إعلان

تسريب ظريف.. قصة تسجيلات هزت إيران وفضحت سياستها الخارجية

02:31 م الأربعاء 28 أبريل 2021

قاسم سليماني

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود

على مدى يومين، شهدت إيران اشتعال الساحة السياسة بعد تسريب تسجيلات لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، تعرّض من خلالها لأحد رموز طهران وهو قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني الذي اغتيل قبل عام.

وكشف ظريف -من خلال التسجيلات- علاقة الدبلوماسية الإيرانية بالجانب العسكري وكيف كان سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، يفرض آرائه في القضايا الخارجية.

ونشرت قناة "إيران إنترناشيونال" قبل يومين التسجيل الصوتي، وهو جزء من مقابلة استمرت ثلاث ساعات مع الاقتصادي الموالي للحكومة سعيد ليلاز.

وكشفت وسائل إعلام إيرانية، أنه كان من المقرر نشر هذه المقابلة بعد نهاية عهد الحكومة الحالية برئاسة حسن روحاني في يونيو المقبل.

فيما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، إن التسجيل "هو ملف مجزأ ومجموعة مختارة من محادثة داخلية مدتها 7 ساعات لا تعكس بأي حال من الأحوال مستوى الاحترام والمديح الكبير والتقدير الذي تحدث به وزير الخارجية في المحادثة حول حكمة ورشادة الشهيد سليماني والدور الفريد من نوعه الذي لعبه في النجاحات التي حققتها إيران في المنطقة".

تفاصيل التسريب

عبّر من خلاله عن استيائه الشديد من طريقة فرض رأي قاسم سليماني وعدم قبوله للتفاوض، قائلاً: "كان يفرض شروطه عند ذهابي لأي تفاوض مع الآخرين بشأن سوريا، ولم أتمكن من إقناعه بطلباتي".

وتابع: "في كل مرة تقريبا، أذهب فيها للتفاوض كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار".

كما قال ظريف، إن سليماني ضغط من أجل زيادة عدد الرحلات الجوية بـ6 أضعاف إلى سوريا، بعد توقيع الاتفاق النووي، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جون كيري، إلى لفت نظر ظريف إلى المسألة.

وتبين لظريف بعد التحقيق في الأمر أن سليماني كان يبعث بمئات المسلحين إلى سوريا من دون علم الحكومة عبر هذه الرحلات المدنية، وضغط على شركات الطيران في سبيل ذلك.

ويروي ظريف في تسجيلاته أن جون كيري أبلغه بأن إسرائيل هاجمت إيران نحو 200 مرة على الأقل في سوريا.

جون كيري في مأزق

بعد هجوم كبير من الجمهوريين، ردّ جون كيري على مزاعم وزير الخارجية الإيراني، قائلاً إنه لم يناقش مطلقا الضربات الجوية الإسرائيلية السرية في سوريا مع وزير الخارجية الإيراني.

وكتب كيري في تغريدة: "لم يحدث هذا قط، سواء عندما كنت وزيرا للخارجية، أو منذ ذلك الحين".

كان السيناتور الجمهوري دان سوليفان، طالب باستقالة كيري، قائلا إنه "مندهش من أن يكشف أسرار أحد أهم حلفائنا الدائمين في المنطقة (إسرائيل) لعدو معلن، أكبر دولة راعية للإرهاب".

من جهتها، كتبت نيكي هايلي، التي شغلت منصب سفيرة الأمم المتحدة في إدارة دونالد ترامب، على "تويتر" أن هذا الإدعاء "مثير للاشمئزاز" واتهمت كيري بـ "رشوة إيران".

ظريف يدافع عن تصريحاته

قال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، إنه "قطع عهدا بحماية مصالح البلاد" لن يتخلى عنه "حتى النهاية"، مؤكدا إشادته الدائمة في "الداخل والخارج" بقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.

وفي رسالة له على موقع "إنستغرام" انتقد ظريف اللغط الذي أثير بشأن حديث غير علني له سرب إلى وسائل الإعلام، موضحا أن "هذا الحديث هو بحث نظري سري حول ضرورة التوازن بين الدبلوماسية والميدان الهدف منه هو نقل تجربة ثماني سنوات إلى المسؤولين المستقبليين، لكن المؤسف أن هذا الحديث تحول إلى مناوشات داخلية واستغله البعض للانتقاد الشخصي”.

