إعلان

هل يمكن التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة؟.. صحيفة إثيوبية: احتمال ضئيل

06:17 م الثلاثاء 11 أغسطس 2020

سد النهضة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

قالت صحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية إن الخلاف الذي لا يزال قائمًا بين أطراف النزاع حول ملف سد النهضة (مصر والسودان وإثيوبيا)، يرتبط بشكل مباشر ووثيق بمعاهدات النيل المُبرمة خلال الحقبة الاستعمارية.

ورجحت الصحيفة أن تفشل الدول الثلاث في التوصل لاتفاق، وأن تمضي إثيوبيا قدما في الملء الأحادي للسد وفرض سياسة الأمر الواقع، معتبرة أن احتمال الاتفاق ضئيلة جدا.

وفي تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني، حاولت الصحيفة الإثيوبية واسعة الانتشار تشويه كافة الاتفاقات المائية في إفريقيا وإرجاعها إلى سطوة الاستعمار، على الرغم من إن إثيوبيا لم تكن مستعمرة وقت توقيع الاتفاقات.

وزعمت أنه خلال "فترة "التدافع على أفريقيا، كانت السيطرة على منبع النيل هدفًا استعماريًا رئيسيًا للبريطانيين. ففي عام 1902، أبرمت بريطانيا مع أديس أبابا المعاهدة الأنجلو-إثيوبية التي وافقت الأخيرة بموجبها على عدم منع تدفق مياه النيل تمامًا".

وتابعت: "وبعدها جاءت المعاهدة الأنجلو- مصرية في عام 1929. وُقّعت بين بريطانيا (نيابة عن مستعمراتها السودان، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا) وبين مصر. بموجب تلك المعاهدة، مُنِعت المستعمرات في شرق أفريقيا البريطانية من استغلال مياه النيل دون موافقة مصر".

أما الاتفاقية الثالثة فكانت معاهدة مياه النيل المُبرمة عام 1959 بين مصر والسودان؛ إذ تقاسمت بموجبها دولتا المصب كل كميات المياه المُتدفقة من النيل.

وبعد مفاوضات أُجريت في ذلك الوقت، توصلت جميع دول الحوض إلى ما عُرِف باتفاقية "الإطار التعاوني لحوض النيل (CFA)" في عام 2010. لكن رفضتها مصر والسودان لأنها لم تُقِر بـ "حقوقهما المنصوص عليها" في المُعاهدات المُبرمة سابقًا.

وإزاء هذا الإرث من المعاهدات، من وجهة نظر الصحيفة، لم يكن لدى إثيوبيا خيار آخر سوى البدء في بناء سد النهضة بنفسها، زاعمة أن بإمكانه تغيير الوضع الراهن المنصوص عليه في تلك المعاهدات. ومن ثمّ؛ فإن المحادثات الجارية بين مصر والسودان وإثيوبيا تحمّل في طياتها صراعًا بين خيارين (إما تغيير الاتفاقات الموروثة أو الإبقاء عليها).

مخاوف الدول الثلاث

ورغم مخاوف دولتيّ المصب، زعمت الصحيفة أن السد يمنح مصر والسودان بشكل عام فوائد لا تُعد ولا تُحصى، بما في ذلك ضمان التدفق المنتظم للمياه، ومنع ترسب الطمي، وتقليل التبخر، وتوفير طاقة كهربائية زهيدة الثمن.

وقالت إن السودان دعم المشروع منذ عام 2012 بسبب الفوائد المُحتمل أن يجنيها منه. في حين ترى مصر أن أي سد يُقام في أعالي نهر النيل من شأنه أن يُهدد تدفق مياهه إليها. وقالت إنها رفضت في بادئ الأمر المشروع جملة وتفصيلًا قبل أن تطلب لاحقًا تقليص حجمه، وتوقّع بعد ذلك على اتفاقية إعلان المبادئ مع إثيوبيا والسودان في عام 2015، والتي تُحدد إطارًا للمفاوضات حول الملء الأول والتشغيل السنوي للسد.

وزعمت الصحيفة أن سد النهضة من شأنه أن يُعزز إمكانات الري في السودان، ويمكّن الخرطوم من استخدام مزيد من مياه النيل (حتى أكثر من حصته البالغة 18.5 مليار متر مكعب). ولذلك، يدعم السودان السد بشكل كامل ولكنه يدعي أيضًا أنه لا يستخدم المياه المُقدّرة في "حصته" بموجب معاهدة مياه النيل لعام 1959. لكن بشكل عام، فإن سد النهضة مُهم للسودان على نحو مماثل لأهمية السد العالي لمصر- على حدّ قولها.

يذكر أن السودان صعد موقفه الرافض لطريقة إثيوبيا في التفاوض بعد تسبب ملء سد النهضة في انخفاض منسوب النيل لعدة أيام وتوقف مضخات المياه، إضافة إلى تصاعد مخاوف الخرطوم من عوامل أمان السد، وزيادة احتمالات انهياره وتعرض أراضيها للغرق.

وقالت الصحيفة إن الالتزام بالحصص المُحددة في الوقت الحالي سيحرم إثيوبيا من حقها، مشددة على أنه "يستحيل أن توافق أديس أبابا على أي معاهدة يُمكن أن تُضفي طابع الشرعية على الاستخدام الحالي للمياه أو تقسيمها بموجب معاهدة مياه النيل لعام 1959".

احتمالات التوصل إلى اتفاق

وفي حين تتفاوض مصر وإثيوبيا والسودان منذ 5 أعوام حول ملء وآلية تشغيل السد، لم يتمكنوا إلى الآن من إبرام صفقة. فبالإضافة إلى قضية تخصيص المياه، لا يزال يتعين عليهم حل المشكلات المتعلقة بالتخفيف من حدة الجفاف وآليات حل النزاعات المُستقبلية.

وذكرت الصحيفة أنه تم طرح 3 آليات لتخفيف آثار الجفاف خلال جولات المفاوضات. تغطي تلك الآليات فترات الجفاف، والجفاف المطوّل، وسنوات الجفاف الطويلة، موضحة أن السنة الجافة الطويلة تختلف عن الجفاف وأنه تم تضمينها في مسودة الاتفاقية الأمريكية لفرض مزيد من العبء على إثيوبيا، وتعطيل إنجاز السد وحرمان إثيوبيا من حق استهلاك مياه النيل.

وقالت إنه: بالنظر إلى اعتراض إثيوبيا على الاقتراح المصري والسوداني في هذا الصدد، فمن غير المرجح أن تتفق الدول الثلاث على كيفية التخفيف من موجات الجفاف مُستقبلًا. أما بالنسبة لتسوية الخلافات، فرأت الصحيفة أن مصر بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق لمنح طرف ثالث سلطة اتخاذ قرارات مُلزمة بشأن السد.

وأضافت: "إعلان المبادئ" الموقّع قبل 5 أعوام يتطلب من الدول الثلاث حل النزاعات المُستقبلية فقط من خلال التفاوض والتوفيق والوساطة، لذلك فمن غير المرجح- بحسب الصحيفة- أن تحل الدول الثلاث بسهولة هذه القضية المُعلّقة.

بيد أن هناك احتمال ضئيل للتوصل لاتفاق؛ بتطبيق أحد الخيارين: الأول أن تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق مؤقت يحكم الملء الأوّلي للسد (خلال العامين المقبلين). ومن شأن هذا النهج المجزأ أن يمنح الدول الثلاث الوقت لبناء الثقة، والعمل على التفاصيل بشأن التخفيف من حدة الجفاف وتسوية المنازعات. لكن التعبئة الأولية لن تكون ضمن نقاط البحث الشائكة.

وترى الصحيفة الإثيوبية أن: هذا الخيار، سيصب الاتفاق المؤقت في مصلحة مصر والسودان لتجنب الملء الأحادي للسد، مشيرة إلى أن الدافع الوحيد الذي يُمكن أن يفضي إلى تطبيق ذلك أن تظل إثيوبيا مصممة على مواصلة ملء السد (الذي يُخزن بالفعل 4.9 مليار متر مكعب من المياه)- مع أو بدون اتفاق.

أما الخيار الآخر، بحسب الصحيفة، فيتمثل في تقييد اتفاق سد النهضة المُنتظر فيما يتعلق بملئه وتشغيله السنوي. ويُمكن للدول الثلاث معالجة المشكلات المرتبطة معاهدة 1959 من خلال "التأكيد، صراحة، على إمكانية استخدام إثيوبيا مياه النيل بشكل مُنصف"، وفق تعبيرها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان