إعلان

من دلائل النبوة: لهذه الأسباب القرآن الكريم معجزة الرسول "الخالدة"

05:54 م الأحد 25 أكتوبر 2020

القرآن الكريم

كتبت – آمال سامي:

تحدث الدكتور عبد الحليم محمود رحمه الله، شيخ الأزهر الاسبق، عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابه "دلائل النبوة ومعجزات الرسول" موضحًا أن كل الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى أيدهم بمعجزات تثبت نبوتهم، لكن الفارق أن معجزات الأنبياء السابقين كانت وقتية وبالتالي معرضة للنسيان السريع، وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ذلك النوع من المعجزات، وبين معجزة أخرى، وصفها عبد الحليم محمود بـ "المعجزة الكبرى" وهي القرآن الكريم...

يقدم عبد الحليم محمود مفهوم المعجزة كما عرفه ابن خلدون في مقدمته عن علامات الأنبياء: "ومن علاماتهم أيضًا وقوع الخوارق لهم شاهدة بصدقهم وهي أفعال يعجز البشر عن مثلها فسميت بذلك معجزة، وليست من جنس مقدور العباد وإنما تقع في غير محل قدرتهم"، وهو ما يراه عبد الحليم محمود متحققًا في القرآن الكريم فهو أوضح المعجزات دلالة وأشرفها على الإطلاق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من نبي من الأنبياء إلى قد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحي الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة"، وهو ما يعني أن معجزة القرآن باقية ما بقيت الدنيا، بعكس معجزات الأنبياء السابقين.

لماذا كانت معجزة الرسول الكبرى "القرآن الكريم"؟

"لما غلب السحر في زمن موسى عليه السلام جاءهم بجنسه في معجزاته ففلق البحر وألقى العصا، ولما غلب الطب في زمن عيسى عليه السلام جاءهم بجنسه فأحيا الموتى وأبرأ الأكمه، ولما غلبت الفصاحة وقول الشعر والنظم والنثر في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم جاءهم بالقرآن"، يقول ابن الجوزي في مطلع حديثه عن معجزات الرسول في كتابه "الوفا بأحوال المصطفى"، أما أوجه اعجاز القرآن فيوضحها عبد الحليم محمود قائلًا إن القرآن معجز من عدة أوجه:

1- ما يشتمل عليه من فصاحة وبلاغة في الإيجاز والإطالة.

2- مقارنته لأساليب الكلام وأوزان الأشعار، وهذان الوجهان وقف العرب متحيرين أمام معجزة الرسول الكبرى وعجزوا عن الأتيان بمثلها واقروا بفضلها.

3- ما تضمنه القرآن من أخبار الأمم السابقة وسير الأنبياء التي عرفها أهل الكتاب، على الرغم ان الذي جاء بالقرآن "أميًا" لا يكتب ولا يقرأ ولا علم له بتلك الأخبار.

4- إخبار القرآن عن العيوب المستقبلية التي تدل بقطعية على صدقه لوقوعها على ما أخبر، ومن ذلك قوله تعالى: "لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين" وقوله في أبي لهب وزوجته: "سيصلى نارًا ذات لهب، وامرأته..." وهو دليل على أن كلاهما يموت على الكفر وهذا ما حدث بالفعل.

5- ان القرآن الكريم محفوظ من الاختلاف والتناقض، فقال تعالى: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا"، وقال: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".

ويلفت ابن الجوزي النظر إلى أمرين آخرين ذكرهما في كتابه "الوفا.." وهما أن معجزات الأنبياء ذهبت بوفاتهم لكن ظلت معجزة القرآن قائمة للأبد ليظهر صدقه بعد وفاته، وليس صدقه وحده بل صدق الأنبياء جميعهم قبله أيضًا فهو مصدق لهم ومخبر عن حالهم، والأمر الآخر أن القرآن اخبر أهل الكتاب أن محمد مذكور عندهم في التوراة والإنجيل، وشهد لحاطب وبالإيمان ولعائشة بالبراءة، يقول ابن الجوزي: "فلو علم حاطب وعائشة من أنفسهما خلاف ما شهددد لهما به نفرًا عن الإيمان".

وينقل لنا عبد الحليم محمود في كتابه ما ذكره الكاتب الفرنسي "اتيين دينيه" الذي أسلم وحج إلى بيت الله الحرام وله مؤلفات كثيرة في الإسلام، عن إعجاز القرآن الكريم، مؤكدًا نفس المعنى السابق من أن معجزة القرآن الكريم ليست وقتية بل هي معجزة خالدة، حيث ذكر دينيه: "في هذه المعجزة نجد التعليل الشافي للانتشار الذي أحرزه الإسلام، ذلك الانتشار الذي لا يدرك سببه الأوروبيون لأنهم يجهلون القرآن، أو لأنهم لا يعرفونه إلا من خلال ترجمات لا تنبض بالحياة فضلًا عن أنها غير دقيقة".

موقف المشركين من القرآن الكريم

تعددت الروايات التي تثبت عجز المشركين عن مضاهاة القرآن وكذلك عن اتهام الرسول بأنه يختلقه أو انه شاعر أو كاهن أو مجنون، ومن تلك الروايات عن الوليد بن المغيرة، عدو الإسلام اللدود، الذي اجتمع لديه زعماء قريش ليتفقوا على كلمة واحدة يقولوها في محمد في حضرة وفود العرب التي تأتي لمكة في ذلك الموسم، حتى لا يكذب بعضهم بعضًا، فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيًا نقل به. قال: بل أنتم فقولوا أسمع.

قالوا: نقول كاهن! قال: والله ما هو بكاهن. لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه.

قالوا: فنقول مجنون! قال: فما هو بمجنون. لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا وسوسته.

قالوا: نقول شاعر! قال: فما هو بشاعر، لقد: عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر .

قالوا: فنقول ساحر! قال: ما هو بساحر. لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم.

قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟

فقال: إن لقوله لحلاوة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا هو ساحر، جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه، بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته.

وعلى الرغم من ذلك لم يسلم الوليد بن المغيرة، بل نزل فيه قوله تعالى: " إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَر،ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَر، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ،فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ"

موضوعات متعلقة:

من دلائل النبوة: سجود الجمل للرسول وانقياده له

في شهر ميلاد الرسول.. تعرف على مفهوم "دلائل النبوة" وأبرز ما ألف فيها

في ذكرى مولده: "سيد ولد آدم" كيف كان نسب الرسول من دلائل نبوته؟

من دلائل النبوة: المعجزات الحسية ومنها "انشقاق القمر"

فيديو قد يعجبك: