إعلان

من مستجدات الحج

د. محمد عبد الرحمن محمد الضويني

من مستجدات الحج

07:21 م الإثنين 05 أغسطس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم: د. محمد عبد الرحمن محمد الضويني
أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة

أدى الزحام وكثرة عدد الحجيج إلى فرض عدد من القضايا التي تحتاج إلى بيان حكمها الشرعي نظرا لكونها من المستجدات التي ترتبت على مقتضيات العصر وما فرضه الواقع، ولعل من أهمها تحديد نسب الحجاج للدول المختلفة، بل وحتى حجاج الداخل.

وهذا الإجراء لا يقصد منه أبدا منع أداء الناس لفريضة الحج، وإنما هو حكم شرعي دعت إليه الضرورة، منعا لازدحام الحجاج في مشاعر الحج، وما قد ينجم عنه من مفاسد وأضرار، تصل إلى حد وقوع الوفيات والإصابات، حيث إن أرض المشاعر لها قدرة وطاقة استيعابية، والملموس والمشاهد أن الزحام يزيد عامًا بعد عام، فالضرورة تقضي بضرورة العمل على الحد من تلك الأعداد وبما يتناسب مع السعة الآمنة للمشاعر؛ وهو بذاته يفضي إلى دفع الحرج والمشقق عن الحجيج ويسهل لهم إلى حد ما ممارسة المناسك بيسر.

والقول بجواز تحديد نسب عدد الحجيج لكل دولة يثير تساؤلا مؤداه، هل يعد الشخص المستطيع ماليا وبدنيا لأداء الحج إلا أنه لم تصبه القرعة مثلا فلم يتمكن من استخراج تأشيرة الحج، غير مستطيع للحج ومن ثم فلا يتعلق الحج بذمته، وبالتالي إذا مات قبل أدائه فلا يجب إخراج ما يحج به عنه من تركته؟ أم أنه يعد مستطيعا رغم ذلك فيتعلق الحج بذمته، وبالتالي إذا مات يجب إخراج ما يحج به عنه من تركته؟

لم يتناول الفقهاء المتقدمون هذه المسألة بذاتها، نظرا لحداثتها، ولكننا من الممكن أن نستأنس هنا بما تناوله الفقهاء فيما يتعلق بإزالة عوائق الحج أو تخلية الطريق من كل ما يحول بين الإنسان ووصوله إلى بلد الله الحرام، وذلك على اعتبار أن من لم يحصل على تأشيرة الحج فلن يكون الطريق خاليا من العوائق بالنسبة له. حيث اختلف الفقهاء في اشتراط خلو الطريق أو إزالة العوائق، هل يعد شرطا في وجوب الحج، أم أنه يعد شرطا في لزومه؟ وذلك على قولين:

القول الأول: إن إزالة العوائق وتخلية الطريق شرط في وجوب الحج، وهو ما ذهب إليه الشافعية والمالكية وهو الراجح عند الحنفية والحنابلة، مستدلين على ذلك بأن الله عز وجل إنما فرض الحج على المستطيع، فيقول تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.. [آل عمران : 97]، والاستطاعة لا تتحقق بدون أمن الطريق. القول الثاني: أن تخلية الطريق شرط للزوم الأداء فقط. وهو قول عند الحنفية والحنابلة، مستدلين على قولهم بما روي عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال جاء رجل النبي ـ صلى الله عليه وسلم-فقال: يا رسول الله ما يوجب الحج؟ قال: " الزاد والراحلة " رواه الترمذي.

إعلان