إعلان

''المارد الصيني'' يربك حسابات الدول ويهدد اقتصاد العالم.. ماذا عن مصر؟

12:59 م الجمعة 23 أكتوبر 2015

صورة أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تقرير - إيمان منصور:

أعادت أزمة التباطؤ الاقتصادي التي تتعرض لها الصين - ثاني أكبر اقتصاديات العالم -، إلى الأذهان المخاوف من حدوث أزمة مالية عالمية جديدة كالتي وقعت في 2008 بسبب الرهن الأمريكي، خصوصًا أن أحد الأسباب الرئيسية في التراجع الحاد بأسعار النفط في الفترة الأخيرة، وانخفاض حجم التجارة العالمية بسبب تأثير ما يحدث في الصين على العديد من الدول.

وكان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعامي 2015 و2016، محذرًا من المخاطر الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد الصيني وعدد من الأسواق الناشئة، مما يستدعي الحاجة إلى سياسات تهدف لزيادة الطلب.

وتراجع النمو الاقتصادي الصيني - بحسب رويترز - إلى 6.9 في المئة خلال الربع الثالث بالمقارنة مع العام الماضي مخالفًا التوقعات، ولكنه مازال الأبطأ منذ الأزمة المالية العالمية مما يضع ضغوطًا على صناع السياسة لتطبيق مزيد من إجراءات الدعم في الوقت الذي أدت فيه المخاوف من حدوث تباطؤ أشد إلى إثارة قلق المستثمرين.

وأشار اقتصاديون -استطلع مصراوي رأيهم- إلى أن هذا التباطؤ الصيني كان له العديد من ردود الأفعال حيث قامت بعض الدول كأوروبا بانتهاج سياسة تقشفية، وقامت بعض الدول الأخرى مثل أمريكا وفرنسا بزيادة طبع عملتها، مؤكدين أن الأزمة الصينية كان لها الأثر الإيجابي والسلبي على مصر.

تأثر مصر

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده، إن الأزمة الصينية انتقلت إلى دول العالم، ولكن مع اختلاف نوع التأثير وردود الأفعال، حيث أن الأزمة جاءت في صالح دول، بينما قام آخرون باتخاذ إجراءات تقشفية من أجل مواجهة مخاطر ما يحدث في الصين على اقتصادهم.

وأوضح رشاد عبده خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن الأزمة الصينية ساهمت بالتسبب في تراجع حاد بأسعار النفط بسبب قلة انخفاض الطلب، الأمر الذي تسبب في وجود عجز بإيرادات دول الخليج، كما قامت بعض الدول الأوروبية بتنفيذ سياسات التقشف لمواجهة الأزمة الصينية.

وأضاف أن اتخاذ الصين بعض الإجراءات لتنشيط اقتصادها وللخروج من المأزق التي وقعت فيه كتخفيض قيمة اليوان لتقليل التكلفة وزيادة الصادارات، أدى إلى قيام بعض الدول الكبرى مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا بزيادة طبع النقود لديهم حتى يمتلأ السوق بالعملة والتي تعمل على خفض التكلفة ومن ثم تقليل المديونيات.

وتراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها متأثرة بانخفاض الطلب نتيجة الأزمة الصينية، ويتداول برميل النفط مادون الـ50 دولارًا، حيث بلغ سعر خام برنت في العقود الآجلة تسليم ديسمبر 48.19 دولار للبرميل، وهبط خام القياس العالمي وبلغ 47.50 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى له منذ أوائل أكتوبر، وبلغ سعر الخام الأمريكي في عقود ديسمبر 45.52 دولار للبرميل.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه على الجانب الأخر استفادت بعض دول المنطقة التي لا تمتلك النفط وتعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية مثل مصر من هذه الأزمة، حيث تسببت في انخفاض أسعار السلع الصينية ومن ثم كانت فرصة بالنسبة للمستورد المصري للاستيراد بسعر منخفض والبيع بسعر أعلى.

وعن تأثر مصر بانخفاض حركة التجارة العالمية وتأثيرها على قناة السويس وخاصة بالتزامن مع افتتاح القناة الجديدة، أكد الخبير الاقتصادي، أن التأثر بسيط حيث يقلل عدد السفن العابرة بنحو 6 سفن يوميًا، وهذا رقم ضعيف جدًا بالنسبة لحجم السفن التي تمر بالقناة.

التأثير على حسب علاقات الدول

ومن جانبه، قال عبد الرحيم البحطيطي أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة الزقازيق، إن أي توتر يصيب دولة الصين ينعكس على كل دولة حسب نوع علاقتها معها، ولذلك نجد الدول التي لديها تبادل تجاري معها يحدث بها أزمة لدى المصدرين والمستوردين الذين يعتمدون بشكل كبير على الاستيراد من الصين، ويبدأون في رفع الأسعار ومن ثم يزيد التضخم، وترتفع نسبة البطالة لديهم.

وأضاف ''البحطيطي'' أن الصين هي الدولة الوحيدة هي وأمريكا التي لها علاقات اقتصادية مع كل دول العالم، ولذلك فإن العلاقة عكسية بينها وبين باقي الدول أي أنها عرضة أن تنتقل مشكلات العالم إليها كما أنها تنقل مشكلاتها إلى العالم.

وأشار إلى أن بعض دول أوروبا اتجهت إلى تنفيذ سياسة تقشفية انكماشية تأثرًا بهذا التباطؤ، وبدأت في تقليل الإنفاق الحكومي والاستيراد لخفض الآثار المترتبة عليهم، ''وبما أن المنتجات الصينية أصبحت رقم واحد في العالم حتى أن المستهلك الأمريكي أصبح يفضل المنتج الصيني على المنتج الأمريكي، كان لأمريكا أيضًا نصيب من التأثر''.

ولفت إلى أن أمريكا لديها مديونية تصل إلى ما بين 50 إلى 60 مليار دولار للصين، وبرغم كبر حجم هذا المبلغ بالنسبة لدول مثل مصر إلا أنه لا يمثل شيئًا بالنسبة لأمريكا.

الدول الخليجية

وعن تأثر الدول الخليجية من الأزمة الصينية، قال عبد الرحيم البحطيطي، إن تلك الدول تمتلك النصيب الأكبر من التأثر بهذه الأزمة، حيث أن قلة الطلب من دولة كبيرة مثل الصين على النفط تسبب في انخفاض الأسعار، ''وهو ما يعد خراب بيوت لهذه الدول، وهو ما دفع السعودية إلى إصدار سندات برغم أنها كانت محرمة لديهم، وذلك بسبب عجز ميزان الدولة''.

وتشير تقديرات صندوق النقد إلى أن الرياض تواجه عجزًا قياسيًا في الموازنة يتجاوز 100 مليار دولار هذا العام بما يمثل 21.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مع تقلص إيرادات أكبر مصدر للنفط في العالم بسبب انخفاض أسعار الخام.

وكان وزير المالية السعودي إبراهيم العساف قال الشهر الماضي، إن الحكومة بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الأساسية.

وأصدرت السعودية أول سندات سيادية لها منذ عام 2007 لتغطية عجز في الميزانية نجم عن هبوط أسعار النفط، حيث أصدرت سندات بقيمة 15 مليار ريال (أربعة مليارات دولار) هذا العام لتمويل عجز الموازنة، كما تتوقع زيادة الاقتراض عبر السندات في الأشهر المقبلة.

وعن انخفاض حركة التجارة العالمية وتأثيرها على قناة السويس، أكد الخبير الاقتصادي، أن تأثر حركة التجارة بقناة السويس بسبب الأزمة الصينية ''ضعيف''، حيث أن نقل السلاح عبر القناة أكبر من نقل الغذاء برغم أن هذا غير معلن، ولذلك تتأثر قناة السويس بالتجارة مع دولة مثل ليبيا أكثر من الصين وعندما انخفضت التجارة مع ليبيا زاد تهريب السلاح إلى 3 أضعاف.

وخفض البنك الدولي توقعاته للنمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي لعام 2015 و2016، مبيناً أن خطر حدوث تباطؤ حاد في الصين والآثار المحتملة للزيادات المتوقعة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أثر على التوقعات للمستقبل.

ويتوقع البنك أن تنمو منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي والتي تضم الصين 6.5 بالمئة في 2015، و6.4 بالمئة في 2016 بتراجع عن 6.8 بالمئة في 2014.

مبالغة

بينما يرى إبراهيم الغيطاني باحث اقتصادي بالمركز الإقليمي للدراسات الاستيراتيجية، أن التباطئ الاقتصادي الذي تشهده دولة الصين والتي يتحدث عنها العالم ليست بالنعي الكبير والوصف المبالغ فيه كما يروج له.

وأضاف الغيطاني خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن معدل النمو انخفض بنسبة نصف نقطة أو نقطة مئوية ليس أكثر من 7.5 إلى 6.5 بالمئة ولكن الفكرة السائدة أنه هذا التباطئ تزامن مع هبوط أسواق المال الأوروبية.

وأوضح أن نسبة تأثر الدول بهذا التباطئ تتفاوت من منطقة لأخرى فبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط انخفضت أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب عليه، ولكن الصين ليست هي المسؤولة وحدها عن هذا الانخفاض حيث قللت أيضًا دول الاتحاد الأوروبي طلبها على النفط الخليجي.

وأوضح أن الغرب يروج بشكل مبالغ فيه عن هذه الأزمة لأنه حتى الآن الصين مازالت تحتفظ بالميزان التجاري لصالحها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان