إعلان

لأسباب لا أحد يعلمها

شريف حسين

لأسباب لا أحد يعلمها

03:55 م الأحد 06 مارس 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - شريف حسين:

(1)

لا يمكن وصف تلك الحالة على أنها صداقة قوية "عشرة"، أو "اعتياد". توجد أنواع من العلاقات الإنسانية يصعب تصنيفها، نظلمها إذا وضعنا لها حدودا، ويكون من السذاجة حصرها في قالب معين لتكتفي بما يقرره المجتمع لهذا القالب. هناك أنماط من العلاقات تتخطى تلك الحدود لتصبح حالة فريدة وغير متكررة.

(2)

عزيزتي.. هل يوجد شعور أجمل من هذا؟، أن يفتح المرء قلبه دائما دون أي حسابات؟ نحن لم نتفق على هذا مطلقا، لم نعقد اتفاقا واضحا بإزالة كل الحدود، لكن ذلك الاتفاق الخفي نبت بيننا بسرعة لا تصدق حتى أصبح واقعا يحكم علاقتنا، مضت فترة زمنية قصيرة جدا جعلتنا نشعر بأننا أصدقاء منذ أعوام. أفتخر دائما أمام الجميع بأننا منذ اليوم الأول لم نشعر أننا غرباء تعرفنا على بعضنا البعض حديثا، شعرت وقتها أننا التقينا من قبل، كثيرا ما تروادني فكرة أننا من الممكن أن نكون قد التقينا في عوالم أخرى، وكنا نحمل أسماءً غير التي نحملها الآن، لكن أرواحنا تبقى واحدة، وهي التي تجعلنا نكتشف ونصل إلى بعضنا البعض.

(3)

نحن أشخاص عاديون، يختار البعض أن يبقى عاديا، ويختار آخرون بذل مجهودات كبيرة لكي يكونوا رائعين في نظر الناس، لكن قليلين فقط يمكنهم أن يكونوا أشخاصا استثنائيين، وكأنهم يمارسون الحياة بخفة ورشاقة ودلع على أطراف الأصابع على خلفية موسيقية عذبة ويصنعون بتحركاتهم إيقاعا راقصا مبهجا ومحببا إلى النفس.

(4)

كم مرة تشاركنا فيها احتساء القهوة؟ وكم مرة ابتكرنا طرقا جديدة لكي نتمنى لبعضنا البعض يوما سعيدا في الصباح؟ إن هذين الفعلين فقط كافيين لجعلي سعيدا.

(5)

نتحدث لساعات طويلة، وينتقل الحديث من منطقة لأخرى دون أن ندري ببساطة آسرة. تعرفين أنني أحب كل أحاديثنا بلا استثناء، من التأملات والأسئلة الوجودية المحيرة، إلى النقاشات العميقة في الدين والسياسة والفن، معاناة الفتيات في المجتمع الضاغط، وحتى في كرة القدم التي لا تعرفين عنها الكثير، وليس انتهاءً بـ"الدايت" والنميمة على البشر، وأهمية تعلم اللغة العربية بعمق، وأهمية أن يتحرى كل شخص الدقة حتى لا يقع في أخطاء كارثية أثناء الكتابة على الموبايل أو الكومبيوتر.

(6)

أنتِ لاتزالين طفلة، تضحك بدون حساب وتجري في كل مكان وترقص فرحا على أشياء بسيطة، وتشعر بالصدمة وخيبة الأمل حين تكتشف أن العالم ليس مثاليا كما كانت تتخيله، وأنه لن يكون مثاليا كما كانت تحلم به أن يكون، فتحكي لي عن الصدمة.

(7)

دائما ما يريد الناس أن يروا أنفسهم في صورة جيدة في أعين الآخرين، نعرف أننا نمتلأ بالنواقص لذلك نحب هؤلاء الذين نشعر بسببهم أننا أشخاصا جيدين ومحبوبين ونستحق الحياة بالفعل، نحبهم لأنهم يساعدوننا على اكتشاف مناطق الجمال فينا. حين سألتك عن أهم عيوبي أو صفاتي التي لا تحبيها كان ردك "لم أجد شيئا واحدا"، هكذا أصبحت متصالحا مع نفسي وواثقا أكثر من أي وقتٍ مضى.

(8)

تقول رضوى عاشور في رواية "الطنطورية": "الأرواح تتآلف أو تتنافر هكذا لأسباب لا أحد منا يعلمها"، ونحن لا نعلم الأسباب فعلا، وربما لا نريد أن نعلمها، ويكفينا ذلك التآلف فقط.

إعلان

إعلان

إعلان