إعلان

المفتي يوضح مدى وجوب العدة على المرأة المختلعة قبل الدخول وبعد الخلوة الصحيحة

11:39 ص الأحد 06 يوليو 2025

فضيلة الدكتور نظير عياد

كتب-محمد قادوس:

ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، هل تجب العدة على المرأة المختلعة قبل الدخول وبعد الخلوة الصحيحة؟ فقد عَقَد رجلٌ على امرأة عقد زواج صحيحًا ولم يَدخُل بها، إلَّا أنه حصلت بينهما خلوة شرعية صحيحة، ثم رفعت المرأة

قضية خُلْعٍ على هذا الزوج، وتسأل: هل عليَّ عدة بعد هذا الخلع؟ أجاب على ذلك فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، موضحا الرأي الشرعي في تلك المسألة.

وقال فضيلة المفتي، أن العدة هي مدة زمنية وضعها الشرع الشريف للتَّعرُّف على براءة رحم المرأة عند زوال عقد النكاح أو شبهته، سواء بالوفاة أو بحدوث فُرقة من فُرق النكاح، كالخلع، تلتزم فيها المرأة بالمكوث دون زواج حتى تنقضي تلك

المدة.

قال العلَّامة فخر الدين الزيلعي في "تبيين الحقائق" (3/ 26، ط. المطبعة الكبرى الأميرية) في تعريف العدة: [(هي تربص يلزم المرأة)، أي: العدة عبارة عن التربص الذي يلزم المرأة عند زوال النكاح أو شبهته] اهـ.

وأضاف عياد، في بيان فتواه عبر بوابة دار الإفتاء المصرية: أن الفرقة الحاصلة بين الزوجين بسبب الخلع تعتبر طلاقًا بائنًا على المعمول به إفتاءً وقضاءً، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والقول الجديد عند الشافعية.

قال الإمام شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (6/ 171-172، ط. دار المعرفة): [إذا اختلعت المرأة مِن زوجها فالخلع جائز، والخلع تطليقة بائنة عندنا] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (2/ 593، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [الخلع ليس بفسخٍ عند مالك، وإنما هو طلاق بائن] اهـ.

وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "الروضة" (7/ 375، ط. المكتب الإسلامي): [وإن لم يجز إلَّا لفظ الخلع فقولان، الجديد: أنَّه طلاق يَـنقُص به العَدَد] اهـ.

ويدل على أَنَّ الخلع طلاق بائن قوله تعالى:﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا

حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229].

ثم قال تعالى بعد هذه الآية: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، "فلما ذُكِر الخلع بَيْن طلاقين عُلِم أنَّه ملحق بهما"، كما في "الحاوي" لأبي الحسن الماوردي (10/ 9، ط. دار الكتب العلمية).

كما أنَّ العموم الوارد في قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228] يدل على عدم التفرقة بين الخلع والطلاق، وهذا يقتضي أن يكون الخلع طلاقًا، كما قَرَّره الإمام أبو بكر الجَصَّاص

في "شرح مختصر الطحاوي" (4/ 459، ط. دار البشائر الإسلامية).

وقد سَمَّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخلع طلاقًا، فإنه لما أرادت امرأة ثابت بن قيس أن تفارق زوجها قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» رواه البخاري.

وأما حكم العدة للمرأة إذا طُلِّقت بعد العقد وقبل الدخول والخلوة؟

بين المفتي، أن الفقهاء اتفق على أنَّه إذا طُلِّقت المرأة بعد العقد وقبل الدخول والخلوة فإنه لا عِدَّة عليها، قال الإمام أبو بكر ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 94، ط. دار الآثار): [وأجمعوا على أنَّه من طَلَّق زوجته، ولم يدخل بها:

طلقة، أنها قد بانت منه، ولا تحل إلا بنكاح جديد، ولا عدة له عليها] اهـ.

وحكم العدة للمرأة إذا طُلِّقت قبل الدخول وبعد الخلوة الصحيحة؟

قال عياد أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة

ذهب -وهو قول الإمام الشافعي في القديم- إلى وجوب العدة إذا طُلِّقت المرأة قبل الدخول وبعد الخلوة الصحيحة باجتماعهما في مكان آمن مِن اطلاع

الغير عليهما بغير إذنهما، وكان الزوج متمكِّنًا من الوطء بلا مانع حسيٍّ أو طَبْعيٍّ أو شرعيٍّ؛ "لأنَّ الخلوة الصحيحة إنما أقيمت مقام الدخول في وجوب العدة مع أنها ليست بدخول حقيقة؛ لكونها سببًا مفضيًا إليه، فأقيمت مقامه احتياطًا، إقامة للسَّبَب مقام الـمُسَبَّب

فيما يحتاط فيه"، كما ذَكَر الإمام علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (3/ 191، ط. دار الكتب العلمية)، والاحتياط في باب الفروج واجب.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (5/ 148- 149): [والخلوة بين الزوجين البالغين المسلمين وراء سترٍ أو بابٍ مُغلَق يوجب المهر والعدة عندنا] اهـ.

وقال الإمام ابن جُزَي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 400، ط. دار ابن حزم): [وإن طَلَّقها بعد الخلوة واتفقا على عدم المسيس، فالعدة واجبة] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 384، ط. دار الفكر): [و(لا) تجب العدة (بخلوةٍ) مُجرَّدة عن وطءٍ (في الجديد)... والقديم: تقام مقام الوطء] اهـ.

والذي عليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً أنَّ عدة المرأة المطلقة ثلاثُ حيضاتٍ لِـمَن كانت تَحِيض، وثلاثةُ أشهُرٍ للتي لم تحض واليائس التي تَجاوَزَت سِنَّ الحيض وانقطع حيضها؛ لقول الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ

بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228]، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4].

اقرأ أيضًا:

أمين الفتوى يوضح حكم مكياج المرأة وعمليات التجميل: جائز بشرط النية الصالحة

هل الأظافر الصناعية والمونيكير تبطل الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان