إعلان

كيف يمكن تطوير سياسات التعامل مع الأسر المنتجة؟

د. إيمان رجب

كيف يمكن تطوير سياسات التعامل مع الأسر المنتجة؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

08:35 م الأربعاء 01 فبراير 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تزخر محافظات مصر بقراها ومراكزها بأشكال وأنواع متعددة من المشاريع والأعمال المنزلية ومنها الخياطة والأشغال اليدوية وتصنيع الألبان والجبن ومشتقاتها، وتصنيع المربى وخبز العيش بأنواعه وغيرها، وتعد هذه المشاريع رغم بساطتها مصدر دخل مهما لعديد من الأسر.

وتحتاج الأسر التي تمتلك هذا النوع من المشاريع إلى حاضنة تمكنها من الوصول المنظم لأكبر عدد ممكن من المشترين، وبطريقة تتماشى مع متطلبات التسويق في العصر الذي نعيش فيه والذي أصبح يعتمد كثيرا على منصات التواصل الاجتماعي. وبقدر سهولة اجراءات الاستفادة من هذا النوع من الحواضن بقدر تحسن الوضع الاقتصادي للأسر المنتجة.

ومن خلال مراجعة خبرات دول عدة تعد البحرين نموذجًا يستحق التوقف عنده، حيث عملت الحكومة منذ سنوات على استحداث حاضنات للأسر التي تقوم بإنتاج أغذية في المنزل وبيعها كمصدر دخل رئيسي لها، وهذه الأسر ظلت لسنوات تحقق دخلا دون أن يتوافر أي غطاء قانوني لنشاطها وذلك لسبب بسيط أنها لا تأخذ شكل شركة أو منشأة اقتصادية.

ترعى الحكومة منذ سنوات إطلاق الأشخاص محال مجهزة بكافة المرافق والمعدات وتعمل كحاضنات للمشاريع المنزلية، حيث تقوم كل أسرة صاحبة مشروع بتأجير رف داخل المحل لعرض منتجاتها نظير مبلغ مالي يدفع شهريا من الأسرة لصاحب المحل، وفي المقابل يقوم المحل بتسويق منتجات الأسرة على منصات التواصل الاجتماعي وبيعها ومراقبة جودة المنتجات وتوريد حصيلة البيع للأسرة، ويحق للأسرة في هذا النظام أن تعرض منتجاتها في أكثر من حاضنة في أكثر من مكان في نفس الوقت.

وما يميز هذه المحال الحاضنة أنها تتمركز في الشوارع التجارية وفي وسط المناطق السكنية لتكون قريبة من قطاعات متنوعة من المستهلكين، وتخضع بشكل منتظم للرقابة على سلامة الأغذية المعروضة فيها.

هذا النوع من السياسات لرعاية المشاريع المنزلية يخلق قطاعا جديدا من المستفيدين يتمثل في أصحاب المحال التي تعمل كحاضنات للمشاريع المنزلية وذلك إلى جانب الحكومة والأسرة المنتجة، ويجعل من مصلحة هذه الأطراف مجتمعة إنجاح هذه المشاريع المنزلية وتوسعها.

إلى جانب ذلك، تبنت الحكومة قانون ينظم العمل من المنزل، وأطلقت برنامجاً باسم "خطوة" يتم من خلاله تزويد الأسر المنتجة ببطاقة تعريفية خاصة وشهادة قيد للعمل من المنزل، متضمنة نوعية النشاط ومعلومات الأسرة، ويتم تجديد التصريح بشكل سنوي وبدون أي رسوم، فضلاً عن توفير التدريب الاحترافي المتقدم والتدريب للمبتدئين لكافة الأنشطة المسجلة والتي يتطلبها السوق مجانًا. ويسمح البرنامج أيضا بالاستفادة من التأمين الاجتماعي الاختياري في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.

تقدم المحال الحاضنة للمشاريع المنزلية أسلوباً مختلفاً لرعاية المشاريع المنزلية عن اقامة المعارض الدائمة لمنتجات الأسر وهي الممارسة التي نتبعها في مصر، والتي تحتاج لمراجعة موضوعية من حيث جدواها وحجم العائد المتحقق منها.

كما أن هذا المدخل في رعاية الأسر المنتجة يقدم طريقة مختلفة للتفكير في كيفية رعاية مشاريع هذه الأسر ، فبدلا من التركيز على إتاحة التمويل من جهة حكومة ما أو منظمة أهلية ما، وهي مسألة تشغلنا كثيراً في مصر رغم أنها ليست جوهرية في معظم الحالات، تتم مساعدة هذه المشاريع على تحقيق عائد مالي وربح أكبر من خلال إتاحة منافذ دائمة لها لعرض منتجاتها والوصول لعدد أكبر من المستهلكين، وبالتالي إمكانية التوسع في المستقبل بالاعتماد على التمويل الذاتي.

إعلان