إعلان

إلهام شاهين لـ مصراوي: قتل النفس استجابة للشيطان وكبيرة من الكبائر

الدكتورة إلهام محمد شاهين

إلهام شاهين لـ مصراوي: قتل النفس استجابة للشيطان وكبيرة من الكبائر

02:53 م الخميس 21 نوفمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كتب- محمد قادوس:

لا يكاد يمر شهر إلا ويطالعنا خبرٌ صادم عن واقعة انتحار مأساوية لمصابٍ بالاكتئاب أو مصاب بمرض نفسي يعاني منه، وقد يتضاعف الصدمة تكرارا عندما يكون المنتحر من وضع ثقافي واجتماعي.

وقد تثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي المصري في وفاة بعض الشباب، من المرجح أن وفاتهم تكون بالانتحار، ومع كل واقعة انتحار جديدة يثار الجدل حول حكم الدين في المنتحر.

قالت الدكتورة إلهام محمد شاهين، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات "لمصراوي" إن عمليات انتحار الشباب التي انتشرت نسبيا في مجتمعاتنا الإسلامية والتي قد يرجع السبب فيها إلى جهل بعضهم بالحكم الإلهي على المنتحر الذي يقضي على نفسه ويحكم عليها بالموت دون أن يكون له الحق في ذلك ظانا بالله ظن السوء وبأن له الحق في أن يتصرف في نفسه كيف شاء ولا يعلم أن الله ساوى في تحريم فتل النفس بين قتلك لنفسك وقتلك لنفس غيرك لأنها كلها أنفس ملك لله وليس لأحد الحق في إهلاكها إلا للحاكم بالقصاص والذي جعله الله للحياة لأن بالقصاص يقتل القاتل فقط ولا يتعدى القتل إلى غيره .

وأضافت شاهين أن قتل النفس وما يسمى بالانتحار والذي يأتي نتيجة استجابة للشيطان الذي يريد أن يكثر من أتباعه ومن المخلدين معه في جهنم فهو ما ورد تحريمه والحكم عليه بأنه كبيرة من الكبائر التي نهى الله ورسوله عنها وحذر من خلود صاحبها في النار، ونظرة على ما ورد من أحاديث صحيحة وصريحة للرسول صلوات ربي وسلامه عليه تبين لنا أنه لم يدع شاردة ولا واردة للنفس الأمارة بالسوء ولا للشيطان في أمر المنتحر وطرق الانتحار إلا ونبهنا إلى أن الله يعلمها وسيحاسبنا عليها ويعاقب بشدة من يقدم عليها ومن ذلك .

أولا: من يقتل نفسه متعمدا بأي أداة أو وسيلة من وسائل القتل فعن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى – أي شرب - سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فيها أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَديدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ –أي يطعن نفسه - بِها في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا .والذى يتقحم فيها –أي ينتحر بالحرق - فهو, يتقحم في النار، والذي يخنق نفسه ، يخنقها في النار".

واستشهدت ممساعد الأمين العام للمجمع البحوث الإسلامية بما ورد عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه بشيء في الدنيا، عذب به يوم القيامة في نار جهنم".

ثانيا: من انتحر يأسا من شفائه لمرض أصابه أو لعدم تحمله لآلام الداء أو انعدام وجود الدواء فأيضا هو استعجال للموت وتضييع لثوابه السابق في تحمل الآلام بنفاد الصبر ولن ينفعه عمله السابق حتى لو بلغ مبلغ الصحابة ودرجتهم في الصبر والجهاد ومن ذلك حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، فَقالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلامَ: (هذا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلَمّا حَضَرَ الْقِتالُ قاتَلَ الرَّجُلُ قِتالاً شَديدًا فَأَصابَتْهُ جِراحَةٌ، فَقِيلَ يا رَسُولَ اللهِ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّه قَدْ قاتَلَ الْيَوْمَ قِتالاً شَدِيدًا، وَقَدْ مَاتَ، فَقالَ صلى الله عليه وسلم: إِلى النَّارِ قَالَ فَكادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتابَ؛ فَبَيْنَما هُمْ عَلى ذلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلكِنَّ بِهِ جِراحًا شَدِيدًا، فَلَمّا كانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلى الْجِراحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ: فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذلِكَ، فَقالَ: اللهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلالاً فَنادى في النَّاسِ: إِنَّه لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفاجِرِ). فلابد من الصبر والتحمل وأن يسلم الإنسان نفسه لله ولا يتصرف فيما يملكه الله .

وأضافت شاهين في تصريحاتها لـ مصراوي: ليس هذا في الإسلام فقط بل هذا حكم الله في الأمم السابقة أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كَانَ فيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِها يَدَهُ فَما رَقَأَ الدَّمُ – نزف - حَتّى مَاتَ، قَالَ اللهُ تَعالَى بادَرَنِي عَبْدي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).

ثالثا: من انتحر بطريق غير مباشر للإفلات من عقوبة النار فالله يعلم ما في نفسه ويحاسبه ويعاقبه، كمن يسير في طريق سيارات مسرعة أو يركب البحر وقت خطورته وارتفاع أمواجه، أو ينام في مكان غير آمن معرضا نفسه للتهلكة ؛ أملا في التخلص من الحياة ؛ وأمن العقوبة, فلا يطمع في ذلك, فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من بات على ظهر بيت ليس عليه حجاب - وفي رواية: حجار - فقد برئت منه الذمة " أي نام على ظهر بيت ليس له حاجز أو سور معرضا نفسه للسقوط وهو نائم فقد برئت منه ذمة الله ورسوله أي انقطع العهد الذي بينه وبين الله له بالحفظ قال القاضي: معناه من نام على سطح لا ستر له فقد تصدى للهلاك ، وأزال العصمة عن نفسه وصار كالمهدر الذي لا ذمة له ، فلعله ينقلب في نومه فيسقط ويموت مهدرا.

وأيضا فإن لكل من الناس عهدا من الله تعالى بالحفظ والكلأ، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة انقطع عنه. وقال بعضهم: معناه لم يبق بيننا وبينه عهد.

وفي رواية: (من بات فوق بيت ليس حوله شيء يرد قدميه فوقع فمات فقد برئت منه الذمة ومن ركب البحر بعدما يرتج فمات، فقد برئت منه الذمة). ويدخل في هذا من يعرض نفسه للأخطار دون سبب قوي.

أما الدعاء للمنتحر فهذا ما لا يمكن أن نمنعه أو نقول بحرمته، فهو طلب الخير للغير، وهو أمر لا بد منه بل نطلب الرحمة لأنفسنا ولكل الناس ومنهم المنتحر.

إعلان