إعلان

التقرير العالمي للمخاطر ٢٠٢٠ والتطوير الهيكلي

د. غادة موسى

التقرير العالمي للمخاطر ٢٠٢٠ والتطوير الهيكلي

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:00 م السبت 01 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يصدر كل عام التقرير العالمي للمخاطر ليقرر أهم المخاطر التي تواجه العالم والمرشحة للتحول إلى أزمات.

وفي الواقع يرصد هذا التقرير الهموم الدولية، كما ينبه دول العالم إلى الأعباء الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تتحملها، إذا ما تم إهمال إدارة تلك المخاطر.

وفي تقرير عام ٢٠٢٠، كانت أهم المخاطر التي تواجه العالم: الارتفاع المتواصل في درجة الحرارة، الفشل في إدارة مخاطر المناخ، الكوارث الطبيعية، خسائر التنوع البيولوجي، الكوارث البيئية بفعل البشر، تزييف وسرقة البيانات، الهجوم السيبراني، أزمات المياه، فقاعة الأصول، وفشل منظومة الحوكمة العالمية.

وبإلقاء نظرة سريعة على المخاطر العشرة، يمكن تصنيفها إلى أربع مجموعات: المخاطر البيئية، مخاطر المعلومات والثورة الصناعية الرابعة، مخاطر أمنية، ثم مخاطر إدارة هذه المنظومة من المخاطر، وتم التعبير عنها بمخاطر الحوكمة العالمية، ويُقصد بها عدم قدرة العالم ولا اتفاقه على منهجية وأسلوب إدارة المخاطر التي يواجهها لوجود اختلال في موازين القوة العالمية من جانب وصعوبة الوصول لتوافقات حول المصالح من جانب آخر.

وكما سبق القول، جميعها مخاطر عابرة لأية دولة أو تجمع بشري وتحيط بنا في عالمنا المادي وعالمنا الافتراضي.

وحيث إنها مخاطر غير تقليدية، فيجب أن يكون أسلوب التفكير والمعالجة غير تقليدي بالتبعية.

وما يعنينا في هذا التقرير علاقة الهياكل الإدارية ومؤسساتنا بموضوعاته. وكيفية استجابتها له.

وفي هذا السياق، ومع استمرار جهود التطوير الإداري والهيكلي، لا بد أن ينبهنا هذا التقرير إلى عدة أمور من الأهمية أخذها بعين الاعتبار.

أول تلك الأمور أننا ما زلنا نراوح مكاننا في شكل وطبيعة الهياكل الإدارية الموجودة لا من حيث طابعها التقليدي في الشكل والمسمى، بل أيضاً من حيث قدرتها على التعامل مع المخاطر السابقة على مستوى الموضوع وعلى مستوى التنسيق.

فكيف يمكن توزيع المجموعات الأربعة من المخاطر على هياكلنا ومؤسساتنا الحالية؟

من منها لديه الاختصاص في التعامل مع مشاكل المناخ؟ ومن منها لديه الاختصاص في التعامل مع مشاكل سرقة وتزييف البيانات والأمن السيبراني؟ إشكالية أخرى تتمثل في من منها معنيّ بمخاطر ضعف الحوكمة ومنظوماتها وعملياتها؟

الإجابة- من وجهة نظري- أننا في مرحلة تاريخية لا يجب فيها أن تنفرد أية جهة أو مؤسسة بموضوع بعينة، وإن كان ضمن اختصاصها الأصيل، فيجب أن يتحول دورها من مالك إلى منسق ومنظم لتلك القضايا والموضوعات.

ولتوضيح هذا الأمر سأستعين بمثالين من تقرير المخاطر العالمية ٢٠٢٠.

المثال الأول هو أزمات المياه.

النظرة الكلاسيكية تشير إلى أن كل ما يتعلق بكلمة المياه هو من اختصاص وزارة الري والموارد المائية.

لكن مخاطر وأزمات المياه تتعدى دور وزارة الري إلى وزارات الزراعة والصحة والإسكان والبيئة والصناعة أيضاً.

بعبارة أدق، إن إدارة المخاطر الناجمة عن أزمات المياه لا بد أن تتضمن هؤلاء الشركاء وبالتنسيق القريب معهم.

وأي تطوير هيكلي يقتضي تحويل دور الوزارة المركزي في هذا الشأن وهي وزارة الري والموارد المائية إلى وزارة تنظيمية، وبالتالي تكون القرارات المتخذة بالتوافق وبالتنسيق مع الشركاء السابقين.

مثال آخر بتعلق بسرقة وتزييف البيانات والأمن السيبراني. فنحن في مرحلة البيانات الكبيرة والمفتوحة، وتعتبر البيانات هي البنية التحتية التي ستعمل عليها منتجات الثورة الصناعية الرابعة التي ستتعامل مع ملايين بل تريليونات من البيانات.

كما تُعتبر البيانات وقودا لتقديم خدمات الرعاية الصحية والتعليم والإسكان... إلخ.

وتحتاج لإدارة وتنظيم وإلى حماية.

وأتساءل: ما الجهة التي يمكن أن تلعب دور المنظم لهذا الموضوع. في الواقع لا توجد جهة بعينها معنية بهذا الموضوع. ووزارة الاتصالات معنية بتوفير البنية التحتية لمنظومة الاتصالات أكثر من تنظيم وإدارة وحماية البيانات.

هذه الجهة لا بد أن تُستحدث. وهي في غاية الأهمية، ولابد أن تعمل بشكل لصيق مع أجهزة المعلومات، سواء كانت أمنية أم غير أمنية.

وعليه، يجب أن تأخذ سياسات التطوير الهيكلي بعين الاعتبار المرحلة التاريخية التي نعيشها والمستجدات الحديثة للعصر الحالي.

كما يجب أن تُعدل وتنتقل من فلسفة "الوزارة أو الجهة المالك لموضوع" إلى فلسفة " الوزارة والجهة الناظمة والمنسِقة للسياسات".

إعلان