إعلان

في "دولة المطرية".. الإرهاب رايح جاي

08:33 م الخميس 01 يناير 2015

المظاهرات لم تتوقف فى المطرية منذ اندلاع الثورة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

بالعاصمة، كانت في المطرية تتجلى مصر؛ تفاصيلها المتنوعة، موقعها، كثافتها السكانية، قل إن شئت لا يخلو منزل من اجتماع متبني الآراء السياسية المختلفة تحت سقفه؛ مما جعلها أكثر مناطق القاهرة اشتعالا بالأحداث خلال العام، فطبيعة المنطقة مؤهلة لذلك ولها في ثورة يناير ميراث؛ فقد لقى أكثر من 25 شخص مصرعه في جمعة "الغضب"-28 يناير، ليظل ذلك اليوم رغم مرور ثلاثة أعوام ميعاد سقوط ضحايا جديدة.

في واحد من أكثر الشوارع المعروفة بمرور التظاهرات بها، اتخذنا "ترعة الغزالي" نموذجا، وهو شارع تجاري بالأساس. يسكن جيران، تشملهم الحياة به منذ نشأتهم، كلٌ حسب عمره، كل منهم يتبنى الحد الأقصى لرؤيته، يجمعهم القلق من الحديث عن التظاهرات باعتبارها شأن سياسي إلا لمن اطمأنوا له خلافا للأعوام السابقة؛ خوفا من التعقب الأمني، حسب قولهم، لا يتفقون إلا في رأيهم عن تمركز المنطقة "موقع المطرية زي موقع مصر من العالم" كما يقول بيشوى مكرم صاحب محل الملابس الثلاثيني بوجه مبتسم، لذلك تعظم بها الأحداث، خاصة مع اقترابها من ميدان رابعة العدوية، وسقوط عدد من أهل المنطقة بفض الاعتصام.

ما أن تمر المسيرة يتخذ الأشخاص الخمسة موقف حال أهالي المطرية؛ يقسمها أحمد السيوفي، ابن السابعة والعشرين عاما، إلى ثلاثة فئات خلاف المتظاهرين؛ المؤيد وهو منهم يكتفي بتبادل رفع إشارة رابعة ويتلفظ بكلمة "ربنا معاكم"، و"المرشدين" كما يصفهم، ويتولون إبلاغ الأمن بتحركات المسيرة لمنعهم والقبض على من فيها، وأخيرا الناقم على المظاهرة، وهؤلاء درجات، بدء من الامتعاض كأضعف رد فعل، إلى استخدام السلاح، الذي يصرح "السيوفي" أنه كان من الطرفين، لكنه يرى أن جانب المسيرة قد يتواجد شخص بشكل فردي للحماية "يعني يضرب عليهم نار ويسكتوا" حسب قوله.

حسام

باستثناء الأسابيع الأخيرة من شهر ديسمبر، حيث أصبح الأمن يوأد المسيرات قبل تجمعها في ميدان المطرية حسب تأكيد "محمد مصطفى" –أحد من شاركوا بالمظاهرات، حينما كان يسمع عبد المنعم الكاجي هتاف "يسقط حكم العسكر" يتأكد له رؤيته أن العابرون "جهلة" حسب وصفه، لا يعرفون ماذا تعني تلك الكلمة، وأن ما يفعلونه ما هو إلا "نوع من الإزعاج"، وعند فض المسيرة واشتعال النيران وسماع دوي "الخرطوش" ينفي فعل ذلك عن الإخوان قائلا بحزم أستاذ جامعة بالأزهر "ده أسلوب جهادية سلفية.. الإخوان منهجهم القتل من وراء الجدران"، ومع مجيء الحديث عن وقوع ضحايا ينطلق حسام الدين مصطفى -صاحب شركة غاز- بتأكيد احترام "أهالي الشهداء" لكن كيفية أخذ الحق لا يكون "بلوي الدراع" حسب وصفه لأسلوب التظاهرات.

عبد المنعم

"المسلة، التعاون، الترولي" مناطق يحددها الرجل الخمسيني الدارس للفلسفة بالأزهر لوقوع الاشتباكات في المطرية، والسبب كما يقول يرجع إلى تواجد "ذيول الحزب الوطني"، فيما يعود بميدان المطرية إلى "الباعة الجائلين والبلطجية" حسب قوله، وفيما يؤكد رؤية السلاح في أيدي بعض المتظاهرين، يقاطعه صاحب شركة الغاز مشيرا إلى تعمد استفزاز المتظاهرين للأهالي الذين يتصدون لهم قبل أن يتلقفهم الأمن قائلا بحده "يعني أشوف حد ماسك سلاح وأسكت ده لو أنا مكنتش عايز اعمل حاجة لما شوف كده هاعمل".

لا يعلم أحد بأمر مشاركة "السيوفي" فترة ما في التظاهرات لرفضه الأوضاع، وسقوط كثير من الضحايا،  التي لمس جزء منها في سجن صديق له تم القبض عليه لصداقته لاحد الأشخاص المطلوبين دون أن يتورط في شيء وفقا له، غير أنه توقف بعد أحداث رمسيس، لفقدانه الأمل من جانب أن "النظام الحالي سيطر"، ومن أجل عائلته من ناحية أخرى، حتى رفيقه "مكرم" صاحب المحل المجاور له لم يكن يعلم شيئا، ففي الوقت الذي يؤكد كثرة عدد المشاركين في المظاهرات وأن أغلبهم لا ينتمي "للجماعة"، يوافقه صديقه الثلاثيني في ذلك، لكن يرى أن ليس جميعهم من أهل المطرية "بدليل العربيات اللي بتيجي الأربعاء والخميس" حسب قوله، يراهم مأجورين كما أستاذ الأزهر، وصاحب "الغاز".

لا يتعصب "مكرم" ضد الإخوان لحد العداء، فدائما ما يحتكم للمعاملة معه، فإن حسنت قابلها بالمثل، لكنه طيلة العام كان يتعمد تأخير ميعاد فتح محله المقابل للمسجد، الذي يداعب بقول "أنا اتولدت قدامه"، ليس للصلاة كما اعتاد، لكن لانتهاء المظاهرات، فطالما انتابه القلق بوقوع المشاكل التي كانت كثيرا ما تحدث بسقوط مصابين وقتلى، ورغم ذلك ما صدق يوما الكلمات القائلة بأن المشاركين في المظاهرات إرهابيين قائلا بحزم "أهل المنطقة عمرهم ما يكونوا إرهابيين"، ولا ينكر الواصف لنفسه "بكره حاجه اسمها مبارك" وجود قتلى من جيران المطرية سقطوا دون ذنب أثناء فض اعتصام رابعة العدوية وما بعدها، وهو السبب لاستمرار التظاهرات لكنه لا يجد في ذلك حلا، بل بالقانون "ولما الدنيا تهدى".

وبينما يتمسك كل من الثلاثي بوجهة نظره، استمات "مصطفى" المهندس المعماري في المشاركة بالتظاهرات، التي لم يبرحها إلا بعد ذكرى ثورة 25 يناير 2014 وهى الوقوف في الصف المعارض للفساد المتراكم، الذي تشهده البلاد لأكثر من 40 عاما، حسب قوله، ، لا ينتمي الشاب الثلاثيني لجماعة الإخوان حسب تأكيده، حتى أنه لم يعرف عن تاريخهم وتفكيرهم شيء إلا بانتخابات 2012، التي أعطى صوته بها حال كثير ممن انضموا لصف الثورة إلى "محمد مرسي"، فقط من أجل عدم عودة أي شيء ينتمي لمنظومة "مبارك" وفقا له.

يعتبر "مصطفى" أنه من الوضح وجود "فترة استنساخ" لما قبل الثورة، ووقوف القوات المسلحة مع عزل "مرسي" ما كان إلا ميراث سنوات فساد لم تسلم منها أي مؤسسة –حسب وصفه- وما استبعاد الرئيس المنتخب الأول "لأنهم مش عايزين الشعب يبقى له كلمة"، مشيرا إلى أن كل الأمور تمهدت لما آلت إليه الأوضاع، وأن الأعلام كان جزء كبير منها، للمرحلة التي يتم تخوين من يشارك بالمظاهرات المعارضة.

بينما يقسم محمد أحمد الشاب العشريني مشاهدته غير مرة لمتظاهرين يحملوا السلاح داخل دروب الحي الشعبي، كان "مصطفى" ينفي كل ما يقوله جيرانه عن تواجد مسلحين بالمسيرات بالمطرية قائلا "لو كنت شوفت سلاح واحد مكنتش نزلت"، مضيفا أن إيمان من بالمظاهرات الذين لا ينتمون جميعهم وفقا له لجماعة الإخوان "أنه بيجي على الشعوب وقت تتحمل فيه المسؤولية.. والناس عندها غضب شديد من اللي حصل في رابعة"،  لكن في الوقت ذاته يوضح أنه بطبيعة الحال لا يمكن التحكم في رد فعل الجميع، كما المؤيدين للنظام، فعند الغضب يتوقف الزمن، ذاكرًا عندما قامت سيدة بقذف المتظاهرين بمياه ساخنة لم يتمالك بعضهم أعصابه فقذفوا شرفتها بالحجارة.

25 يناير 2014 كان الأصعب بين مشاركاته، سقط في تقديره مالا يقل عن 25 شخص، يتأثر صوته متذكرا ثوان رؤية شاب لا يعدي 18 عاما، يحاول رفاقه حمله لتصعد روحه إلى بارئها وهو على يدهم، بعد أن نالت منه رصاص الأمن الحي حسب قوله، وتلك السيدة التي زغردت بعد وفاة شاب أسفل شرفتها؛ توقف المهندس المعماري عن النزول، الخوف على عائلته دفعته لذلك، قرر الانشغال حال جيرانه بأعماله، يتابع أخبار المسيرات التي قلت أعدادها، يستشعر بغضب لازال يسكن القلوب، غليان مستمر طالما العدل غائب، لكن لديه يقين في التغيير بعد عشرة أعوام "وده في عمر الأمم مش كتير"، فالخمسة أشخاص يأملون في غذ أفضل للبلاد، كلا وفقا لرؤيته.

 

تابع باقي موضوعات الملف:

إرهاب 2014.. ما تيسر من سيرة الخايفين (ملف خاص)

2015_1_1_23_41_48_973

بعد 21 عامًا.. مصراوي يسترجع تفاصيل اغتيال ''الشيماء'' ضحية إرهاب التسعينيات

3maavoy1

حينما يتحول المواطن إلى ''إرهابي'' بدون أسلحة أو تنظيم

4dahej80

في 2014.. الرعب يبدأ من "يوم الجمعة والمترو والكاميرا"

9ejbxto8

بسمة عبد العزيز تحلل نفسية المصريين: المواطن مفعول به.. بمزاجه (حوار)

79rx28wm

7 وزراء داخلية واجهوا ملف "الإرهاب".. (ملف تفاعلي)

29zm4al7

من الإعلام إلى المواطن: ''سنة سودة يا جميل''

2utsww22

حكايات على الهامش.. اللي يجاور الإرهاب ينكوي بناره

30t31wkr

مدير مفرقعات القاهرة: من يطلق خبرا كاذبا عن وقوع انفجار "عدو لمصر" (حوار)

m9gjl4wn

الإنترنت 2014.. شبكة ''معلومات'' و ''إرهاب'' أيضا!

1fcaut1t

ناجح إبراهيم: الشباب في حاجة للوقاية من التطرف.. وداعش تقرأ الإسلام من نعله (حوار)

nwxw6wlk

"زمن الإرهاب الجميل".. وما أدراك ما التسعينات.. (ملف تفاعلي)

e4x2f492

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: