إعلان

الصورة الكاملة للعقوبات الأمريكية على إيران.. مدى فعاليتها وهوية الخاسر!

04:33 م الثلاثاء 23 أكتوبر 2018

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - حسام سليم:

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها بعنوان: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تجعل العقوبات النفطية على إيران فعالة؟

أمام الولايات المتحدة أسبوعان لدخول عقوباتها النفطية على إيران حيز التنفيذ، ومع ذلك، فلا يزال من غير الواضح كمية الخام التي لا تزال إيران تبيعها، أو أي الدول ستواصل شراءه، ما يثير أسئلة حول فعالية الجزء الرئيسي من حملة واشنطن للضغط على طهران.

وأضافت أن إيران منذ أعلنت واشنطن استئناف العقوبات على نفطها عقب انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو، سارعت إلى إنقاذ أحد أكبر مصادر الدخل، وحققت بالفعل بعض النجاح الظاهري في ذلك.

في حين تقول إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنها تأمل في الوصول بصادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، وهو ما لم يقترب حتى من الحدوث حتى الآن.

وتابعت أنه من الصعب الحصول على صورة واضحة حول مدى تأثير العقوبات المرتقبة على صادرات إيران. وأن معظم التقديرات من قبل وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية والمستشارين المستقلين، تربط بين صادرات النفط الحالية لإيران بواقع من 1.6 إلى 1.7 مليون برميل يوميا، والتي انخفضت من 2.5 مليون برميل يوميا قبل إعلان العقوبات. وأن ذلك سيكون بمثابة هبوط كبير يقترب من تأثير عقوبات إدارة أوباما على الصادرات النفطية الإيرانية، وأكثر مما توقعه العديد من المراقبين في البداية.

واستدركت المجلة قائلة أن هناك الكثير من الارتباك حول ما يحدث بالفعل مع شحنات النفط الخام الإيرانية، يقول موقع "تانكر تراكرز" الذي يستخدم الأقمار الصناعية لتتبع الشحنات، إنه في أواخر الأسبوع الماضي انخفضت الصادرات الإيرانية قليلا فقط إلى نحو 2.2 مليون برميل في اليوم، ويبدو أن هذه الأرقام المرتفعة تدعمها تقارير عن تزايد كميات النفط الإيراني المتجه إلى الهند والصين، وهما من أكبر عملاء طهران.

كانت الهند قد أشارت في السابق إلى أنها ستتوقف عن استيراد النفط الإيراني بالكامل بحلول شهر نوفمبر، لكنها تدرس الآن سبل الاستمرار في الشراء. كما يبدو أن الصين تستورد كميات غير مسبوقة من النفط الإيراني قبل فرض العقوبات رسمياً، حتى دول مثل كوريا الجنوبية التي بدا أنها تمتثل بسرعة وبشكل كامل لمطالب الولايات المتحدة بالتوقف عن شراء النفط الإيراني، يبدو أنها تسعى الآن إلى الحصول على تنازل من إدارة ترامب للاستمرار في القيام ببعض الأعمال مع طهران.

كما تحاول تركيا أيضا، وهي عميل أوروبي كبير للنفط الإيراني، الحصول على تنازل لاستمرار شراء بعض النفط الإيراني، بعد سريان العقوبات.

أكدت المجلة أنه حتى الأشخاص الأكثر دراية بعالم الطاقة غير متأكدين مما سيحدث في نهاية الأمر عندما تدخل العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ في 4 نوفمبر، مع استمرار شهية لدى أجزاء من أوروبا وآسيا للحصول على الخام الإيراني، وأن المملكة العربية السعودية التي تعهدت بالمساعدة في تعويض النقص الذي ستخلفه إيران لتحقيق الاستقرار في السوق النفطية، ترفع الآن يدها من ذلك، في محاولة منها لمعرفة التأثير النهائي للعقوبات الأمريكية.

ونقلت عن وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، قوله في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية، إنه "لدينا عقوبات على إيران، ولا أحد لديه أدنى فكرة عما ستكون عليه الصادرات الإيرانية".

وأضاف أنه مقدار تأثر الصادرات الإيرانية بالعقوبات هو سؤال مهم بالنسبة للسعودية والاقتصاد العالمي، وهو، فالسعودية يمكنها تعويض بعض النقص في حال انخفضت صادرات طهران بشكل حاد، ولكن إلى حد معين فقط، حيث إن السعودية لديها الآن قدرة احتياطية محدودة لضخ المزيد من النفط.

وقالت إليزابيث روزنبرج، وهي مسؤولة سابقة بوزارة الخزانة الأمريكية في عهد أوباما "هذه هي الصورة الفوضوية التي كان الجميع يتوقعونها.. كانت متوقعة بشكل كامل".

على عكس الحقبة السابقة من العقوبات الأمريكية لإدارة أوباما على صادرات النفط الإيرانية من عام 2012 وحتى عام 2015، والتي نالت قبول واسع من معظم أنحاء العلم، وذكرت بوضوح التخفيضات التدريجية في مشتريات كبار العملاء من النفط الإيراني، فإن إدارة ترامب أخبرت كل الدول ببساطة أن تخفض مشترياتها. إلى الصفر.

وأفادت التقارير التي صدرت في أواخر الأسبوع الماضي بأن إيران يمكنها أن تصدر نفطا أكثر بكثير مما كان متوقعا، ما أثار الكثير من الدهشة، لكن بعض خبراء الطاقة يحذرون من الاعتماد كثيرا على هذه الأرقام، حيث تقول سارة فاخشوري، وهي مديرة تنفيذية نفطية سابقة في إيران ورئيسة حالية لشركة "إس في بي" الدولية للطاقة، إن إيران عندما واجهت عقوبات نفطية في السابق، عمدت إيران إلى تخزين بعض النفط الذي ضخته ولكنها لم تتمكن من بيعه، ويبدو أن هناك شيئا مماثلا سيحدث هذه المرة.

وأردفت: "لقد قامت إيران في سبتمبر وأكتوبر بتخزين كمية كبيرة من النفط في مخازنها، وفي مخازن عائمة بالخارج، لكن ليست كل هذه الكميات مبيعة، ويمكن اعتبارها كصادرات".

ولفت ريتشارد نيفيو، أحد مهندسي العقوبات الإيراني في إدارة أوباما، إلى أن تخزين هذا النفط يمكن أن يجعل من الصعب تعقب ما سيحدث له على الطرق، وأنها حيلة للتهرب من العقوبات.

وأوضح أنه إذا كان من الصعب الحصول على صورة واضحة بشأن كمية النفط التي مازالت إيران تصدرها، فمن الصعب أيضا قياس التأثير الاقتصادي لحملة الضغط الأمريكية. حيث ارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 40% تقريبا عما كانت عليه في العام الماضي، وتحوم حول 80 دولار للبرميل، وهذا يعني أنه حتى لو كانت إيران تصدر كميات أقل من النفط، فإن إيراداتها من تصديره ربما لم تتراجع كثيراً، خاصة أن إيران تضع ميزانيتها بسعر 57 دولارا للبرميل، لذا فتصدير نفط أقل بـ80 دولارا ليس سيئا.

ونوهت المجلة بأن الاقتصاد الإيراني يعاني من مشاكل اخرى، مثل انهيار العملة وارتفاع معدل التضخم، والتي تفاقمت بسبب عودة العقوبات الأمريكية، كما ان توقعات النمو الاقتصاد مزرية للغاية، ولكن مع سعي إدارة ترامب إلى زيادة الضغط الاقتصادي، فإنها تواجه عقبة أخرى، وهي المقاومة الأوروبية.

أرادت كل من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الصين وروسيا، الحفاظ على الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، والاتحاد الأوروبي، بعيداً عن مطابقة العقوبات الأمريكية مع حظره الخاص على النفط الإيراني كما فعل من عام 2012 إلى عام 2015، يعمل بنشاط لإبقاء إيران في مجال الأعمال، ويقترح إنشاء أداة مالية خاصة تمكن إيران من الاستمرار في بيع النفط دون الوقوع في تعارض مع العقوبات الأمريكية. وتقول وزارة الخارجية الفرنسية الآن إن الفكرة هي تسهيل المعاملات المالية للشركات التي ترغب في الحفاظ على العلاقات التجارية مع إيران، وفقا للقانون الأوروبي.

وتعهد الاتحاد الأوروبي بحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأمريكية بطرق أخرى، مثل قانون الحظر بتسعينيات القرن الماضي، لكن ذلك حقق القليل قفط من النجاح حتى الآن، لأن عددًا قليلاً من الشركات يريد أن يفقد إمكانية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي. لكن الوسيلة الخاصة المقترحة لتمكين إيران من الاستمرار في بيع النفط يمكن أن تنجح، إذا حصلت على دعم من الصين وروسيا.

وقال مسؤول سابق في الخزانة الأمريكية إنه "إذا كانت الشركات الأوروبية والروسية والصينية ترغب في المشاركة، فهناك احتمال كبير بأن تنجح في استمرار بيع النفط الإيراني".

في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون الفرنسيون عن استخدام الوسيلة الخاصة تلك لتفادي مجموعة كبيرة من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة خارج الحدود الإقليمية، يرى كيرشنباوم أنها وسيلة للحفاظ على دعم الاتفاق النووي الإيراني لفترة أطول قليلاً.

وأردف المسئول أنه "وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الجهود الأوروبية لحماية إيران ستنجح، فإن مجرد حقيقة أنهم يحاولون تؤكد المشاكل الأوروبية مع نهج إدارة ترامب.. ليس من الجيد بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة أن تجعل الاتحاد الأوروبي ينسق بنشاط مع الصين وروسيا للالتفاف حول عقوباتنا. لقد حاصرنا أوروبا في الزاوية".

وواصلت المجلة بأنه من غير المتوقع أن تصبح الصورة اكثر وضوحا حتى بعد فرض العقوبات الأمريكية رسميا في نوفمبر، ومن المرجح أن تبدأ الدول التي تشتري النفط الإيراني في اختبار مدى قدرتها على دفع عمليات الشراء دون إثارة عقوبات مالية من واشنطن ، مما يضع صانعي السياسة في الولايات المتحدة في موقف صعب من احتمال فرض عقوبات على الحلفاء المقربين.

وشددت روزنبرج على أن جهود إدارة ترامب لاستخدام الموقف المركزي للنظام المالي الأمريكي في الضغط على إيران يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، حيث تولدت هذه الجهود من الرغبة في استخدام قوة الولايات المتحدة في النظام المالي العالمي، وسيكون لها تأثير في تقليصها بدلاً من ذلك.

في نهاية المطاف، قال نفيو، إن هدف إدارة ترامب المتمثل في إجبار إيران على تغيير سلوكها بشكل جذري قد يكون مؤسفاً إذا كانت العقوبات النفطية أقل فاعلية من التصور.

وشرح أن المفتاح الرئيسي لهذه الإدارة هو أنهم يراهنون بشكل أساسي على كونهم "أكبر" وأن هذا سيكون كثر فعالية من الصبر والتعاون. "إذا كانت رحى الحكومة الإيرانية لا تزال تدور بعد عام من الآن - وهو ما أعتقد أنه شبه مؤكد- فإنني أعتقد أن الإدارة سوف تكون متعلقة بقشة عند بحثها عما يجب فعله بعد ذلك".

فيديو قد يعجبك: