إعلان

لماذا يشتمون ترامب بأمه؟

لماذا يشتمون ترامب بأمه؟

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 08 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يكتسب أي شخص هيبته ومكانته بين الناس من درجة رجاحة العقل، والرجاحة في التراث هي الحكمة؛ فإذا كان ذلك كله ضروريًا للشخص العادي وكاشفا عنه، فإنه ألزم لرئيس الجمهورية في البيت الأبيض !ليس فقط ألزم وأهم، بل هو في حالة ترامب تعدى مرحلة أن مخه كشفه إلى مرحلة أن مخه ذاته موضع فضيحة عقلية.

منذ اليوم الأول لدخوله الحملة الانتخابية، وحتى اليوم، وهو تحت الفحص في العيادات النفسية ومراكز البحوث السياسية والاستخباراتية، كما هو تحت المراقبة اللصيقة للنواب في الكونجرس. نواب حزبه الجمهوري. ونواب الحزب الديمقراطي المعارض. يمكن في هذا السياق فهم حزمة السباب بالأم، والشتائم التي خاضت في تاريخه وشرفه، على نحو مكثف خلال الأسبوع الأخير، استخدمت فيها أشهر كلمة قذرة في الخطاب السياسي، وفي الشارع الأمريكي وفى أفلام هوليوود، كلمة مؤلفة من أربعة أحرف تبدأ بحرف ( (F لكنهم هذه المرة قرنوها بلفظة الأم Mother

لا بيدو أن ترامب مكترث بسب أمه به، بل هو مكترث في الحقيقة بأمرين: الإفلات من تحقيقات المدعي الخاص، التي تشير إلى قرب توجيه الاتهامات إليه بوجود تدخل روسي مخطط له، أدى إلى إضعاف موقف هيلاري كلينتون المرشحة المنافسة له في السباق الرئاسي عام ٢٠١٦.

الأمر الثاني، وبالأحرى الهاجس الثاني هو سور المكسيك !

منذ اليوم الأول لتوليه السلطة، وهو قرر بناء جدار عازل على الحدود بين أمريكا والمكسيك، وعلى حساب المكسيك! بلغة أثارت سخرية الرئيس المكسيكي والرفض لاحقا.

الفكرة متمكنة من دماغ ترامب لأنه يعتبر المكسيك المورد الأول للمجرمين إلى بلاده، وتجار مخدرات، والعاطلين، والمغتصبين، واللصوص، وغيرهم من الفئات المصنفة بأعلى درجات الخطورة.

ورغم مرور الوقت، حوالي عامين على توليه الحكم، بدت فكرة السور مستبدة به، فطرح أن يوافق الكونجرس على اعتمادات لتمويل بنائه، لكن الكونجرس راوغ، فرد عليه ترامب بإغلاق شبه كامل للحكومة الفيدرالية، يعني معظم الوكالات الاتحادية مغلقة، وتجميد المرتبات لأكثر من ٨٠٠ ألف موظف، من بينهم وزراء حكومته بالطبع!

دخل الإغلاق الجزئي يومه الثامن عاشر، اليوم الثلاثاء، الثامن من يناير ٢٠١٨ .

جرت مفاوضات ومساومات لفتح الحكومة وصرف مرتبات الموظفين، لكنه مصمم: "وافقوا أولًا على تمويل بناء السور"!

وبسبب من هذا العناد المفهوم بالطبع، لأنه يعكس طريقة تفكيره، وبنيته الذهنية وخبراته الحياتية، تلقى قبل يومين سيلا من السباب والشتائم في عرضه وعرض أمه، وفي عقله وعقل من حوله ممن يديرون أمريكا.

ورغم ذلك، أعلن أنه لا يكترث إن توقفت الحكومة عن العمل ما تبقى له من مدة الحكم !

في جلسات خاصة، كشف عنها مقربون دأبوا على تسريبات شديدة الخصوصية، يظهر ترامب الحقيقي.. حقيقي لأنه يسألهم عن مدى جدية وإمكانية عزله!

مسألة العزل، إذن، تدور في الخلفية من تفكيره، لكنها، وفي الوقت نفسه، ربما تعلل الكثير من الضجيج الذي يصنعه من وقت لآخر.

ضجيج من نوع سأنسحب فورا من سوريا، وأسحب نصف القوات من أفغانستان. لن أنسحب بسرعة من سوريا. سأبقى في العراق لضرب بقايا داعش في سوريا. هزمنا داعش وانتصرنا. داعش لا تزال موجودة، ويجب القضاء عليها، وتركيا ستتولى المهمة.

قوات عربية ستحل محل القوات الأمريكية في مهمتها بسوريا (وهذا هو الهدف من جولة بومبيو الحالية في الأردن والبحرين والسعودية والإمارات وقطر وعمان والكويت ومصر).

التخبط والعشوائية والتسرع سمات الحكم في البيت الأبيض الحالي، ويعتبر كثير من المحللين أن عام ٢٠١٩ هو عام اتخاذ الإجراءات العملية لعزل الرئيس.

العزل يعنى مساءلته بعد طرده من المكتب البيضاوي، وفي ذلك يتكاتف عليه كل الأعداء الذين صنعهم بلسانه الطويل المندفع: الإعلام بالطبع والديمقراطيون الذين يعتبرونه لص انتخابات ٢٠١٦، الحلفاء الذين باعهم أو ابتزهم. النساء اللاتي أسكتهن بالمال أثناء حملته الانتخابية. الصحف التي دفع لها. المطرودون والهاربون من إدارته..! لكن هل- فعلًا- سيعزل ترامب هذا العام من البيت الأبيض؟

الإجراءات السابقة سوف تستهلك العام الحالي والعام القادم الذى تبدأ فيه حملته الانتخابية الثانية لأربع سنوات أخرى.. حليفه الوحيد فيها أن معدلات البطالة تراجعت والوظائف توفرت والاقتصاد يتقدم !

وتلك بحق هي الورقة الرابحة، وترامب في القاموس تعنى الورقة الرابحة!

ترامب بحق نبي الشعبوية الجديدة .

إعلان