إعلان

الأزهر وندوة الإسلام والغرب

الأزهر وندوة الإسلام والغرب

الأزهر وندوة الإسلام والغرب

08:00 م الأربعاء 24 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم: د. إلهام شاهين

"الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل" موضوع الندوة الأكثر أهمية على الساحة الإسلامية والغربية والتي أقامها الأزهر الشريف برعاية الأزهر ومجلس حكماء المسلمين وقام على تنظيمها مكتبة الأزهر الجديدة بالتعاون مع مركز نظامي كنجوي الدولي وقد بدأت فعالياتها يوم الاثنين 22 اكتوبر 2018 وتستمر ليومين آخرين.

وقد كانت الجلسة الافتتاحية بمثابة النبراس والنور الهادي لما تلاها من جلسات، وخاصة ما اختتمت به الجلسة الافتتاحية من كلمات نورانية من العالم الرباني فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حيث أضاءت كلماته الطريق للحضور ببيان ما لهم وما عليهم في هذه الندوة حيث قال: أرجو أنْ تأتيَ ندوةً مُثمرة مُتميِّزة في مناقشةِ أمر العلاقة بين الإسلام والغرب، مناقشةً تتأسَّس على المصارحة والمكاشفة، وتأخذ في الحسبان الظروف القاسيةَ التي تُعاني منها شعوبنا هنا في الشَّرقِ، وتحتاج إلى تفكيرِ الحُكماء وتدبير العُقلاء من أمثالكُم.

وأشار في تواضع جم ومن طرف خفي إلى أن من يتبنى هذه الندوة هو الأزهر الشريف وعلماؤه وقياداته الذين يقوم البناء الفكري لديهم على مناهج الأزهر بأصالتها وانفتاحها الواعي على الحكمة أنَّى وُجِدَت، مبينا أن تلك المناهج هي التي (تصنع العقل) الأزهري المعتدل في تفكيره وسلوكه، والقادر دائمًا على التكيُّف مع العصر وإشكالاته ومعطياته.

وتساءل فضيلته في حكمة بليغة عن سبب ظاهر في مبررات الممارسات الغربية عندما قال: وأين شعب من شعوب المسلمين يملك مصنعًا واحدًا من مصانع أسلحة الدَّمار الشامل، أو مَصْدَرًا واحِدًا من مصادر القُوَّة العنيفة الرَّادِعة ويُمْكِن أن يُقال عنه أنه يرعِب القُوى الدوليَّة، التي تتمتَّع –بكل أسف-بحرية لا سقفَ لها، في أن تقول ما تشاء، وتفعلَ ما تُريد، وتلوِّحَ بعصاها الغليظة لكل من يُعارضها، أو يجرؤ على التفكير في مُراجعتها.

وحمل العالم الغربي مسؤوليته عندما وضع ناقوس الخطر في عنق القُوَّة العالميَّة التي يملؤها الشعـور بالغَطْرَسَةِ وبحَـقِّ السيطرة على الآخـرين وتسخيرهم لتحقيقِ مصالحها ومنافعها الخاصة، انطلاقًا من الشعور بأنها الحضارة الأرقى والأنقى، وصاحبةُ الحق المطلق في سيادة الشعوب وقيادتها.

ولكنه في الوقت نفسه ألقى باللائمة على الإسلاميين ممن بدت منهم عيوب وسَلبيَّات، أسهَمَت في تأكيدِ ظاهِرَة الخوف من الإسلام التي انتَشَرَت مؤخَّرًا بين جماهير الغرب، حتى استَقرَّ في أذهانِ الغالبيَّة من الأوروبيِّين والأمريكان أنَّ العُنْفَ والإسلام توأمان ورضيعا لِبان لا يُفارِقُ أحدهما الآخر إلَّا ريثما يَلتصِق به من جديد.

