إعلان

"لعشاق السلاح الأبيض.. سكين ولا أروع!"

محمد حسن الألفي

"لعشاق السلاح الأبيض.. سكين ولا أروع!"

محمد حسن الألفي
09:01 م الثلاثاء 22 أكتوبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لم يهتف البائع: الورد للناس الورد .

ولم يتوسل: يا ورد مين يشتريك، وللحبيب يهديك؟

ولم يقف تحت نافذة الحبيبة يعزف الأوتار، وينشد الأشعار.

كلا.. فإن بضاعته الموت لا الحياة. الكراهية لا الحب. لم يعد هو البائع الوحيد للسلاح الأبيض. تجارة منتشرة، سرية ومعلنة، تصنع في الداخل، وتستورد من الخارج. جمهورها الشباب والمراهقون والبلطجية في النوادي وفى الأحياء الشعبية.

السلاح الأبيض مطواة أو سيف أو سنجة أو سكين أو خنجر أو حربة أو سونكي أو خطاف أو ساطور. في الأفراح الشعبية يرقص البلطجي عاري الصدر، مُلوحًا بالسكين، يضعه بين شفتيه، يخطفه، ويشق به الهواء كأنما يشق بطن غريمه أو صدره في شغف وشهوة، على إيقاع طبل مجنون ودفوف مسعورة ودخان أزرق وزجاجات بيرة مراقة على الذقون والصدور، وأجسام تتمايل معه.. بأكثر مما تنتشي لطراوة وحلاوة جسد الراقصة.

لم يعد الأمر مقتصرًا على الأحياء الشعبية، فغياب الأمن، وترهل القانون، ولو في الجنة، سيحيلها حيا عشوائيًا. تنتشر لعبة التهديد بالسلاح الأبيض في أرقى الأحياء وفى أوضعها وأحقرها.. ويتلاعب بالسكاكين والخناجر أولاد ناس كما يتلاعب بها أولاد السوقة.

منذ ثلاثة أيام والمنصات الاجتماعية لا حديث لها سوى قصة مصرع شهيد الشهامة محمود البنا. كل جريمته سطور كتبها، انتقد فيها مراهقًا من عائلة راجح؛ لأنه يعاكس فتاة، طالبه باعتبارها أخته.

"لبد له ومعه أعوان، وطعنوا الفتى".

لم يجتمع المصريون على حزن مثل هذا الحزن، منذ حزنوا على مصرع محمود بيومي ضحية مشاريب كافيه النزهة، نجل شقيق صديقي الدكتور أحمد شهاب الدين، رئيس جامعة المنصورة الأسبق، والذي قتل في كافيه بالمنصورة يوم مشاهدة مباراة لمصر والكاميرون.

كان مقتله عبثيا أيضًا على يد بلطجية عاملين بالكافيه.. وكان السلاح الأبيض نصل الماشة..!

والحقيقة أن السلاح الأبيض منتشر كالسلاح الأسود، والأخير هو السلاح الناري بأنواعه المتطورة والبدائية.. وإذا كان السيف البارق أشهر الأنواع رواجًا في جرائم الأحياء الشعبية، والسكين الروسي كذلك في الأحياء الراقية وبعض النوادي، فإن البندقية السوداء ذات الماسورة القصيرة تحتل المكانة الأولى في التهديد والابتزاز، والقتل بالفعل .

فتشوا مقاعد سائقي التوك توك، ومعظم سائقي الميكروباص، وسيارات الشباب الأرعن الجامح أصحاب الشعر المعقوص، وفيه فيونكة، وكل مائص هائص في هذا المجتمع، ولسوف تجدون ترسانات من السيوف والسكاكين والنصال والمطاوي والرشاشات الآلية (الثقيلة في فيلات على الصحراوي لدى عصابات صاحبها مشهور، يظهر اجتماعيا كما يظهر الأب الروحي مارلون براندو). أضف إلى الشيء لزوم الشيء .

ما هو اللزوم؟ العقل يكبح التهور. إذا وقع التهور، فلغياب العقل. وما الذي يسرق العقل، ويغيبه؟ المخدرات، ما زرع منها وما صنع. ومصر تستهلك منها بالمليارات ... أمة يقظة منتشية!

الوضع مأساوي ومخيف، ونصيحة مخلصة لا تجادل ولا تتذمر إن كسر عليك كلب بالتوك توك، أو ذئب بالتاكسي أو إرهابي بلدي، أو حتى وولف، اعتذر فورًا، واشتر رقبتك، وانصرف كسير الجناح كالأرملة !

لماذا كسير الجناح كالأرملة؟ لأن القانون في عقوبته أرملة بكل المقاييس. مادة متهافتة العقوبة. تشجع حتى الملاك على حمل سنجة. والمثل المصري له قانون بديل: "اللي تعرف ديته.. اقتله".

حيازة السلاح الأبيض جنحة، وعقوبتها من يوم لثلاث سنوات.. والغرامات مئات لبضعة آلاف واستعمالها واستعراض القوة بها.. لن يُردع الفاعل أبدًا.. خصوصا إذا استأجر صبيًا دون السن القانونية (١٨ عامًا) ليقتل، وينجو بجريمته، دون إعدام .

الشارع خطر.. والبرلمان يتثاءب.. كلا! إن برلمانيا عُتُلا يقترح إطلاق اسم على عبد العال على مدينة جديدة أو جامعة أسوة بزويل !

بالمناسبة: العنوان أعلاه.. ليس منى، بل من بائع بليغ في سن السكين والعناوين.. لذا لزم التنويه.

إعلان