إعلان

الإسلام والمسلمون في إثيوبيا (1).. هل عانى الصحابة من الاضطهاد أثناء مكوثهم في الحبشة؟

06:40 م الإثنين 13 يوليه 2020

اثيوبيا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

لإثيوبيا تاريخ طويل مع المسلمين، ومع العرب بشكل عام، وهي معروفة تاريخيًا باسم بلاد الحبشة، كان لها علاقات تجارية مع العرب، وكذلك علاقات سياسية وتاريخ من الاحتلال والاضطهاد على الرغم من هجرة المسلمين الأولى والشهيرة إلى بلاد الحبشة فرارًا من اضطهاد قريش، وكانت في البداية علاقة غريبة من نوعها يرويها لنا يوسف أحمد في كتابه "الإسلام في الحبشة" حيث كان أهل اليمن يغيرون على الحبشة ليسترقوا أهلها ثم يجلبوهم معهم إلى بلادهم، ومن هؤلاء وأشهرهم عنترة بن شداد، ثم تلا ذلك احتلال أثيوبيا لليمن، وبعد ذلك جاء الإسلام فهاجر إليها المسلمون فارين بدينهم عند "ملك لا يظلم عنده أحد"... فهل حقًا احتضنت إثيوبيا المسلمين المهاجرين؟ أم فقط ملكها العادل؟

احتلال إثيوبيا لليمن

تبدأ قصة احتلال إثيوبيا لليمن بقصة "أصحاب الأخدود" الوارد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: "قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ"، حيث استنجد أهل اليمن بملك الحبشة بعدما وقع عليهم الظلم والاضهاد والحرق أحياء، فاستبدلوا ملك ظالم، باحتلال ظالم أيضًا..

وتبدأ قصة أصحاب الأخدود بشكوى ليهودي للملك اليمني ذو نواس، وكان يهوديًا مثله يضطهد نصارى نجران، فلما جاءه هذا اليهودي يزعم أن نصارى نجران قتلوا ابنه غضب وقرر نجران والتنكيل بأهلها، وقتل منها خلقا كثيرا، وأجبر من بقى منهم على الدخول في اليهودية ومن أبى ألقاه في أخدود عظيم أشعل فيه النار يعذبهم بها وهم أحياء، حتى استطاع رجل من بينهم ان يهرب فذهب يستغيث بالنجاشي ملك الحبشة ، فارسل معه النجاشي جيشًا احتل اليمن وطاف فيها سلبًا ونهبًا وقتلًا، وكان من بين عساكره "أبرهة الأشرم" المعروف بـ "أبرهة الحبشي" وهو صاحب محاولة هدم الكعبة التي باءت بالفشل وانتهت بالقضاء عليه وجيشه بالطير الأبابيل وخلدها القرآن الكريم في سورة الفيل، يقول تعالى: "وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ".

هل عانى الصحابة من الاضطهاد أثناء مكوثهم في الحبشة؟

هاجر المسلمون الأوائل إلى الحبشة فرارًا من اضطهاد قريش مرتين، كان أولهما في رجب من العام الخامس من البعثة، وكان عددهم لا يتعد إحدى عشر رجلًا وأربع نساء، وعادوا وقد ظنوا أن أهل مكة قد اسلموا، ليهاجروا مرة أخرى للحبشة وعددهم 83 رجلًا وذويهم وأبرزهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان سبب اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم الحبشة لهجرة أصحابه هو أن ملكها لا يظلم عنده أحد، حيث قال لأصحابه: "إن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق". يقول يوسف أحمد في كتابه أن النجاشي كان فعلًا ملك عادل واحاط المسلمين برعايته، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى غضب البطارقة عليه بل كادوا يخلعونه بسبب ذلك، لكن ثورتهم باءت بالفشل، واستمر في الحكم، وظل المسلمون يعيشون هناك حتى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم ليطلبهم حين أقام بالمدينة.

أورد يوسف أحمد في كتابه عدة شواهد تثبت أن الأحباش كانوا يؤذون المهاجرين مستشهدًا في ذلك بحديث أبو موسى الأشعري المذكور في الصحيحين، عن الخلاف الذي نشب بين عمر بن الخطاب وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما، حين جاءت لتزور ابنته حفصة بعد عودتها من الحبشة، ودار بينهما حوار فقال لها عمر أن المهاجرين أحق بالرسول منهم لأنهم سبقوهم بالهجرة، فغضبت وأخبرته عن حالهم في بلاد الحبشة وما عانوه من ظلم وأذى قائلة: "كنا نؤذى ونخاف"، ويروي أبو موسى الأشعري الحوار بينهما قائلًا: "دَخَلَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ، وَهي مِمَّنْ قَدِمَ معنَا، علَى حَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إلى النَّجَاشِيِّ فِيمَن هَاجَرَ إلَيْهِ، فَدَخَلَ عُمَرُ علَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَن هذِه؟ قالَتْ: أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ، قالَ عُمَرُ: الحَبَشِيَّةُ هذِه؟ البَحْرِيَّةُ هذِه؟ فَقالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، فَقالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بالهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنكُمْ، فَغَضِبَتْ، وَقالَتْ كَلِمَةً: كَذَبْتَ يا عُمَرُ كَلَّا، وَاللَّهِ كُنْتُمْ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا في دَارِ، أَوْ في أَرْضِ البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ في الحَبَشَةِ، وَذلكَ في اللهِ وفي رَسولِهِ، وَايْمُ اللهِ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حتَّى أَذْكُرَ ما قُلْتَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذلكَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَأَسْأَلُهُ، وَوَاللَّهِ لا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ علَى ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا جَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَتْ: يا نَبِيَّ اللهِ إنَّ عُمَرَ قالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ بأَحَقَّ بي مِنكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ، أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ. قالَتْ: فَلقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا، يَسْأَلُونِي عن هذا الحَديثِ، ما مِنَ الدُّنْيَا شيءٌ هُمْ به أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ في أَنْفُسِهِمْ ممَّا قالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. قالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقالَتْ أَسْمَاءُ: فَلقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى، وإنَّه لَيَسْتَعِيدُ هذا الحَدِيثَ مِنِّي"

فيديو قد يعجبك: