إعلان

حليفان وعدو..!

محمد حسن الألفي

حليفان وعدو..!

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 08 ديسمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يمكن القول إن زيارة الرئيس السيسي إلى فرنسا ومباحثاته مع الرئيس ايمانويل ماكرون هي من أنجح الزيارات؛ فقد أسفرت عن اتفاقيات مهمة في مجالات الأمن وأمن المعلومات والاقتصاد والتقنيات الحديثة، فضلا عن التعاون بلا قيود في المجال العسكري، تسليحا وتنسيقا.

يلفت النظر أن المؤتمر الصحفي بين الرئيسين، أمس، تحول إلى مناظرة هادئة، ارتفع فيها صوت العقل والثقافة بين الرئيسين، رغم أن الموضوعين مجال التحاور ردا على سؤالين حساسين، هما بمثابة فتيل قابل للاشتعال.. لكن كياسة الرجلين وثقافتهما، والثقة بالانفتاح العقلي والمودة بينهما جعلت من المؤتمر جلسة نقاش.

كان السؤال الخبيث الموجه للرئيس السيسي كالعادة حول حقوق الإنسان.. ومنظمات المجتمع المدني. وكان السؤال الذي وجهه الزميل الحالي باليوم السابع مهما في خلق توازن ما بين ضرورتي حياة: واحدة دينية والثانية بشرية.

تريث السيسي، ورد بهدوء وبأرقام ومعلومات وبمنطق.. وبداخلنا.. نعرف أن هذه منظمات العملاء مثيري القلق والشائعات والتحريض والتفكيك.. والتقسيم.

ماذا عن أخبار ليبيا والعراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان؟ إشارة لاذعة إلى أن هذه الدول كانت مرتعا لنشاط المخابرات من كل صوب.

دافع الرئيس عن دينه ونبيه ورسوله، كما ينبغي أن يفعل كل مسلم يحب الله والرسول.. وكان الدفاع نموذجا في الأدب والرقة واختيار الكلمات، ومراعاة أدب الضيافة، ووازن بحرفية الفاهم بين واجبه كمسلم معتدل يمثل نفسه وشخصه، وكرئيس عليه واجبات.. ولا يمثل نفسه في هذا المنصب.

كشف المؤتمر عن تلاقٍ عميق في قضايا الأمن الإقليمي.. شرقي المتوسط.. وتركيز مطول على الدور التركي في التصعيد وإرباك المنطقة وتهديد أوروبا من منصة ليبيا.. حيث آلاف المرتزقة، وتحريض الوفاق على النكوص.. والتراجع عن خطة السلام... بعد أن كانت كل القضايا تقريبا أقرب إلى الحل.

لكن قضية حقوق العملاء بالذات كانت، وستظل الفتيل الملتهب.. ومن الملاحظ أن نبرة الدفاع عن العملاء والجواسيس علت، وزأرت مع قدوم بايدن.. النسخة العجوز من أوباما، راعي مشروع إسقاط الدولة الوطنية العربية لحساب الإخوان.. كأن خاله حسن البنا مثلا!

ورغم رد الرئيس السيسي بمنطق ومعلومات وأن العمل الأهلي مفتوح تحت مظلة قانون وطني لخمس وخمسين ألف جمعية.. فإن هيومان رايتس ووتش المشبوهة في تصريحاتها واستدلالاتها.. ونوعية مصادرها والانتقائية الجلية في اختيار التيارات التي تعكس توجهات المنظمة.. أقول إنها لم يعجبها موقف الرئيس الفرنسي..

وكان ماكرون قال إنه سيتعاون مع مصر في المجالات كافة دون تعليق التعاون على ملف حقوق الإنسان.. لماذا ؟

الإجابة قالها: مصر حصن منيع bulwark ولا يجب إضعافه في الحرب ضد الإرهاب.

بالطبع، فإن الرئيس السيسي موجود في فرنسا بينما المظاهرات والاحتجاجات والاعتقالات تتصدر شاشات العالم.. والسبب قانون الأمن الشامل، وبالذات المادة ٢٤، وهو قانون أقرته الغرفة الأولى من الجمعية الوطنية الفرنسية، البرلمان، ويحتاج تصديق الغرفة العليا، مجلس الشيوخ.

يقضي قانون الأمن الشامل بتجريم كل من يصور أعمال العنف من جانب رجال الأمن والشرطة في فض الاحتجاجات.. وتجريم من يرفعها على صفحات التواصل الاجتماعي .

ويطلق القانون حق الداخلية الفرنسية في إطلاق الكاميرات المسيرة، في الفضاء العام للمدن وتصوير ما تراه الإدارات الأمنية أو المخابراتية.

يثور الفرنسيون لأنهم اعتبروا هذه المادة قيدا على حريتهم، وأن تصويرهم آليا في أي وضع وسرا وعلنا ودون أن يشعروا - انتهاك صارخ لكرامة وخصوصية الحياة الفرنسية.

وصحيح هناك توجه لتعديل هذه المادة، لكن لم نلاحظ أن أحدا توجه بسؤال إلى ماكرون عنها حين تحدث عن حرية الصحافة الفرنسية، يحميها القانون، في الإساءة إلى النبي سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم).

من الكياسة أيضا أن فريق الرئيس السيسي، لم ينصح بفتح هذا الملف، وهذا يليق بالضيف تجاه المضيف.. رغم الخلاف بين القيادتين في ملف الحريات بالنسبة للمنظمات المشبوهة.

مصر بحاجة إلى ظهير أوروبي قوي، دعامتاه ألمانيا وفرنسا، لأن القادم مع الإدارة الديمقراطية يحمل سمات الفصل الثاني من تاريخ أوباما الأسود..! تاريخه لا شخصه.

إعلان