وأرفق ظريف منشوره بفيديو لزيارة قام بها هذا الأسبوع إلى موقع اغتيال سليماني، القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري، والذي قضى بضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد في يناير 2020.

View this post on Instagram

A post shared by Javad Zarif (@jzarif_ir)

وأعرب ظريف عن اعتزازه بالعلاقة العميقة بينه وبين سليماني على مدى عقدين وما رافقها من "ودّ وصداقة وعمل مشترك”.

وحسبما كتب ظريف، فإن السلام في أفغانستان والعراق ما كان ليتحقق وما كان الإرهاب الداعشي لينتهي لولا وعي الشهيد سليماني وشجاعته، وتضحيات شعبي هذين البلدين”.

وتابع ظريف: "لقد سعيت على مدى 40 عاما أن أكون في التحليلات مجتهدا وفي التنفيذ مقلدا، وفي عملي التنفيذي كنت دائما متمسكا بسياسات البلاد المقررة ودافعت عنها بكل قوة، لكنني في بيان الرؤية القائمة على الخبرة اعتبر ان المداهنة والمجاملة خيانة، وهذا ما تعلمته من مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: "إن أعظم الخيانة خيانة الامة، وأفظع الغش غش الأئمة”.

روحاني يطالب بالتحقيق

لم تنفِ إيران ما جاء بالتصريحات، لكنها توعّدت بمحاسبة مسرِّب التسجيل، إذ اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن تسريب التسجيل الصوتي يهدف إلى خلق "اختلاف داخلي تزامنا مع المباحثات في فيينا مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي".

وقال روحاني اليوم الأربعاء، في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة إن "سرقة مستند، تسجيل، هو أمر يجب التحقيق فيه.. لماذا في هذا الوقت؟ أعتقد أن هذا الشريط.. كان يمكن أن يتم نشره قبل أسبوع أيضا".

وأضاف "لكن تم نشره في وقت كتعتبر فيه مباحثات فيينا في ذروة نجاحها، وذلك بهدف خلق اختلاف داخلي" إيران.

وتزامن نشر التسجيل مع مباحثات فيينا بشأن الاتفاق النووي، للبحث في عودة الولايات المتحدة إليه بعد انسحابها الأحادي منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب".

وفيما يتعلق بما أثاره ظريف بشأن ضرورة التوازن بين الدبلوماسية والميدان، أكد روحاني أن "الدبلوماسية والميدان العسكري شقان لا يتعارضان في إيران".

وأوضح: "الميدان والدبلوماسية ليسا مجالين متعارضين. اذا اعتقد أحد أن الميدان أو الدبلوماسية، السياسية الخارجية أو السياسة الدفاعية، أو يجب أن ينجح الميدان أو المفاوضات (أحدهما فقط)، فهذا أمر غير دقيق".

وشدد على أن في إيران "كل المسائل المعقدة للسياسة الخارجية والمجال الدفاعي تتم مناقشتها في المجلس الأعلى للأمن القومي".

وتحدث روحاني عن سليماني قائلاً: "المستشار الأفضل في السياسة الخارجية، أقله بشأن المنطقة، كان الشهيد سليماني. هذا يعني أنه إذا أردنا أن نتحدث الى شخص على اطلاع بالسياسة الإقليمية ولديه آراء محددة صريحة، كان الشهيد سليماني".

واستطرد: "من مواضع الفخر في بلادنا أنه يمكن للمسؤولين التعبير عن رأيهم بحرية.. لكن بعض الآراء التي يتم التعبير عنها لا يمكن نشرها لأن العدو سيسيء استخدامها. عادة ما نصنفها سرية".

وأشار إلى أن بعض ما تم نشره من آراء لظريف "طبيعي، لكن بعضها ليست رأي الحكومة أو الرئيس. أي وزير أو مسؤول يمكن أن تكون له آراء، ويرغب في أن تبقى طي الكتمان من أجل المستقبل".

فيديو قد يعجبك: