إعلان

التحديات من الجبهة الليبية تتزايد

محمد جمعة

التحديات من الجبهة الليبية تتزايد

محمد جمعة
09:00 م الخميس 04 يوليو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

سبق أن حذرنا على هذه الصفحة يوم 10 أبريل الماضي (أي بعد انطلاق معركة طرابلس بأقل من أسبوع) من مخاطر استمرار حالة "اللاحسم" في طرابلس ووصول المعركة هناك إلى طريق مسدود.

سواء بسبب مخاوفنا من الفوضى الناشئة عن ذلك، وما توفره من فرص لانتعاش تنظيمات إرهابية، أو بسبب مخاوفنا من أن يتحول استمرار حالة "اللا حسم" إلى حرب ممتدة قد تشهد ليبيا خلالها تصعيدًا دراماتيكيًّا لحروب الوكالة، ستسمح لـ"داعش" و"القاعدة" بتعزيز مواقعهما، أو استعادة بعض النفوذ المفقود هناك، خاصة في ضوء استمرار الأزمات السياسية الراهنة في دولتي الجوار الليبي، أي السودان بدرجة أساسية، وأيضا الجزائر.

مرور حوالي 90 يوما على المعركة وما أفرزته من معطيات جديدة على الأرض، لم تؤكد فقط وجاهة هذا التقدير منذ البداية، وإنما عمقت من تلك المخاوف بشكل كبير جدا. والسبب في ذلك ليس فقط هذا التدخل التركي واسع النطاق والتأثير، وإنما أيضا تطورات الأحداث داخل دولتي النيجر وتشاد المتاخمتان للجنوب الليبي.

فحتى وقت قريب كانت الساحة الرئيسية لعمليات ما يسمى بــ"ولاية غرب أفريقيا" تتمثل في شمال نيجيريا وحول بحيرة تشاد، حيث المناطق المتاخمة لحدود نيجيريا داخل كلٍ من تشاد والنيجر. لكن ومنذ مارس الماضي بدأ نطاق تلك العمليات يتوسع بشكل ملحوظ نحو وسط وشمال كلٍ من النيجر وتشاد... أي باتجاه ليبيا.

بمعنى أن نطاق عمليات "ولاية غرب أفريقيا" في النيجر كان يقتصر في السابق على البلدات المتاخمة لنيجيريا، مثل بوسو وديفا وماين سوروا وتومور. في حين أن بلدة مثل "نيجيمي" تقع أبعد كثيرا في الشمال من تلك البلدات الحدودية، ولم يسبق أن تعرضت لهجوم من قِبَل "ولاية غرب أفريقيا" حتى بدأت هذه الموجة الجديدة من الهجمات في النيجر، بما يشير إلى أن "ولاية غرب أفريقيا" تعمل على ترسيخ نفسها وتوسيع نطاق عملياتها نحو شمال النيجر أكثر من أي وقت مضى. وبالمثل امتدت عمليات " ولاية غرب أفريقيا" إلى وسط وشمال تشاد. على سبيل المثال الهجوم الذى وقع في 2 يونيو الماضي في "بول" بتشاد، والتي تقع على مسافة أبعد بكثير من بحيرة تشاد.

أحد أهم التفسيرات لتلك المستجدات داخل النيجر وتشاد هي رغبة داعش في تعزيز طرق النقل والإمداد إلى ليبيا. فهناك، على سبيل المثال، تقارير عن أعضاء من تنظيم داعش في ليبيا يسافرون إلى نيجيريا والعكس صحيح. وهناك أيضًا طرق معروفة لتهريب الأسلحة بين ليبيا ونيجيريا، وبحسب ما ورد في تقرير لإحدى الدوريات الأمريكية الرصينة والمتخصصة في متابعة ملف الإرهاب، فقد تم القبض على مهربي أسلحة من ليبيا وتشاد في نيجيريا في الشهر الماضي مباشرة.

هذه المستجدات الخطيرة تؤكد ببساطة، أولا: إذا انحدر السودان نحو الصراع وانتشرت الأسلحة هناك، فقد ينتهي بها الأمر أيضًا للوصول إلى أيدي "ولاية غرب أفريقيا" عبر السوق السوداء، الأمر الذي يجعل من الطرق اللوجستية عبر النيجر وتشاد أكثر أهمية بالنسبة لداعش.

ثانيا: إن التحديات في جنوب ليبيا أصبحت أكبر من ذي قبل، في ضوء تعاظم التأثيرات السلبية القادمة من تشاد والنيجر. وبالتالي فرص انتعاش داعش في جنوب ليبيا (التي كانت قد تراجعت مع دخول الجيش الليبي في الجنوب في فبراير الماضي) لم تتزايد فقط نتيجة الاستنزاف الذي يتعرض له الآن الجيش الليبي في غرب ووسط ليبيا. ولكن إلى جانب هذا ذلك الطموح من قبل "ولاية غرب إفريقيا" في أن تكون طرقها نحو ليبيا مفتوحة.

إعلان