إعلان

"رغبة مجتمع لا مشروع دولة".. قصة أكبر متحف في حوض المتوسط بعد إعادة إحياءه

01:06 م الأربعاء 16 يناير 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية – محمد البدري:

بعد 14 عاما من الغلق بدأ العد التنازلي لإعادة افتتاح المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، كأكبر متحف متخصص في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، والذي يعد من أول المباني في مصر التي شيدت من الأصل بهدف أن تكون متحفا على عكس مبان مثيلة كانت في الأصل قصورا ملكية.

المتحف المسجل مبناه في عداد الآثار، يزاح عنه الستار نهاية العام الجاري بعدما جرى إتمام نحو 50% من أعمال ترميمه، حوى بين جدرانه قصة فريدة عن سبب بنائه قبل 128 عاما بجهود من أعضاء مجلس بلدية مدينة الإسكندرية – المجلس الشعبي المحلي حاليا – والذي كان يضم عددا من كبار رموز ومشاهير المدينة من مختلف الجنسيات يمثلون الحياة الاقتصادية والسياسية في هذا الوقت، وتعرض السطور التالية جانبا من قصة المبنى.

رغبة مجتمع

"لم يكن إنشاء المتحف مشروع دولة إنما رغبة مجتمع"، هذا ما أكده الدكتور إسلام عاصم أستاذ التراث بالمعهد العالي للسياحة والفنادق، مبينا أن ذلك لم يكن رغبة من الخديوي عباس حلمي الثاني الذي افتتح المبنى في عهده، وإنما رغبة من مجلس بلدية المدينة الذي يمثل المجتمع السكندري آنذاك على أن يقوم كبار رجال المدينة بإهداء القطع التي يعثر عليها في أراضيهم إلى المتحف وهذا ما يفسر إطلاق أسماء "أنطونيادس، والأمير عمر طوسن، ومنشا" على قاعات المتحف.

أضاف عاصم لـ "مصراوي" أن المتحف افتتح رسميًا عام 1892 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وفقا لأرشيف وزارة الآثار، اشتمل في البداية على 11 قاعة ثم تتابعت إضافة القاعات حتى وصل عددها بعد التطوير الذي تم في عام 1984م إلى 27 قاعة بالإضافة إلى الحديقة المتحفية، ويرجع تاريخ معظم مقتنيات المتحف إلى الفترة الممتدة ما بين القرن الثالث ق.م حتى القرن الثالث الميلادي، وتشمل العصرين البطلمي والروماني وكذلك العصرالقبطي.

وتابع أن التطور المعماري بدأ يظهر في الإسكندرية مع بداية القرن العشرين خصوصا في أعقاب أحداث 1882 عندما تعرض قلب المدينة للدمار على يد مدافع الاحتلال الإنجليزي لتبدأ بعدها مرحلة إعادة الإعمار من جديد، وكانت أعمال التوسع في البناء تكشف بشكل متكرر عن مئات القطع من الآثار الرومانية ما أدى إلى الاهتمام من رموز المدينة بإنشاء مبنى متخصص للحفاظ على الآثار.

وأوضح أن المتحف ظل يؤدى رسالته العلمية والثقافية والتعليمية للزائرين من المصريين والأجانب إلى أن صدر قرار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فى 2005 بالغلق للتطوير، وهو ما بدأ الاستعداد له بجرد جميع مقتنيات المتحف وتوثيقها، وترميم ما يلزم ترميمه منها قبل تغليفها ونقلها إلى المخازن المتحفية، كما تمت إعارة مجموعتين من القطع لمتحف آثار مكتبة الإسكندرية ومتحف الإسكندرية القومي لتعرض بهما مؤقتًا.

أول مدير للمتحف

اطلع "مصراوي" على كتاب "بلدية الإسكندرية وصف المدينة القديمة والحديثة والمتحف الروماني اليوناني" وهو باللغة الفرنسية عن المتحف أعده قبل 100 عام العالم الأثري الشهير "بريتشا" وهو أول من تولوا العمل بالمتحف وأدار شؤونه في السنوات الأولى لافتتاحه، وذكر الكتاب، أن الآثار كانت مشتته وكان يتم الكشف عن المزيد بشكل متتابع ما أدى إلى التطلع للتوسع في أعمال التنقيب حتى تأكد الجميع أن الإسكندرية تخفي في أرضها ثروة هائلة من الآثار التي قد تحمل الشهرة إلى البعض.

ويستكمل العالم الأثري في كتابه أن الاكتشافات نجحت في جذب اهتمام السكان ومجلس البلدية والحكومة ووافق الجميع على مشروع إنشاء المتحف بدعم مالي مجلس البلدية التي دفعت النفقات اللازمة للمباني والموظفين والحفريات وصيانة القطع المكتشفة.

ويوضح الكتاب الذي طبع قبل قرن من الزمان أن المتحف بني على فترات ولم يكن يحوى كل الغرف والقاعات المعروفة في الوقت الحالي، إذ افتتحت البلدية المبنى المخصص في عام 1895 وبدأت بقاعة مستطيلة بالجناح الغربي تضم حولها 10 غرف وفي عام 1896 بنيت قاعتين أخريين، وفي عام 1899 بمناسبة ولادة ولي العهد الأمير عبد المنعم تم افتتاح القاعات 13-16 ؛ في عام 1904 تم افتتاح القاعات من 17 إلى 22، وكان الاكتشافات تساهم في سرعة التوسع وصولا لدمج القاعات في مبن واحد يمثل تخطيط المتحف الحالي.

ووفقا لمصدر بوزارة الآثار المصرية كشف المتحف عن مقبرتين هامتين إحداهما من العصر البطلمي عثر عليها بمنطقة سوق الورديان غربي الإسكندرية والأخرى ترجع الى العصر الرومانى وقد تم قطعهما ونقلمها الى الحديقة القبلية للمتحف ويحتوى المتحف على عدة قاعات كل قاعة تضم مجموعة من الآثار فى العصور المختلفة.

أبرز المقتنيات

يتميز المتحف عن غيره باحتوائه على أكبر مجموعة في العالم من تماثيل "التيناجرا" وهي مصنوعة من الطين كانت بديلا لكتالوجات الموضة المعروفة في العصر الحديث وهي تمثل الموضة في العصر الروماني اليوناني، وتعد مصدرا اجتماعيا للتعرف على سيدات الإسكندرية خلال العصر البطلمى ومستوى الجمال البشرى والطبقة الاجتماعية والأزياء وأساليب تصفيف الشعر في الإسكندرية قبل ما يزيد عن ألف عام.

ويضم المتحف أكبر تمثال في العالم يمثل الإمبراطور دقلديانوس مصنوع من مادة "البروفير" وهو نوع من الحجر الأحمر، فضلا عن المئات من القطع القبطية والآلهة اليونانية والأباطرة الرومان وعدد من الممياوات، كما يضم تمثال الإله سيرابيس أو عجل أبيس الشهير والذي أراد به حكام مصر آنذاك في التقريب بين الشعب المصري وأصحاب الحضارات اليونانية الرومانية في عقيدة دينية واحدة.

ويحوي المتحف بين جنباته العديد من الأواني الإغريقية الرومانية المستعملة في الحياة اليومية وفي المعابد وفي المناسبات والأعياد ودمى للعب الأطفال على هيئة حيوانات، كما يضم المتحف عناصر معمارية من بقايا مباني ومقابر الاسكندرية ذات الطابع المصري اليوناني المختلط.

مكتبة المتحف

تعد مكتبة المتحف اليوناني الروماني واحدة من أهم المكتبات الموجودة بالإسكندرية إذ تزخر بالعديد من الكتب النادرة، وقد تم نقلها إلى قاعة بالمتحف البحري حتى تكون متاحة للدارسين. وفي سبتمبر 2010 أزيل سقف المكتبة الأصلي لإنشاء الطابق الثاني كما هو مخطط طبقًا للتصميم الجديد للمبنى بعد التطوير، لكن العمل توقف عقب ثورة 25 يناير 2011، غير أنه يجري حاليًا استئناف العمل بهذا المشروع.

كانت خصصت الدولة في أغسطس الماضي مبلغ مليار و270 مليون جنيه لتطوير وترميم 8 مشروعات أثرية على مستوى الجمهورية هي المعبد اليهودي، المتحف القومي للحضارة المصرية، تطوير هضبة الأهرامات، قصر البارون، قصر محمد علي بشبرا، استراحة الملك فاروق بمنطقة أهرامات الجيزة، المتحف اليوناني الروماني وقصر الكسان بأسيوط.

فيديو قد يعجبك: