إعلان

حسابات "حماس" بشأن المصالحة

حسابات "حماس" بشأن المصالحة

محمد جمعة
09:00 م الثلاثاء 17 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

منذ إعلان حركة حماس، في سبتمبر الماضي، عن موافقتها على شروط الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المتمثلة في حل اللجنة الإدارية، والسماح بعودة حكومة الوفاق الوطني إلى قطاع غزة، وموافقتها على إجراء الانتخابات العامة بدون شروط، بدأت عجلة المصالحة تدور، حيث قامت الحكومة بعقد اجتماع لها في قطاع غزة، في الثالث من أكتوبر الجاري، ثم سرعان ما انعقدت بعد ذلك جولة الحوار الأولى بين حركتي فتح وحماس بالقاهرة يومَي 10، و11 من ذات الشهر.

وخلال تلك المباحثات أبدتْ حماس مرونة بدرجة كبيرة، أثارت الكثير من التساؤلات حول دوافع وحسابات الحركة إزاء الحراك الراهن بشأن المصالحة، وعن الأسباب التي تقف وراء تغيّر موقفها عن ذي قبل.

واقع الأمر أن زيارات وفود "حماس" إلى مصر، قبل ثلاثة أشهر، ربما شكَّلت مفاجأة لكثير من المراقبين، لكنَّ المعنيين والمتابعين عن كثب لتطورات هذا الملف كانوا يعرفون بأمر تلك الزيارات قبلها بوقت كافٍ.

- حماس يبدو أنها وصلت إلى قناعة بضرورة التخلي عن الحكم في قطاع غزة، لأن استمرارها سيعرضها إلى ما هو أسوأ، إلى حدِّ أنها أصبحتْ مستعدة لعدم المشاركة في الحكومة، والأكثر من ذلك أن ثمة مؤشراتٍ على أنها لا تنوي العودة إلى حكم غزة، في حال فشلت جهود المصالحة الحالية.

وهي تفضل بدلًا من ذلك الاحتفاظ بثقلها في المجلس التشريعي، والاكتفاء بأوراق القوى الأخرى التي بحوزتها، وهي كثيرة.

- حماس أيضًا قدمت تنازلات فيما يتعلق بالموظفين بصورة عامة، وبدرجات كبار موظفيها، تسهيلًا لدمج الموظفين بما لا يمس بوظيفتهم ومصدر رزقهم، وذلك من أجل الحفاظ على بقائها ودورها السياسي والعسكري، وخصوصًا سلاح "القسام"، مع استعدادها لتنظيمه وضبط إدارته، لدرجة أن قادة الحركة تحدثوا عن تشكيل جيش وطني، أو مجلس عسكري وطني.. فما يهم حماس أن تشارك في قرار السلم والحرب، عبر أي صيغة يُتفق عليها من خلال مجلس وطني موحد، أو تفعيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة، أو أي صيغة أخرى.

- بالطبع حماس لم تصل إلى تلك القناعات إلا بعد مخاض عسير استمر لسنوات، تحمل فيها أهل غزة الكثير والكثير من ويلات الحروب والدمار، ومن الحرمان وذل الحصار.

- لقد وصلت "حماس" إلى هذة القناعة بعد أن حاولت القيام بمسئولياتها كسلطة إلى حدِّ السعي لعقد اتفاق غير مباشر مع إسرائيل بوساطة قطرية تركية، وبمشاركة أطراف دولية، يحافظ على بقاء سلطتها.

لكنها اصطدمت بأنها إذا أرادت ما هو أكثر من "معادلة هدوء مقابل هدوء".. أي ميناء ومطار ورفع الحصار، فعليها أن تقدم أكثر، وأن تقوم بهدم الأنفاق ووقف تطوير السلاح والحصول عليه، وأن توافق على شروط اللجنة الرباعية.

- الآن حماس تنازلت على المستوى الداخلي وفي سياق العلاقة مع غريمتها "فتح"، لكنها لم تستسلم !!

- فهي تراهن على أن تراجعها خطوة إلى الوراء سيفتح الطريق أمامها من أجل التقدم خطوات إلى الأمام، من خلال الاعتراف بدورها عربيًا وإقليميًا ودوليًا (وإسرائيليًا). فهي تملك أوراقا قوية.
- أولاها أنها ستظل – في المدى المنظور على الأقل - الطرف القوي في قطاع غزة ولا بديل عنها لضبط الأمن والاستقرار سوى الفوضى والجماعات السلفية والمتشددة، لأن "فتح" غير جاهزة، حيث تستنزفها الخلافات والصراعات، فضلًا عن أن جزءًا كبيرًا من موظفي السلطة الذين استنكفوا بالقرار وجلسوا في بيوتهم أو مارسوا أعمالًا أخرى، باتوا غير مناسبين أو مؤهلين للعودة لتسلم وظائفهم السابقة، وأن السلطة تحتاج لوقت وموارد لتعيين موظفين بدلًا منهم، وهذا يعني أنها ستضطر للاعتماد على موظفي "حماس".

بمعنى أن حماس تراهن على أن السلطة غير جاهزة لتسلم الوزارات والأجهزة الأمنية والحدود والمعابر، وإلى حين اشتداد عودها ستعتمد على موظفي "حماس"، بمن فيهم قادة وأفراد الأجهزة الأمنية.

والأهم من كل ما سبق، أن حماس يبدو أنها تراهن على ترك السلطة وغريمتها "فتح" تغرق في أوحال "صفقة القرن" التي يُقال عنها.. ولعلها تعمل على تجهيز نفسها لوراثة الجمل الفلسطيني بما حمل.

إعلان