إعلان

صحوة داعش الثانية

محمد جمعة

صحوة داعش الثانية

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 12 يونيو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

منذ الانهيار المفترض لخلافته، أواخر شهر مارس الماضي، وتنظيم داعش يشهد صحوة ملحوظة، على مختلف الأصعدة. إذ تتزامن زيادة عمليات التنظيم في معاقله الرئيسية في سوريا والعراق (مقارنة بالعام الماضي) مع عودة كثير من "ولاياته" إلى النشاط الكثيف في أنحاء مختلفة من العالم. ويتزامن هذا وذاك أيضا مع الإعلان عن إنشاء "ولايات جديدة"، واتساع النطاق الجغرافي لعمليات داعش إلى أراضٍ وبلدان ربما لم تشهد نشاطا للتنظيم من قبل.

فبعد نحو أسبوعين فقط من انهيار خلافته عقب خسارته لمعركة الباغوز في دير الزور بسوريا، شن التنظيم 92 هجوما في أربعة أيام فقط (من 8 : 11 أبريل 2019) في نحو 80 منطقة من العالم. وقد أعلن داعش مسؤوليته عن كل هذه الهجمات، التي نفذها ثمانٍ من ولاياته المختلفة، واعتبرها جميعًا تندرج في إطار "غزوة الثأر لولاية الشام المباركة"، بحسب زعيم داعش أبوبكر البغدادي.

وخلال شهر تقريبا، أي من 18 أبريل: 19 مايو2019 أعلن التنظيم عن ثلاث ولايات جديدة له، بدأها بالإعلان عن ولاية وسط إفريقيا، في 18 أبريل الماضي. ثم أعلن بعد ذلك عن "ولاية الهند"، و"ولاية باكستان"، يومي 10، و19 مايو على التوالي.

أيضا، منذ أن ظهر البغدادي في الفيديو الأخير (29 إبريل2019) ودعا فيه أنصاره إلى "استنزاف العدو"، وحتى يوم 5 يونيو2019 أول أيام عيد الفطر، نفذ تنظيم داعش بكافة فروعه نحو 188 عملا إرهابيا. أي أنه في نحو 36 يوما فقط، شن هجمات تمثل 40% من إجمالي عدد العمليات التي نفذها طوال العام الماضي. (467 هجوما إرهابيا لداعش في 2018). حيث تسلط تلك الهجمات الأخيرة الضوء على نقاط مهمة منها:

- من الواضح أن تنظيم داعش يحرص دائما على توظيف المناسبات الدينية في تكثيف هجماته. والشاهد هنا أن ذكرى غزوة بدر الكبرى في 17 رمضان شهدت وحدها هذا العام أكثر من 20 هجوما إرهابيا في أماكن مختلفة من العالم. أيضا بلغ عدد عمليات التنظيم في الأسبوع الأخير من رمضان وحتى صباح يوم عيد الفطر، 113 عملية إرهابية.

- أن مستوى وكثافة الهجمات في ولاياتها المختلفة يعكسان القدرات العملياتية لكل ولاية على حدة.

- بالنظر إلى عدد الهجمات، يمكن القول إن ولايتي العراق وسوريا هما مركز العمليات الرئيسي لداعش. بعد ذلك تبرز ولاية خرسان في أفغانستان، وولاية غرب أفريقيا حيث تنشط في نيجيريا والبلدان المجاورة.

- معظم الهجمات كانت موجّهة ضد أهداف أمنية، وكانت غير معقّدة نسبيًّا من ناحية الوسائل والتكتيك. وشملت هذه الهجمات: إطلاق نار، وتفجيرات بعبوات ناسفة، وكمائن، وهجمات على مواقع ومجمعات عسكرية، وإعدام لـ"عملاء أو جواسيس" بحسب مزاعم داعش. كما وقع عدد قليل من الهجمات الانتحارية.

باختصار، يستمر تنظيم داعش في عمله الدموي على النحو الذي يجعل منه أخطر مصادر التهديد الإرهابي على مستوى العالم حتى الآن، رغم خسارته للأراضي التي ظل يسيطر عليها في العراق وسوريا، وأقام عليها خلافته المزعومة، لعدة سنوات.

وهكذا أثبتت قيادة داعش أنها حتى بعد فقدان "ولايتها" في وادي الفرات السفلي، لا تزال قادرة على مواصلة عملها الإجرامي بشكل مكثف ومنسق يشمل "ولاياتها" في العديد من دول العالم.

إعلان