إعلان

خوف داخل الوطن ومحاولات هروب.. كيف تعيش الأفغانيات؟

12:57 م السبت 23 نوفمبر 2019

أفغانيات

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

في يوم شديد البرودة جلست امرأة أفغانية تُدعى طاهرة في مدينة كابول، تعاني من القلق والخوف، بعد أن تشتت عائلتها، وباتت تعيش رفقة ابنتها الصغيرة، بعد فشل رحلة فرارهما من أفغانستان.

قالت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، إن وضع طاهرة ليس نادرًا، فهناك الكثير من القصص التي تكشف حجم المعاناة التي تعيشها النساء في أفغانستان بالتزامن مع استعادة حركة طالبان قوتها، ونزوح الرجال والشباب من الذكور سعياً للعثور على فرص عمل، وهرباً من تدني الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد.

قالت الجارديان إن طاهرة، وهي امرأة متزوجة ولديها ثلاثة أطفال صغار، لم تجتمع مع عائلتها منذ عام 2018. دفع انعدام الأمن والاضطرابات المنتشرة في ولاية وردك حيث عاشت طاهرة وعائلتها، إلى التخطيط من أجل الفرار إلى تركيا عبر إيران، وعندما حان وقت النزوح لم يتمكن من الهروب سوى زوجها وابنها وابنتها.

غير أن طاهرة، 27 عامًا، وابنتها ذات الستة أعوام لم يحالفهما الحظ، قالت الجارديان إن الشرطة الإيرانية ألقت القبض عليهما على الحدود الإيرانية التركية، واعتقلتاهما قبل أن تعيدهما إلى أفغانستان.

قالت طاهرة، وهو اسم مستعار أطلقته عليها الصحيفة البريطانية، إن ملابس ابنتها علقت في السياج، بالإضافة إلى أنهما لم تكونا سريعتين بما يكفي لتتمكنا من الفرار مع باقي أفراد الأسرة.

1

وتابعت: "كان من المحزن أن أرى عائلتي تتفرق بهذا الشكل، والأقسى من ذلك هو الابتعاد عن أصغر ابنائي الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، والذي يحتاج إلى أمه أكثر من أي شخص آخر الآن".

ذكرت الجارديان أن عدد كبير من الرجال الأفغان غادروا بلادهم خلال الفترة الأخيرة، بحثاً عن فرصة عمل والعيش في بيئة آمنة، ولكنهم تركوا النساء خلفهم تعشن دون حماية الذكور، بالتزامن مع إحكام حركة طالبان قبضتها على البلاد.

وأظهر استطلاع رأي حديث أن 41 % من الأفغان يرغبون في مغادرة البلاد، وهو ما اعتبرته الجارديان رقم قياسي، ويرفع هذا الرقم إلى ما يقارب من 50 % بين النساء، ما يعكس صعوبة الأوضاع التي تعيشها المرأة الأفغانية، ويوضح كيف أصبح أفغانستان من أسوأ البيئات التي تعيش فيها الإناث.

ولكن التخطيط للفرار من أفغانستان ليس سهلاً، لاسيما بالنسبة إلى النساء، بالنظر إلى عدم تلقيهن تعليماً جيداً، أو عدم امتلاكهن للمال.

حسب البيانات الرسمية، فإن 80 % من الأفغانيات ليس لديهن وظائف، و91 % لم تتلقين تعليماً ابتدائي ولم تحصلن على أي نوع من التعليم. وبالنظر إلى هذه الظروف، فإنه من الصعب أن تجد الأفغانيات فرص عمل في أي مكان آخر، ما يعني أن أولئك اللائي تحاولن المغادرة سوف تخاطرن بكل شيء.

بعد شهر من الانفصال، حاولت طاهرة مرة أخرى الوصول إلى تركيا، واقترضت المال من أقاربها، وتمكنت هذه المرة من الوصول إلى إيران.

وخلال رحلتها المتجهة إلى إيران كانت طاهرة المرأة الوحيدة، وأدركت بعد مرور ساعات من انطلاق الرحلة أن المُهرب يأخذهم في اتجاه مُختلف عن بقية المجموعة.

2

وعندما صرخت من أجل المساعدة، طلب منها المُهرب أن تهدأ لأنه لن يجبرها على ممارسة الجنس معه إذا كانت لا تريد ذلك، ولكنها خافت من أن تتعرض للاغتصاب، حسب الجارديان.

لم تخف طاهرة من أن يغتصبها المُهرب فقط، ولكن من قبل مجموعة الأشخاص الذين تسافر معهم، لذا قررت إنهاء الرحلة وسلمت نفسها للشرطة الإيرانية، والتي أعادتها بدورها إلى أفغانستان مرة أخرى.

والآن تعيش طاهرة وابنتها بمفردهها في العاصمة كابول، وتقول للصحيفة البريطانية إن لا أحد يدعمها مالياً، وباتت حياتها في غاية الصعوبة، ولا تسلم من نظرات الآخرين وتحدثهم عنها بطريقة مُسيئة لأنها تعيش بمفردها دون زوج.

عجزت طاهرة عن النوم كل ليلة، وكانت تفكر في ابنها الصغير، وعندما تنام تحلم به ينادي عليها.

تُصلي طاهرة كل يوم كي تجتمع عائلتها مرة أخرى، وتتمكن من ضم أبنها مُجددًا. وتقول: "لا أرغب إلا أن أرى ابنائي وزوجي، وأن أحظى بفرصة أخرى كي نجتمع معاً ونتناول الطعام ونضحك، ببساطة أن نكون عائلة".

باري أيضاً انفصلت عن عائلتها، وعاشت هي وبناتها الأربعة في ولاية وردك لسنوات طويلة بمفردهم. تقول للجارديان إن جيرانهم اكتشفوا بعد فترة أنها وبناتها تعشن بدون رجل، فخافت أن يصيب البنات مكروهاً. وفي النهاية قررت تزويج إحداهن في سن صغيرة، والابنة الأخرى كانت في السادسة عشرة من عمرها وكانت مخطوبة بالفعل.

تشعر بغصة عندما ترى فتيات في عمر بناتها تذهبن إلى المدرسة، وتقول: "قلبي ينكسر، اتمنى لو كان لديهن فرص للتعليم مثل هؤلاء الفتيات".

ذكرت الجارديان أن باري لديها أربع بنات وولد، وهي أرملة تولى زوجها منذ ستة أعوام. في عام 2015، اصطحبت المرأة الأفغانية ابنائها وحاولت الفرار، ومثل طاهرة توجهت إلى إيران أملاً في الوصول إلى تركيا، ولكن ابنها فقط من تمكن من الوصول إلى الأراضي التركية، وألقي القبض على باقي أفراد العائلة واُعيدوا إلى أفغانستان.

3

تقول باري إن بناتها كانت صغار عندما اُعيدوا إلى أفغانستان، وكانت عملية العثور على منزل واستئجاره شديدة الصعوبة، نظرًا إلى أن الجميع كان يسأل عن رجل يعول الأسرة.

لم تتمكن باري من النوم لأسابيع لأن محل إقامتها هي وبناتها لم يكن آمن، وخافت أن تتعرض واحدة منهن لخطر.

تعول باري بناتها، حسب الجارديان، من خلال العمل في تفصيل الملابس، وتقول: "آمل حقاً أن يلتم شمل العائلة، وأن أرى ابني مرة أخرى، وقتها سوف أتوقف عن القلق بشأن أمن وسلامة بناتي".

تستعيد طالبان قوتها مُجددًا، ومع استمرار العنف ال البلاد، من المتوقع أن يزداد عدد اللاجئين. وبينما يمثل الرجال أغلبية اللاجئين، أوضحت الجارديان أن المزيد من الأفغانيات تغادرن بلادهن الآن بحثاً عن حياة جديدة.

النساء المُتعلمات لديهن فرصة أفضل، ولكن معاناة الأمهات مثل طاهرة وباري سوف تستمر، وغالباً ما تصبحن أرامل، بينما تشرد أبنائهم في جميع أنحاء العالم، ولا يعلم أحد متى يلتم شمل العائلة مرة أخرى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان