إعلان

استراتيجية ترامب الانسحابية.. الفرص والتحديات! "5"

عصام شيحة

استراتيجية ترامب الانسحابية.. الفرص والتحديات! "5"

عصام شيحة
07:01 م الثلاثاء 18 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا تكفي أن تميل استطلاعات الرأي نحو جو بايدن لاعتباره حاكم البيت الأبيض المنتظر؛ فقد كانت هيلاري كلينتون تسبق ترامب في استطلاعات عام 2016، لكن المفاجأة حدثت، وفاز ترامب؛ ذلك أن النظام الانتخابي الأمريكي بالغ التعقيد، ما يخصم كثيراً من مصداقية التوقعات المبنية على استطلاعات الرأي باختلاف القائمين عليها.

وفي كل الأحوال، حديثنا ينصب على الفرص والتحديات في المنطقة، حال فوز ترامب أو بايدن، وهي بالقطع متباينة.

وقد أشرنا في المقال السابق إلى أن بايدن الديمقراطي سيعيد العمل بالاتفاق النووي مع إيران، وهو الاتفاق الذي تم توقيعه صيف 2015، والرجل يشغل منصب نائب الرئيس أوباما.

إلا أن الأمر يمتد كثيراً لينال من النظرة الشاملة للسياسة الخارجية الأمريكية؛ فبايدن سيسعى بكل تأكيد إلى استعادة تحالفات بلاده التقليدية مع الاتحاد الأوروبي.

فليس من شك أن الصراع بين واشنطن والاتحاد الأوروبي، والذي شهد تصعيداً مستمراً من جانب ترامب - لا يرقى أبداً إلى مستوى الحرب التجارية بين واشنطن والصين. ومع ذلك يرى كثير من الخبراء أن دخول بايدن البيت الأبيض لا يعني بالضرورة سرعة أو سهولة استعادة الود الذي كان!

يعود ذلك إلى شدة ضربات ترامب، وخطابه الشعبوي الجاف، فضلاً عن المنافسة الشديدة والطويلة بين الكثير من الشركات متعددة الجنسيات على جانبي الأطلسي، والتي تفرض شروطها ونفوذها على سياسة الطرفين، ولعل أهمها الصراع التجاري بين شركات تصنيع الطائرات، إيرباص الأوروبية وبوينج الأمريكية. هذا إلى جانب أن ضربات ترامب في منطقة التعريفات الجمركية ليس من اليسير على بايدن معالجتها، لتشعبها من جهة، ولجدواها قصيرة الأمد من جهة أخرى.

وبالتالي لن يكفي ما ستسفر عنه إعادة العمل بالاتفاق النووي مع إيران من تهدئة مع الحلفاء في أوروبا.

ورغم القيم المشتركة على جانبي الأطلسي؛ فإن أخطر ما يمكن أن يُنتجه استمرار الخلافات الأوروبية الأمريكية، سواء رحل ترامب وحل بادين، أو بقي الأمر على ما هو عليه - هو أن استمرار الخلافات بين الشركاء الذين تزعموا قيادة ظاهرة العولمة، بما أتاحته من مشتركات واسعة يمكن أن يتوسع إلى حد تهديد التعاون العسكري، كامتداد طبيعي للتعاون الاقتصادي.

كما أن مواقف الجانبين قد تشهد نفس التشققات في مجالات ذات طبيعة عالمية، مثل المناخ والأوبئة، وهي أمور بالفعل أحدث فيها ترامب خللاً عميقاً لا يمكن تجاوزه بسرعة، خاصة مع محاولات الصين الواضحة لاستمالة أوروبا ناحيتها بضغط من سياسات ترامب التي لم تُفرق كثيراً بين بكين والعواصم الأوروبية الحليفة.

وللتدليل على أهمية العلاقات التجارية الأمريكية ـ الأوروبية، وبيان تأثيرها في مُجمل العلاقات بين الجانبين، بل على مُجمل التجارة العالمية - فإن وكالة بلومبيرج نشرت مؤخراً أن التجارة العالمية انخفضت بنحو الثلث تقريباً في العام الحالي 2020، بتأثير من جائحة كورونا وما أدت إليه من ركود اقتصادي. وبالتالي فإن مهمة استعادة نشاط العلاقات التجارية بين جانبي الأطلسي لا يمكن الوثوق بتحققه على نحو سريع يوقف التدهور الحاصل بالفعل.

في هذا المناخ، تصعد فرص الصين بخروج ترامب من البيت الأبيض، تشاركها إيران بالطبع، كما تبدو فرص روسيا أكثر مشروعية، خاصة في ظل تنامي نفوذها النفطي والغازي في أوروبا، وما تعانيه الولايات المتحدة الأمريكية من مشكلات داخلية بسبب تصدرها قائمة الدول المتضررة من جائحة كورونا.

وعليه، يأتي بايدن- إذا أتي- وقد بات شعار ترامب "أمريكا أولاً" يتسيد سياسة واشنطن الخارجية، وليس من المتصور أن يُعلن بايدن أن "أمريكا ثانية"، لكن السؤال هو كيف؟!

مهمة ثقيلة تنتظر بايدن- إذا فاز- وأوضاع أسوأ تنتظر الساحة الدولية، إذا استمر ترامب، خاصة أن الرئيس الأمريكي في مدته الثانية دائماً ما يكون متحللاً من معظم الضغوطات التي تمارسها عليه المؤسسات الأمريكية؛ إذ ليس لديه ما يخشى عليه، وسيرحل بعد سنوات محددة إلى صفحات التاريخ.

إعلان