إعلان

إلى الرئيس السيسي.. الدولة يثبتها العدل والحرية والتخطيط السليم

د.عمار علي حسن

إلى الرئيس السيسي.. الدولة يثبتها العدل والحرية والتخطيط السليم

د. عمار علي حسن
09:08 م الأربعاء 23 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

( 1 )

الفساد والاستبداد هما السبب الأول لسقوط أي دولة وانهيارها، وليس غضب شعبها من أجل الحرية والعدل والكرامة.

فالنُّخب التي حكمت العالم العربي بعد رحيل الاستعمار فشلتْ في صناعة “الدولة الوطنية الحديثة”، فبقيت الكيانات العرقية والمذهبية والطبقية متجاورة، بلا انصهار، في ظل غياب تطبيق مبدأ “المواطنة”، فلما انتفض الناس ضد الظلم والقهر والسرقة، وجدوا أن بلدانهم ليستْ دولًا بالمعنى الحديث، فزاد أمد الاضطراب والفوضى، خاصّة أن قوى الثورة المضادة عملت من أجل هذا لإفشال الثورات.

وأحد الأسباب الأساسية للدخول في هذا النفق المظلم، الذي أدّى إلى انهيار الدولة في سوريا واليمن وليبيا ومن قبلهما العراق، ليس نزول الناس إلى الشارع بعد صبرٍ طويلٍ على الظلم والضيم، لكن لأن الجالسين على الكراسي تشبثوا بمقاعدهم، وقاتلوا شعوبهم رافعين شعار: “سنحكم إلى الأبد حتى وعلى جثث الجميع”.

فلنتصور لو أن الأسد والقدافي وصالح استجابوا لرغبة الشعب في رحيلهم، ألم يكنْ في هذا نجاة لسوريا وليبيا واليمن من الفوضى؟ وحتى لو كانت هذه الفوضى قد وقعتْ رغم رحيلهم سريعا طائعين سيكونون هم مسئولين عنها لأنّهم أخْفقوا في تعزيز التماسك الاجتماعي والإيمان بدور الدولة ووظيفتها وتقوية دعائم وجودها واستمرارها.

هكذا مضتْ الدّول العربية، مُستبدٌ حَكَمَ فوضَعَ الدولة على حافَّة الانهيار، فلما هزَّها النَّاس بحقٍّ خرَّتْ صريعةً، ومستبدٌّ آخر ورَثَ حُكْمَه يتصوّر أن بوسعه منع الانهيار بمزيدٍ من الاستبداد.. يا للعجب، لا أحد يتعلم من التاريخ.

( 2 )

ما تم إنفاقه بإفراطٍ على المشروعات الكبرى، ضيَّق الخيارات، ورهن قرارنا الاقتصادي لصندوق النقد الدولي، الذي فرض شروطه، وبدأت رحلة المعاناة، حيث انهارت العملة الوطنية في مقابل الدولار، وحدث الارتفاع الجنوني للأسعار، في ظلِّ غياب الدولة عن ضبْط الأسواق.

وقد يقول مَنْ يُدافعون عن هذه السياسات: إن النّاسَ مقتنعون بِها، بدليل أنّهم صامتون، بينما الحقيقة التي يدركها كُلُّ ذي عقلٍ فَهيم وبصيرة، هي أنَّ النَّاس يتمردون الآن بشكل سلبي، من خلال زيادة حجم السرقات، وأشكال مقنعة من عصيان مدني غير معلن، وانسحاب من المشاركة في الحياة العامة، وفقدان الثقة في القرار.

( 3 )

هناك ثلاثة أسْئلة هي الأكثر طرحًا من الصحفيين عليَّ في الفترة الأخيرة، الأوّل يقول: هل ترى أن على القوى الديمقراطية المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة أم تقاطعها؟ وإجابتي: هذا مُتوقّفٌ على تقييم الوضْع قبل انطلاق الانتخابات بأيَّام، فإنْ كانتْ هناك منافسة حقيقيّة وضمانات كافية للنزاهة فالمشاركة ستكون ضرورية، وإن لم يتوفّرْ هذا فسيكونُ خِيارُ هذه القوى إمَّا المقاطعة أو الدعوة إلى المشاركة وإبطال الأصوات. مع الأخذ في الاعتبار احتمال أن تقود تعديلات الدستور المزمع إجراؤها إلى تأجيل الانتخابات حتى 2020 حال وجود ما يفيد باستفادة الرئيس من التعديل فورًا، هكذا نسمع ونقرأ بعض التسريبات، ولننْتظر حتى يتبيَّن الأمْر.

والثاني يقول: هل القوى الديمقراطية لديها مُرشَّحٌ يصْلح؟ وإجابتي: مصر غنية بالرجال، والذين يقولون لنا: من ينفع غير الرئيس السيسي، نسألهم: هل كنتم تعرفون السيسي قبل خمسة أعوام.

في بلدٍ فيها مئات الآلاف من حملة الماجستير والدكتوراه، وكل هؤلاء القضاة، والأطباء، والمهندسين، والمحامين، والصحفيين، والمدرسين، ورجال الإدارة ورجال الأعمال، يكون من غير اللائق أن نسْأل عن مُرشَّح، المشكلة هي في الشروط وفي خوف كثيرين من اغتيالهم معنويَّا إنْ فكَّروا في الترشح.

أما الثالث فهو: ما نسب الفوز للقوى الديمقراطية في الانتخابات القادمة؟ وإجابتي: يجب أن تتَّفِق على رجلٍ مدنيٍّ يقتَنعُ به الشعب، وتُسانده بلا هوادة.

( 4 )

للأسفْ لا نزال نعيش في طور “الحرب الدفاعية” ضِد الإرهاب، بينما هُناك ضرورةٌ للمبادرة أو المُبادَأة أو الهُجوم، وأساسه جمع المعلومات الكافية عن التنظيمات الإرهابية واختراقها، ووأد تدابيرها في مَهْدها. ونحتاج في تصدِّينا للإرهاب إلى استراتيجيّة شاملة، لها جوانب فكريّة ومعرفيّة إلى جانب الأمور العسكريّة والأمنيّة والاقتصاديّة، ومن المُهمِّ أيضًا التصدِّي للدول التي تدعم الإرهاب وترْعاه. وقد انْتظرْنا طويلًا أن تتنبه السلطة إلى أن مقارباتها أو معالجاتها لقضيّة الإرهاب يَقْعُد لها الفشل من بين يديها ومن خلْفها، لكن يبدو أنّنا سننْتَظر مددًا غير محددةٍ طالما أن القرار السياسي والأمني يُصِرُّ على مُجافاة التفكير العلمي.

إعلان