاه! العالم لم يعد ذلك العالم، دقائقه بتفاصيلها مثل سنوات، حركة شعوبه أكبر من صفحات التاريخ ذاته.

الفجوة التي صارت بين الحكام والمحكومين في إيران وفى العالم مخيفة. تجول بين وسائل التعبير الاجتماعي- رغم فوضويتها- تجد القصة هناك.

جماهير مشوشة، عاقلة حينا، متهورة أحيانا، خلقت واقعها، ليس بالضرورة حقيقيا، لكنها آثرت صناعته، وعاشت فيه، وأصبح لها مروياتها وقصصها وقضاياها وقناعاتها.. المسألة فعلا مخيفة!

عالم التعبير الاجتماعي الافتراضي إيقاعه كسرعة الصوت أو قل سرعة الضوء، يجرف كل ما هو ثابت، ويزلزل جميع القناعات القديمة، ولا يملك أي شخص أمامه سوى الاعتراف بحضوره، أيا كانت وجهة النظر فيه، سواء رأيته سلبيا يهدم فكرة الاستقرار، أو رأيته إيجابيا حالمًا بالتغيير، أو رأيته معولَ هدم للشخصية الوطنية أو الأخلاق والأعراف السائدة، أو مروجًا للأكاذيب والشائعات.

عالم حاضر بقوة الواقع تعاملوا معه، فقد صار محركا للمجتمعات، ولم يعد فقط وسيلة تعبير اجتماعي.

زمن المغامرات خارج الحدود لم يعد استمراره ممكنًا وفق حسابات اللحظة. الداخل يرى أن أمواله تذهب هناك على مواقع في خريطة الإقليم، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في منتهى القسوة، وفى الخارج يتداعى النفوذ الإيراني بصوت الجماهير المحتجة في بغداد وبيروت.

قد تؤمن بالمؤامرات الدولية، وترى في نظام المرشد عدوًا للجميع. في الحقيقة ستكون ظالما؛ لأنك نسيت في هذا الحكم شعبا مثل أي شعب في العالم، يرغب في العيش بحرية آمنا مطمئنا مستقرًا.

الشعوب تريد حياة أفضل. واليوم الكلمة لم تعد مرتبطة بواقعها المحلي فقط، بل متجاوزة الحدود والجنسيات، والإقليم على صفيح ساخن. إنها عدوى، والخريطة متقلبة متغيرة.. فيض نيرانها يمس الجميع.

إعلان