إعلان

لماذا لا تُدين ألمانيا السياسات القطرية؟

لماذا لا تُدين ألمانيا السياسات القطرية؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:51 م الإثنين 03 يوليه 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لم تتبن ألمانيا موقفا يدين السياسات القطرية في المنطقة أو يؤيد الاجراءات الاقتصادية والدبلوماسية التي اتخذها الرباعي العربي (الامارات والسعودية والبحرين ومصر) ضد قطر منذ بدء الأزمة مطلع يونيو 2017. فعلى سبيل المثال، تحدث وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل في 9 يونيو 2017 عن أن قطر "شريك استراتيجي" لألمانيا في مجال مكافحة الارهاب، وذلك في الوقت الذي يندد فيه الرباعي العربي بسياسات الدوحة الداعمة لكل من تنظيم داعش وجبهة النصرة وجماعة الاخوان وغيرها من التنظيمات الارهابية. كما عد وزير الخارجية الألماني أن المطالب الثلاثة عشر التي حددها الرباعي العربي استفزازية جدا very provocative لكونها تمس السيادة القطرية ( تصريح الوزير في لقاء مع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية 26 يونيو 2017).

ويمكن تفسير الموقف الألماني بعدد من العوامل، يتمثل العامل الأول في أن اتجاه ألمانيا لإعادة التموضع في المنطقة من خلال سياسة شرق أوسطية نشطة خلال المرحلة الحالية مرتبط بقضايا محددة هي البرنامج النووي الإيراني ومكافحة الإرهاب النابع من منطقة المشرق، والهجرة واللاجئين من مناطق الصراعات، فضلًا عن فتح أسواق المنطقة أمام الاستثمارات ومبيعات السلاح الألمانية.

وينصرف العامل الثاني إلى ارتباط ألمانيا بمصالح اقتصادية مع قطر، فوفق إحصاءات هيئة الاستثمار القطرية يوجه حوالي 338 مليار دولار لقطاعات مختلفة في اقتصادات الدول الأوروبية، وفي حالة ألمانيا تستثمر قطر في قطاع صناعة السيارات وقطاع البنوك ومصانع الطاقة، بإجمالي استثمارات يقدر بحوالي 18 مليار دولار. 

ويتعلق العامل الثالث بشبكة العلاقات التي استطاعت أن تنسجها قطر مع وسائل الإعلام الغربية ومراكز الفكر الغربية ودوائر صنع القرار في أوروبا طوال السنوات الماضية، والتي لا تعد ألمانيا استثناءً عليها ، والتي روجت من خلالها لفكرة رئيسية مفادها أنها الدولة "الداعمة للتغيير ولليبرالية"، وذلك في الوقت الذي تتغاضى فيه هذه الدوائر عن جمود عملية الإصلاح السياسي في داخل قطر.

وينصرف العامل الرابع إلى إدراك ألمانيا وغيرها من الدوائر الأوروبية أن هناك سقف للتصعيد ضد قطر، خاصة من قبل دول الخليج الثلاث، وأن هذا السقف كما تحدث عنه وزير الخارجية السعودية لا يتضمن استخدام القوة العسكرية ، حيث أكد في أكثر من مناسبة على أن الأزمة مع قطر ليست عسكرية، في إشارة إلى استبعاد الأداة العسكرية في التعامل معها. كما توجد قناعة ما بأن تسويتها يكون من خلال المفاوضات والحوار بين دول الخليج وفي إطار مجلس التعاون، وبالتالي لا تمثل أزمة الرباعي العربي مع قطر دافعا لألمانيا للمبادرة بطرح أي أفكار لتسويتها.

إن هذه العوامل تجعل حسابات دول الرباعي العربي في اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد قطر بعد انتهاء المهلة المحددة لها دقيقة للغاية، لاسيما في ظل عدم وجود تأييد غربي وليس ألماني فقط لتلك الإجراءات.

إعلان