وحتى بات من الصَّعب توضيحُ الحقيقة للغرب والغربيِّين، وأنَّ هذا الدِّين مختطفٌ بالإكراهِ لارتكاب جرائمَ إرهابيَّة بَشِعة على مرأى ومسمع من أهلِه وذويه والمؤمنين به، وأنَّ المسلمين الذين يوصفون بالعُنف والوحشية هم –دون غيرهم-ضحايا هذا «الإرهاب الأسوَد».

ونبه فضيلته في وضوح شديد إلى أن تعقُّبَ أسباب الإرهاب، والبحثَ عن عِلَلِه القُصوى ليس محلُّه الإسلامَ ولا الأديانَ السَّماويَّة، وإنمَّا محلُّه الصَّحيح الأنظمة العالميَّة التي تُتاجر بالأديانِ والقيمِ والأخـلاقِ والأعرافِ في أسـواقِ السِّـلاح والتسليح وسياسات العُنصرية البغيضة والاستعمار الجديد.

ولكل ما سبق من تحديات معاصرة وردت في كلمة فضيلة الإمام الأكبر، أقام أزهرنا الشريف تلك الندوة انطلاقا من مسؤوليته التي يتحملها أمام الله والعالم كله تجاه الإسلام وحرصه على ممارسة دوره وواجبه في التعريف به ولتصحيح الصورة المشوهة التي تنشرها عنه الجماعات المتطرفة ولنشر صورة الإسلام الحقيقية السمحة، وأخلاقه الكريمة التي يدعو إليها ديننا الحنيف، واضطلاعا بدوره تجاه المسلمين بصفة خاصة والمساهمة في حل ما يعترضهم من مشكلات في البلاد التي يعيشون فيها كأقليات، وكذلك انطلاقا من مسؤوليته تجاه الإنسانية بصفة عامة وما تحتاج إليه من سلام نفسي ومجتمعي , وقد جاءت تلك الندوة في تلك الآونة لما لمسه الأزهر الشريف وقياداته الحكيمة من أهمية الوقت الراهن حيث أصبح الإسلام حاليا هو الديانة الثانية في أوروبا، ويعتنقه عدد كبير من المواطنين في العديد من البلدان الغربية، وأمن تلك الفئة من المسلمين يتهدده عوامل عدة منها ؛ ذلك الشقاق الذي زرعته العناصر الإرهابية والمتطرفة بين السكان وبين المسلمين الذين يعيشون في وسطهم، بالعمليات الإرهابية التي يقومون بها أو يساهمون في تأييد فاعليها ونشر ثقافة العداء والكراهية للآخر، كما يساهم في زعزعة أمن واستقرار المسلمين بصفة خاصة والناس بصفة عامة بعض أرباب السياسة الشعبوية ممن يستغلون مخاوف السكان من الهجرة والتعددية الثقافية، والبطالة لرفض المسلمين وإثارة القلاقل عليهم، وأخيرا لما تسلبه تلك الانتهاكات لما كانت تتميز به أوربا من قيم التعددية وقبول الآخر والتي أضحت رفضا للغير ووصما بالإرهاب للآخر دون بحث أو تيقن ولمجرد الظن.

وليست الندوة وليدة اللحظة ولا اليوم ولا حتى الأمس القريب ولكنها بدأت منذ عامين مع شركاء عالميين يحملون مهمات إنسانية راقية مثل مجلس الكنائس العالمي، وأسقفية كانتربري ومنظمة سانت إبجيدو.

أما عن أهداف الندوة فهي وضع أسس عالمية لرأب الصدع بين الغربيين والمسلمين في الغرب من خلال ما يتفق عليه عقلاء العالم من مشاهير العلماء المتخصصين في دراسة العلاقة بين الإسلام والغرب، بالإضافة إلى علماء الإسلام في الغرب وذلك عن طريق فتح باب الحوار مع قادة من أوربا وغيرها، وتقديم التجارب الناجحة في التعايش السلمي وقبول الآخر والتعاون معه ؛ لخدمة الإنسانية ونشر القيم السمحة التي تضمن السلم والسلام العالمي.

إعلان