إعلان

بين الحياة والموت.. تفاصيل ساعات البحث عن المفقودين بعقار شبرا المنهار

06:57 م الخميس 09 سبتمبر 2021

عقار شبرا المنهار

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود الشال:

في حارة المأمون، المتفرعة من شارع عمر طوسون بشبرا الخيمة، خيم الصمت على المنطقة، إلا من صوت جرافة آلية ترفع آثار المنزل الذي انهار مساء أمس الأربعاء. وأصوات همس منخفضة تصدر عن لجان المعاينة المتعاقبين على المكان، فالحادث عظيم والمصاب جلل، خلف 4 وفيات.

بدأ العقار المنهار بالتصدع قبل سقوطه بشكل كامل، هرب السكان على إثر ذلك التصدع، سوى علاء دبش، المحامي الستيني، الذي يملك مكتبا للمحاماة في الطابق الأخير من العقار، المكون من 4 طوابق. وكان برفقة علاء نجل شقيقه مصطفى محمد، وأحمد عوف وصباح غنيم، وجميعهم يعملون في مهنة المحاماة، وسبق للنقابة الفرعية للمحامين بجنوب القليوبية إعلان الحداد 3 أيام تبدأ من اليوم الخميس، على ضحايا الحادث.

"سمعنا صوت طرقعة، كانت الساعة تشير إلى السابعة تقريبا".. يحكي محمد فتحي الذي يسكن بنفس الشارع الذي سقط فيه العقار، وكان يمر بالصدفة قبل لحظة انهياره. تابع فتحي خروج كافة السكان مسرعين، لكن علاء دبش، الذي يلقبه المقربون منه بالمستشار، كان ومن معه بالدور الرابع ولم يخرجوا: "ناديت بأعلى صوتي اهرب يا أستاذ علاء، لكن قبل أن أنتهي من الجملة كان المنزل قد تحول لأنقاض".

كان الأربعة محاميين في المنزل، سبق أن اجتمعوا قبل انهياره بساعة، وهو الوقت الذي اعتادوا التجمع فيه بشكل يومي، لدراسة القضايا واستقبال الموكلين، بعد يوم عمل شاق.

1

بعد ساعة من الحادث، خرجت جثة علاء أولا. كان الخبر صادما لزملائه، ففي نهاية أبريل الماضي، كان حساب الرجل على موقع فيس بوك يفيد وفاته. غير أن الأمر كان اختراقا لحسابه فحسب: "كنا حاسين إنه هيطلع عايش" يحكي عبدالله السيد، الذي زامل علاء خلال عمله على مدار 40 عاما.

يقول عبد الله إن علاء كان محبوبا في شبرا الخيمة، حتى أن كثيرا من الشباب التحقوا بكلية الحقوق محبة فيه: "أحدهم ابني أحمد، الذي عمل في مكتب علاء فترة، قبل أن يعمل مستشارا قانونيا بإحدى الشركات الخاصة، ونفس الأمر ينطبق على مصطفى بن شقيق علاء".

وكان مصطفى ذو الـ24 عاما، وزميله أحمد عوف، قد عملا في المكتب قبل عام واحد، عقب التخرج في كلية الحقوق بجامعة بنها. كان حلمهما أن يعملا في مكتب علاء. لكنهما حين حققا ذلك الحلم سرعان ما تلاشى كل شيء مع العقار المنهار.

في الرابعة صباح الخميس، وعقب 8 ساعات من انهيار العقار، كان أهالي المنطقة يراقبون الوضع، يختلط صوت دعائهم مع قرآن الفجر، ويطغى على ذلك كله صوت الجراف الآلي. ومع أذان الفجر، كان أحد رجال الإنقاذ يصرخ معلنا العثور على أحد المفقودين حيا. ويتم نقل مصطفى دبش سريعا إلى مستشفى ناصر العام، رفقة عدد من أصدقائه، في حين بقي آخرون في محل الحادث أملا في العثور على أحياء آخرين.

صورة2

"العثور على روح حية بعد ثماني ساعات أعاد الأمل للجميع"، يقول محمد، أحد رجال الإنقاذ، وآخرهم مغادرة لموقع الحادث. يؤكد الرجل أنه لو فقد أمله، فلن يستطيع إكمال عملية البحث: "هناك دائما أمل، حتى ولو كان العثور على شخص حي تحت الأنقاض بنسبة واحد بالمئة، فإننا نسير خلف تلك النسبة".

استمرت عمليات البحث عن اثنين مفقودين. طالت مدة البحث، لكن الأمل ظل موجودا، حتى ابتسم لهم في الخامسة صباحا، بالعثور على صباح غنيم حية، وتولت سيارة إسعاف، نقلها هي الأخرى لمستشفى ناصر.

صورة 3

خروج اثنين أحياء بنسبة 50 بالمئة من المفقودين، كان انتصارا لرجال الإنقاذ. ظل الأمل في العثور على أحمد، المفقود الأخير حيا. لكن وفي ظل عملية البحث، جاء خبر وفاة الدكتورة "صباح غنيم" في سيارة الإسعاف، أثناء نقلها إلى المستشفى.

"نحن نعمل في كل الأحوال وعلينا العثور على المفقودين"، يقول عامل الإنقاذ، الذي استمر في البحث مع زملائه حتى خرج جثمان "أحمد عوف"، الفقيد الرابع جثة هامدة من تحت الأنقاض، لينتهي معه 14 ساعة من رفع الأنقاض أملا في خروج أحياء، لكن الصدمة الكبيرة كانت مع وفاة مصطفى هو الآخر أثناء وجوده في المستشفى.

صورة4

"علاء في قلوبنا"، أنشأ موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مساحة لأصدقاء علاء لتذكر ذكرياتهم معه، وهي ميزة جديدة أتاحها فيس بوك، للأشخاص بعد وفاتهم مع الحفاظ على خصوصية الحسابات وعدم ظهورهم في جهات الاتصال المقترحة.

صورة 5

"حسبي الله ونعم الوكيل في المقصر"، قالها محمد فتحي، مشيرا إلى أن المنزل صدر له قرارات إزالة لكنها لم تنفذ، لافتا إلى كثيرا من منازل المنطقة التي تضررت بفعل المياه الجوفية ومنها منزله: "المنزل المنهار ربما لا يكون الأخير".

فيديو قد يعجبك: