إعلان

جلال الدين السيوطي.. "ابن الكتب" الذي اتهمه خصومه بسرقة المؤلفات.. فماذا كان رده؟

08:14 م الأربعاء 03 أكتوبر 2018

جلال الدين السيوطي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - سارة عبد الخالق:

عرف بالعالم الموسوعي.. ولقب بابن الكتب.. وأتم حفظ القرآن الكريم وهو دون الثامنة.. اعتزل الحياة العامة وتفرغ للعبادة وتأليف الكتب.. عرف عنه عدم التملق ورفض التقرب لسلاطين المماليك الذين عاصرهم، واتهمه خصومه بسرقة بعض المؤلفات، إنه: عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد سابق الدين خضر الخضيري الأسيوطي المشهور باسم (جلال الدين السيوطي).

عرف الإمام جلال الدين السيوطي بالعالم الموسوعي، ولد مساء يوم الأحد غرة شهر رجب من سنة849 هـ، الموافق 3 أكتوبر من عام 1445م، في القاهرة، من أم عربية كما جاء في (عروبة الإمام السيوطي)، وسمي السيوطي نسبة إلى مسقط رأس والده (أسيوط) التي رحل منها إلى القاهرة لطلب العلم، وكانت أسرته مشهورة بالتدين والعلم، وكان أبوه من العلماء الصالحين الذين يتمتعون بمكانة عالية حتى أن هناك الكثير من أبناء العلماء أخذوا العلم على يديه.

تربى السيوطي يتيماً بعد وفاة والده وهو عند سن السادسة من العمر، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو دون الثامنة من عمره، وقد اهتم عدد من العلماء من أصدقاء والده به ورعاوه، منهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، حتى أنه ترك أثرا كبيرا في شخصية السيوطي خاصة فيما يتعلق بابتعاده عن السلاطين وأصحاب النفوذ في البلاد.

قام جلال الدين السيوطي بالعديد من الرحلات العلمية منها: زيارته بلاد الحجاز واليمن والهند والمغرب الإسلامي وغيرها، واهتم بدراسة الحديث، ثم تفرغ للعبادة وتأليف الكتب عند سن الأربعين.

وعن أسباب اعتزال الإمام السيوطي للحياة العامة جاء في كتاب (مختارات من علوم القرآن الكريم) لتركي بن الحسن الدهماني ما يلي: "لعل هناك أسباب دعت الإمام السيوطي إلى أن يعتزل الحياة العامة، أول هذه الاعتزال كان مؤقتا، فهي بضعة أشهر، وكان رحمه تعالى قد بلغ الأربعين ،وسببه أنه مال إلى الزهد والعبادة، وألف أثناء ذلك ذلك مقامته اللؤلؤية التي تسمى (التنفيس في الاعتذار عن ترك الفُتيا والتدريس)، مضيفا: "أن اعتزاله الثاني كان بعد عزله عن مشيخة البيبرسية في عام ست وتسمعائة، وقد صمم في هذه المرة على عزلته وانقطاعه حتى وفاته عام 911 هـ".ع

وأشار قائلا " ذكر خصوم السيوطي رحمه الله تعالى: قال الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله، ذاكرا ما تعرض له من بعض دخصومه: "ذكر نعمة الله علي في أن أقام لي عدوا يؤذيني وابتلاني بأبي جهل يغمصني كما كان السلف مثل ذلك"، وأضاف الكاتب "قلت لا عجب والله ان يكون لهذا الإمام المتبحر خصوما. فقد تألب عليه معاصروه من علماء عصره، وطعنوا فيه، ورموه بما ليس فيه حسدا من عند أنفسهم وحقدا عليه، فإنه لا ريب منافس قوي، وهو جدير بأن يكون شيخهم فقد اشتهرت مؤلفاته في الأفاق، وليس عند هؤلاء الذين طعنوا في مؤلفاته بأن قالوا فيها: بأنها مجرد سرقات".

وأوضح تركي بن الحسن الدهماني في كتابه قائلا: "من هؤلاء الخصوم بل من أشدهم عداء للإمام السيوطي هو البرهان الكركي، واحمد بن محمد القسطلاني، والشمس الجوجري، وإن كان أشد خصومة وأعنفها كانت مع شمس الدين السخاوي الذي أتهم الإمام بسرقة بعض المؤلفات، وانتسابها إليه، ولم يقف السيوطي يسمع هذا الكلام ويسكت، بل كان يرد على من تطاول عليه بالكذب والبهتان، فألف رسالة بديعة في الرد على السخاوي وأسماها (مقامة الكاوي في الرد على السخاوي) نسب إليه تزوير التاريخ، وأكل لحوم العلماء، والقضاة ومشايخ الإسلام".

عاصر السيوطي العديد من سلاطين المماليك لكن كانت علاقته بهم متحفظة، وفي أغلب الأوقات المقاطعة، ذكر الكاتب عثمان على عطا في كتابه (مجالس الشورى فى عصر سلاطين المماليك) موقفا حدث بين جلال الدين السيوطي وأحد السلاطين قائلا: "كان السلطان أحيانا يستغل صعود القضاه لتهنئته بأول الشهر، ويحاول أن يأخذ منهم فتوى ضد أحد العلماء الذين لا يتقربون إليه مثل السلطان "الأشرف قايتباي" الذي غضب من عالم العصر الإمام "جلال الدين السيوطي" المتوفى عام 911 هـ - 1505 م، لأنه لميقم بزيارته أثناء مرضه في رمضان (890 هـ - 1485 م)، فقد صعد إليه معظم العلماء لتهنئته بالشفاء ماعدا السيوطي".

وأضاف الكاتب قائلا: "ومع أن السلطان أرسل إليه يطلبه لزيارته، فإنه رفض، فأرسل إليه مرة أخرى يهدده إن لم يصدع لأمره، فلم يخضع السيوطي لتهديده، وعندما صعد القضاة لتهنئة السلطان، بأول ربيع ( 891 هـ - 1486 م) استفتاهم في أمر رفض السيوطي الصعود إلى السلطان، فأفتوه بأن الدخول العلماء للملوك سنة السلف الصالح، مخالفين بذلك ما ذهب إليه السيوطي، ومع ذلك لم يخضع السيوطي لهم، وتمسك برأيه، وألف كتابا في الرد على فتواهم، وسمه بـ (رواية الأساطين في عدم المجيء للسلاطين)، فتحمل قايتباي منه ذلك وعامله بلطف".

ألف السيوطي عددا كبيرا من الكتب والرسائل، قال عنه ابن إياس في "تاريخ مصر" أن مصنفات السيوطي بلغت "ستمائة مصنف"، ومن هذه المصنفات: الإتقان في علوم القرآن، أسرار ترتيب القرآن ، تحفة الأبرار بنكت الأذكار النووية ، رسائل الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في نجاة والدي النبي ، طبقات المفسرين ، ألفية السيوطي ، التحدث بنعمة الله الذي تحدث فيه عن بعض علومه وترجمته، حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك ، الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء ، مصباح الزجاجة على سنن ابن ماجة (شرح سنن ابن ماجه) ، شرح السيوطي على سنن النسائي، معجم مؤلفات السيوطي، وغيرها الكثير.

وقد توفى الإمام جلال الدين السيوطي عام 911 هـ - رحمة الله عليه - .

فيديو قد يعجبك: