إعلان

من فعاليات "الخلوة الثقافية للغة العربية" ..

د.هشام عطية عبد المقصود

من فعاليات "الخلوة الثقافية للغة العربية" ..

د. هشام عطية عبد المقصود
06:57 م الجمعة 28 يناير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

سيكون مضيفا تماما أن تعنى مؤسسات عربية كبيرة بموضوعات جامعة تشكل اهتمامات عربية ومجتمعية حقيقية، وهكذا فعل مركز أبو ظبى للغة العربية حين أسس لأجندة فعاليات " الخلوة الثقافية للغة العربية" والتى أقيمت اليوم الجمعة 28 يناير بالقاهرة.

وعبر ست ورش عمل تضم مجموعات عصف ذهنى متنوعة المجالات يجمعها إطار موضوعى واحد هو حال اللغة العربية الفصحى وكيف ندعم وجودها، وحيث حملت الفعالية عنوانا لافتا وجديدا هو "الخلوة الثقافية للغة لعربية" والمقصود بها أن يجتمع الحضور فى ورش عمل مصغرة تدير نقاشا وتفاعلا، وتؤصل عبر مداخلات متنوعة رؤية واستبصارا وتوصيات وأدلة عمل واقعية لكيف تحيا اللغة العربية بيننا وتمضى معنا مزدهرة حاملة للهوية والتراث ومحققة تواجدا بشريا مزدهرا وفعالا فى المستقبل.

وعبر جلسة افتتاحية ضمت كلمات وطروحات مهمة من الدكتور على بن تميم رئيس مركز أبو ظبى للغة العربية والأستاذ محمد المر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد المكتوم والدكتور صلاح فضل رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة والأستاذ عبد الله ماجد مدير عام الأرشيف الوطنى أبوظبى والدكتور حسين حمودة أستاذ النقد الأدبى بجامعة االقاهرة، وقد قدمت الفعالية المذيعة المتميزة منى سلمان، وطرح المتحدثون عبر مداخلاتهم تأكيدا على مرتكزات ومستهدف فعاليات الخلوة الثقافية للغة العربية.

وجاءت حلقات النقاش تحت ست محاور ضمت خمسة وأربعين متحدثا، يجمعهم أفق معرفى واحد هو مظاهر حضور اللغة العربية فى مجالات التعليم والإعلام والثقافة وكيفية دعم هذا الحضور مستقبليا، وقد ضمت المحاور: العربية على جناح الإبداع فى مجالات الدراما والأدب والطرب، ثم العربية فى المحتوى والنشر، وجاء المحور الثالث تحت عنوان محور العربية فى التعليم، ثم رابعا محور العربية فى الخطاب الإعلامى التقليدى والجديد، وتناول المحور الخامس العربية والبحث العلمى والمستقبل ثم المحور السادس وهو إرث عميد الأدب العربى طه حسين.

وجاءت مداخلتى فى محور العربية فى الخطاب الإعلامى التقليدى والجديد، حيث أشرت إلى أن اللغة وسمات حضورها فى عصر ما هى انعكاس ثقافى وحضارى لطبيعة وخصائص حضور محيطها البشرى والإنساني فى هذا العصر، تفاعلا ومشاركة حضارية أو علي العكس إنسحابا واستهلاكا في التموضع الحضاري والإنساني الآنى، وأنه اللغة كائن يعيش فتوته أو شيخوخته إرتباطا بحالة مساهمة مفرداته وقاموسه في التراث الإنساني العالمي المعاصر، وهنا تظهر وسائل الإعلام والتواصل التى صارت الناقل الأهم والأعظم للثقافة وأنماط الحياة العصرية عبر تعبيراتها اللغوية، وهى الدليل الاحصائى عن حجم انتشار لغة ما وحجم مساهمتها فى الحوار الانسانى الذى يتخذ منها مجالا ووسيطا ضمن بيئة الاتصال البشرى الأكبر.

أما عن حالة اللغة العربية في الخطاب الإعلامي التقليدي ثم حالها في الخطاب الإعلامي الجديد، ذكرت أنه في إطار منظومة الإعلام التقليدي ومع بدء ظهور الصحف عربيا فقد حملت الصحف اللغة العربية الفصحى وحققت لها مجالا عربيا عاما يتخطى اللهجات المحكية، لتكون اللسان العربى الفصيح بحق فساهمت فى تطورها، وكانت ذات دور متعاظم في تبسيط اللغة العربية الفصحي لتمثل إطارا دلاليا مفهوما لدي عموم جمهور الصحف الذي صار ينمو مع الوقت، لغة فصحى يسيرة منقولة عن الحياة اليومية بمفرداتها التي يعرفها ويتفق علي معناها القراء والمستمعون لهم من غير ذوي مهارات القراءة والكتابة فلا يجدون جميعا فيها غرابة او ابتعادا عن قاموس مفردات أيامهم، وقلل ذلك من تأثير العامية المحكية بأن عبرت الصحف عن القارئ العربي العام فشكلت خلفية لوحدة قومية بالمفهوم اللغوى لا تؤرقها السياسة وإشكالياتها ولكنها نافذة بفعل دورها في الحياة.

وأنه مع دخول الإذاعة حدث ذلك جزئيا واستمر منذ نشأتها حيث انتقل مشاهير الكتاب والأدباء ليتحدثوا مع الجمهور العام عبر أثير الإذاعة، فطه حسين يلتقى بجمهوره عبر "حديث الثلاثاء"، وأنه وعلي عكس الصحف التي اقتضت توظيف لغة عربية فصيحة من مفردات اللغة العربية المستقاة من الحياة اليومية كان الراديو ثم التلفزيون وما تضمناه من محتوي درامي وترفيهي جذاب دافعا لتراجع نسبى زاد مع الوقت لحجم حضور الفصحي العربية فى هذا الخطاب الإعلامي التقليدي، ومنح هيمنة زادت مع الوقت للعامية فى مختلف البلدان العربية.

وفيما يخص حال اللغة العربية توظيفا واستخداما فى الخطاب الإعلامى الجديد المتأسس على شبكة الإنترنت والذى يعبر عن ثقافة أجيال تنمو على المنصات والهواتف الذكية رفيقة الصحو والمنام، وأنه فى هذا السياق لا شك أن الإنجليزية صارت هي لغة الإعلام الجديد الأهم، ارتباطا بأنها لغة العلم والحضارة المعاصرتين، لكن أيضا استطاعت مجتمعات ولغات أخري كالفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية والصينية والهندية أن تبقي وتستمر مزدهرة فى خطاب الإعلام الجديد بشكل يفوق العربية، وذلك بسبب أن مجتمعاتها دخلت صناعة تكنولوجيا منصات وتطبيقات منظومة الإعلام الجديد، فهل يمكن القول أن شرط ازدهار لغة ما في خطاب الإعلام الجديد سيرتبط بمدي قدرة مجتمعاتها علي أن تدخل صانعة مضيفة وليست فقط مستهلكة ومتلقية؟، ولنسأل أين منصاتنا الرقمية الدولية الإعلامية بالعربية، وما حجم تواجد العربية في تطبيقات واستخدامات الجمهور والناشئة خصوصا فى منظومة التواصل الإجتماعي؟.

إن هذا فى تقديرى هو التحدي الوجودي الأهم في تاريخ اللغة العربية أن تعرف أجيال الناشئين أنها لغة تناسب وسائط عصرهم وخطاب حال أيامهم، واقترحت فى نهاية كلمتى أن تبادر المؤسسات العربية المعنية بالحفاظ على اللغة بإجراء دراسة حالة عن سمات توظيف النشء العربى للغة العربية على منصات ووسائل التواصل الاجتماعى لتكون تحليلاتها مدخلا مهما فى بناء معرفة موضوعية عن كيف نواجه تحديات بقاء واستمرار اللغة العربية لغة حياة وتواصل وإعلام معا.

وقد انتهت أعمال الخلوة الثقافية بأن عرضت كل حلقة نقاش توصياتها، ثم أعلن الأستاذ سعيد حمدان المدير التنفيذى لمركز أبو ظبى للغة العربية الكلمة الختامية لأعمال حلقات النقاش، تلى ذلك مؤتمر صحفى أعلنت فيه الهيئة المنظمة لمعرض أبو ظبى الدولى للكتاب 2022 عن عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ليكون الشخصية المحورية للمعرض تقديرا من كل الأجيال الناطقة بالعربية لرجل أضاف للغة العربية وأثرى وجودها بحثا وتدريسا وحضورا إنسانيا.

إعلان