إعلان

حكايات على الهامش.. اللي يجاور الإرهاب ينكوي بناره

08:42 م الخميس 01 يناير 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-يسرا سلامة وإشراق أحمد:

منذ إعلان الحرب على الإرهاب، لم يتوقف الحديث عن المعركة التي تخوضها البلاد من أجل الاستقرار، إعداد العدة والعتاد من الأسلحة في سيناء، والانشغال بحماية المنشآت الرسمية، فيما كان هناك أشخاص على الأرض ذاتها، يخوضون معاركم، المادية والأمنية تارة، والفكرية تارة أخرى، التي نجمت إما جراء تلك "الحرب"، أو سبق أن بدأت من قبل، لكن مع دفع الأمور بقى الحال كما هو عليه، ليقعوا جميعا "على الهامش" من الالتفات إليهم، ومن حالفه الحظ فقط هو من يعود لسابق عهده "والحال يمشي".

السياحة تنزف

ما لبثت السياحة أن تتعافى إلا وداهمها إعلان الحرب على الإرهاب، لتستطرد على مدار عام سلسلة انفجارات اختلف حجمها وتأثيرها، ولم تختلف سلبية تأثيرها.

لم يكن قرار ترك العمل بالسياحة والسفر خيارا لـ"عمرو حكيم"، ابتعد عن المجال بسبب تردي الأوضاع وانخفاض الرواتب مما يعني عدم الاستقرار، تخرج "حكيم" في كلية السياحة والفنادق بنفس عام اندلاع ثورة يناير، لم يجد وقتها عملا في مجال تم ضربه مع الدعوة لأول تظاهرة، ليعمل في إحدى شركات الاتصالات.

انقطع أمل "حكيم" بالعودة للسياحة بعد أن بات معناها "يجي السائح من المطار للفندق والعكس"، حيث أصبحت الزيارات الخارجية نادرة، خاصة بعد أزمة خطف السائحين في سيناء، وغرق "النيل كروز" في الأقصر، لذلك غادر الشاب العشريني البلاد بحثا عن فرصة عمل بالخارج، فيما استمرت أزمات السياحة تزاحم رفقائه؛ فقد أغلق الفندق الذي كان يعمل به –قبل تركه السياحة- لمدة أربعة أشهر عقب 30 يونيو، ومكث زملائه في المنزل، تصلهم جزء من الرواتب عبر البريد حوالي 500 جنيه "حاجة زي المعونة" حسب قوله.

وفقا لتقرير صادر من وزارة المالية في ديسمبر الماضي، فإن أعداد السياح الوافدين لمصر تراجع خلال شهر سبتمبر الماضي إلى 884 ألف سائح، ليظهر التعافي في الربع الثالث من عام 2014، ليقفز المعدل إلى 69.7% ويبلغ 10 مليون سائح بنسبة تصل إلى 20% عن العام الماضي، والتي تعتبر أرقام "هزيلة" مقارنة بما قبل الثورة، وشهد النصف الثاني من العام تحسن ملحوظ عقب الانتخابات الرئاسية.

"إحنا بننحت في الصخر عشان السياحة ترجع زي الأول" يقول عبد الرحمن أنور عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية، مؤكدا أن نزيف السياحة في مصر لم يتوقف، وأن شعار الحرب على الإرهاب الملازم للشاشات المصرية كان سببا في ذلك "مين هيزور بلد بتحارب الإرهاب اللي فيها؟!" حسب قوله.

يملك "أنور" عدد من شركات السياحة بمديني الأقصر وأسوان، بجانب كونه عضوا بالغرفة التجارية، لذلك يلمس المشكلة عن قرب، إذ يؤكد أن نسبة الاشغال وصلت إلى الصفر، وإن بدا تحسن فذلك في قطاع السياحة الشاطئية بمنطقة الغردقة وشرم الشيخ –المناطق البعيدة عن الانفجارات، فيما السياحة "الكلاسيكية" المعروف اتجاها بين محافظات الأقصر وأسوان والقاهرة "تم ضربها بشكل كبير".

شهر كامل كانت تحتاجه السياحة لتسترد شيء من عافيتها المنهكة عقب كل انفجار يهز الجمهورية، مثل انفجار مديرية أمن الدقهلية والقاهرة، وغيرها مما حدث على مدار العام وفقا لـ"أنور"، الذي يوضح أن الانفجارات وحدها لا تؤثر على السياحة بل أيضا الدعوات للتظاهرات، مشيرا إلى أن الدعوة لـ28 نوفمبر لا تزال أثارها سيئة حتى الآن، معتبرا أن الإعلام يلعب دور سلبي، لإيصاله رسائل تخويفية عن مصر كلها إن وقع انفجار في منطقة واحدة.

حركة الطائرات المصرية غير المستقرة أيضا تعد عامل سلبي على حركة السياحة وفقا لـ"معتز السيد" نقيب المرشدين السياحيين، كذلك توقف خدمات أخرى مثل السياحة الثقافية في مصر، والتي تأثرت سلبا بسبب وجودها في مناطق أثرية بنطاق القاهرة والجيزة.

وعن منطقة سيناء يقول نقيب المرشدين السياحيين، إن نسبة الاشغال في شمال سيناء تكاد تكون منعدمة؛ بسبب العمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة، وانتقال سكان المنطقة الحدودية، مشيرا إلى أن المنطقة الجنوبية على العكس منها تشهد رواجا سياحيا بنسبة اشغال تصل إلى 75%..

وتعد الغردقة أكثر المناطق التي نجت شيئا ما من الهبوط السياحي، فشهدت تحسن ملحوظ عن فترة ما بعد الثورة وفقا لـ"خليل أحمد" -أحد العاملين في مجال السياحة بقطاع التمويل بمنطقة الغردقة- غير أن الشعور بالخوف ظل ملازما رغم بعد الغردقة عن زمام مناطق التفجيرات "أحنا كمصريين لما بنروح من الغردقة إلى القاهرة بنكون خايفين، فما بال السائح الغريب.. اللي كان أهله يتصلوا يطمنوا عليه حتى لو بعيد عن خبر التفجير".

السيارات.. الأمن معاك أو يعوض عليك ربنا

من أكثر الحوادث التي شهدها العام هي سرقة السيارات، وبين كثير من التوقعات بأن عمل محضر في أقسام الشرطة لن يجدي، والتفاوض مع السارق هو الحل لانشغال الأمن بمهام أخرى، تأكد لـ"آمال حسن" الأمر؛ سُرقت سيارة ابنها من أمام منزلهم بمنطقة مدينة نصر، فور علم الأسرة سارعوا إلى قسم أول مدينة نصر للإبلاغ، لكن شيء لم يحدث شيء من بداية العام منذ سُرقت، فالرد جاء خاذلا "لو اتصلوا بكم تعاملوا معاهم.. إدولهم الفلوس ورجعوا العربية"، لم يندهش الابن وأبيه المصاحب له فقد سبق لهم التعرض للأمر في أعقاب ثورة يناير حيث تم سرقة سياراتهم "الفايت" لكن "وقتها الظروف مكنش فيه أمن" وفقا للأم، ومع ذلك تم توثيق المحضر.

استجابت أسرة السيدة الخمسينية للسبيل الذي أكده ضابط الشرطة، خاصة بعد اتصال السارق طالبا مبلغ مالي قرابة 15 ألف جنية مقابل استرداد السيارة الحديثة، التي لم يمر على شرائها شهور، وبالفعل أرسلوا المال مع وسيط بالعائلة، غير أن المفاجأة جاءت مضاعفة؛ مرة برد ضابط الشرطة بعد إبلاغه لتعقب السارق "قلنا له معانا تليفونه والمعاد والزمان اللي اتفق معانا عليهم لكن قال لنا روحوا وتوكلوا على الله" حسب قول "آمال"، انهار السيناريو المفترض حدوثه في مثل تلك الحالات، غير أن ما وجدته الأسرة من عدم اهتمام بالبداية، واكتشاف أن حوادث السرقة كثيرة، والنهاية التي جاءت كذلك مغايرة بعد أن أخذ السارق الأموال دون عودة السيارة؛ جعل أمامهم نتيجة واحدة "استعوضنا ربنا هنعمل إيه".

وعلى جانب آخر لم يتوقع شريف ذكي أن يسترد سيارته هو والشخصان اللذان وقفا بمثل موقفه، بعد أن قام 6 مسلحين في منتصف شهر ديسمبر بتهديدهم وسرقة سياراتهم في وضح النهار، بالسابعة صباحا رأي الموظف بإحدى الشركات الخاصة الموت بعينيه كما يصف، فقد سلبه السارقون كافة ما يملك، "مكنش عندهم خوف أخدوا العربيات كأنها بتاعتهم" يحكي "زكي" الذي سرعان ما توجه لشرطة النزهة منطقة مصر الجديدة لتحرير المحضر، لم يتوقع أن يفعل الأمن شيئا، فأغلب الحالات التي سمع عنها تلجأ للتفاوض مع السارق، لكن على العكس وجد الشاب الثلاثيني اهتمام، تم التواصل معه وتنفيذ أكثر مما توقعه "قلت لهم تمسكوا الناس دول قبل العربيات"، وقد حدث الاثنين مما جعله ممتنا لاختلاف صورة التعامل الأمني مع أفراد عادية دون تدخل الواسطة.

هجروا البيوت والمدارس

خلال هذا العام ارتبكت الأحوال ليس فقط في المناطق، التي كانت تشهد تفجيرات، حتى كاد لا يخلو يوم من خبر العثور على قنبلة، فالبعض تبدلت حياتهم وبات الاضطرار سمة العام؛ إسراء صلاح طالبة الصف الثاني الثانوي، ما كان من سبيل غير ترك مدرستها إلى أخرى، لا تقع في زمام منطقة رفح الحدودية، التي صدر قرار رئاسي بتهجير سكانها وهدم المباني بها، بين عشية وضحاها تهدمت المدرسة، وانتقلت إلى جديدة لا تضم نظرائها فقط، بل أربعة مدارس أخرى ما بين الثانوي العام والتجاري والخاصة بالمكفوفين.

قيل أنه إجراء مؤقت، لكن لم يغن ذلك عن حزن اعترى الفتاة ورفاقها وحتى المدرسين، ما لبث أن تجاوزته حال الأحداث السابقة؛ فقد فعلت ذلك مع الخوف الذي تملكها أول مرة تسمع بها صوت إطلاق الرصاص، وبات وصف جميع الوقائع لها "عادي".

المساحة الصغيرة، التواجد في مدرسة مختلطة خاصة وانها مدرستها كانت مخصصة للفتيات، اعتياد التأقلم مع مكان جديد، الانقطاع عن الذهاب للمدرسة بين الحين والآخر حد إغلاق المدرسة قرابة 3 أسابيع، كل ذلك لم يكن فقط ما تخطته ابنة مدينة رفح، وأثر على عامها الدراسي، بل استكمال المناهج "المدرسين شرحوا لكن بسرعة جدا" تقول "إسراء" عن اضطرار المدرسين لتوضيح كافة أجزاء المنهج في وقت قصير، وكذلك اضطرارهم لتحصيل ذلك، حيث تخوض "إسراء" امتحانات النصف الدراسي الأول بداية العام الجديد، دون توقع بتغيير الأوضاع سريعا بقدر الرغبة في الاستقرار "فكله معتمد على ظروف البلد" كما تقول.

"سيناء خارج التغطية" عبارة يرددها أهالي من سيناء، ليس فقط تعبير عن ميراث التجاهل لسنوات طويلة، لكن لعام لم تتناقل فيه أنباء سيناء إلا لمتابعة الحرب على الإرهاب، والتفجيرات المستهدفة كمائن الجيش، فيما لم يجد البعض بديل عن مغادرة سكنه الذي آواه منذ مولده، ليفر من ويلات الرصاص والنيران العشوائية، وينجو بحياته، وما كان ذلك لحدود أكثر من مسافة لا تتعدى 30 كيلو متر.

لم يحتمل 170 شخص اكتمال العام وهم بين الموت، فتركوا مسكنهم الذي ما كان سوى "عشة" أو بيت متواضع الحال بقرى جنوب الشيخ زويد، ليتخذوا من "العشش" أيضا بيت لهم لكن بالكيلو 17 و20 بمنطقة العريش، ما توالى مساعدتهم منذ قرابة شهرين حينما نزحوا غير عدد من الشباب بسيناء، أطلقوا مبادرة حملت اسم "أهالينا"، ومن بينهم إسلام عروج، الذي لم ينقطع طيلة هذه المدة على التواصل معهم.

التبرعات العينية من أغطية نوم، واحتياجات أساسية تكفي للحياة، هي ما تعتمد عليه المبادرة لتكفل هؤلاء الأشخاص النازحين عن بيوتهم خروج المضطر "محدش خرجهم لكن الكل قال أطلع لغاية ما تنتهي الحرب" حسب "عروج"، لا يعلمون متى يحين وقت ذلك، ففي صمت رحلوا كما ظلوا حياتهم، "محدش كان يعرف عنهم حاجة حتى بعد ما سابوا بيوتهم.. تهجير رفح أخد الشو كله" يقول الشاب الثلاثيني مستنكرا التقصير من جانب المسؤولين، فلم يتم التحرك إزاء هؤلاء الأشخاص الذين هم في تزايد وفقا لـ"عروج" سوى قرابة منتصف ديسمبر. 

"العيشة المستورة" تلك الإجابة التي تأتي لـ"عروج" من غالبية الأسر، فهم على حسب وصفه مزارعين سكنوا قدرا في "مسرح العمليات.. وفي حالة الحرب محدش يعرف يفرق"، لذا ما كان أمامهم سوى الفرار.

undefined

يحاول القائمون على المبادرة بكل ما أتوا من قوة، تذليل العقبات أمام معيشة النازحون، من تركيب أغطية بلاستيكية تمنع عنهم شيئا من أمطار الشتاء، توفير نظام الفصل الواحد ليتمكن الأطفال ممن يذهبون إلى المدارس من تحصيل الدراسة مؤقتا، وأداء الامتحان إلى أن تنتهي إجراءات الانتقال إلى مدارس أخرى.

النظر إلى صغار الأسر البالغ عددهم 60 طفل وفقا لـ"عروج" يثير في نفسه الأسى والحزن لما تؤول إليه الأحوال ولسان حاله "محاربة الإرهاب ضرورة لكن الناس اللي ملهاش ذنب متروحش في الرجلين كده".

تابع باقي موضوعات الملف:

إرهاب 2014.. ما تيسر من سيرة الخايفين (ملف خاص)

2015_1_1_23_41_48_973

بعد 21 عامًا.. مصراوي يسترجع تفاصيل اغتيال ''الشيماء'' ضحية إرهاب التسعينيات

3maavoy1

حينما يتحول المواطن إلى ''إرهابي'' بدون أسلحة أو تنظيم

4dahej80

في 2014.. الرعب يبدأ من "يوم الجمعة والمترو والكاميرا"

9ejbxto8

بسمة عبد العزيز تحلل نفسية المصريين: المواطن مفعول به.. بمزاجه (حوار)

79rx28wm

7 وزراء داخلية واجهوا ملف "الإرهاب".. (ملف تفاعلي)

29zm4al7

من الإعلام إلى المواطن: ''سنة سودة يا جميل''

2utsww22

مدير مفرقعات القاهرة: من يطلق خبرا كاذبا عن وقوع انفجار "عدو لمصر" (حوار)

m9gjl4wn

الإنترنت 2014.. شبكة ''معلومات'' و ''إرهاب'' أيضا!

1fcaut1t

ناجح إبراهيم: الشباب في حاجة للوقاية من التطرف.. وداعش تقرأ الإسلام من نعله (حوار)

nwxw6wlk

"زمن الإرهاب الجميل".. وما أدراك ما التسعينات.. (ملف تفاعلي)

e4x2f492

في "دولة المطرية".. الإرهاب رايح جاي

rb9b7m6u

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان