إعلان

مات "حصانه" بسبب الشمس.. سائقو الحنطور في "الأقصر" يلتمسون "ضُليلة" لخيولهم

12:10 م الخميس 19 سبتمبر 2019

موقف الحنطور أمام معبد الأقصر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتابة وتصوير- شروق غنيم:

ازداد الحِمل على طه بغدادي، منذ بدأ الصيف يطّن سؤال بشكل مُلح عليه كل صباح؛ كيف سيتدبر قوت يومه في بلد تعتمد على السياحة الشتوية؟ فيما أٌضيف لقائمة همومه "هلحق ألاقي مكان بضِلة للحصان ولا لاء خصوصًا إنها حامل دلوقتي"، إذ يعاني الشاب العشريني مع رفاقه من سائقي عربات الحنطور، بعدما اقتلعت النيران الخوص الذي يقي الخيول من الشمس في موقف الحنطور أمام معبد الأقصر في شهر يوليو من العام الماضي.

1

كان يومًا مفزعًا؛ خيول تهرول في الطُرقات، النيران اشتعلت في إحدى عربات الحنطور المتواجدة بالموقف المتواجد بجوار سوق "وينتر بالاس"بالقرب من معبد الأقصر في وسط المدينة، مر على الحادث عام غير أن آثاره لازالت باقية، في عربة تضررت ولاتزال مستقرة في مكانها، تآكلت "ضُليلة" الخيول ولم يتبق سوى خمس مظلات فقط "بقيت بصحى بدري جدًا عشان ألحق المكان ده".

2

مثل باقي مواقف الحنطور في المدينة، يتكون من عدة أعمدة حديدية متتالية، يكسوها خوص من الأعلى كي يحجب الشمس عن العربات والخيول، لكن في موقف "وينتر بالاس" احترق أغلب الخوص، صارت الأعمدة عارية "ولحد دلوقتي نفسنا حد يعبرنا بشوية خوص أو حتى تاندا".

كلما جاءت سيرة الحريق على لسان سائقي الحنطور، يشرد سمير بدوي، يتعكّر مزاجه في الحال "حصاني مات من فترة"، يستجمع الرجل الخمسيني الموقف، تخرج الكلمات ببطء "في الصيف مبنشتغلش كتير عشان مش موسم البلد، فكنت بركن بيه كتير هنا ومفيش ضِل"، يتذكر آخر لقاء له مع الحصان "إحنا بنرتبط بالخيول، يومها بليل كانت واكلة ومية مية، جيت الصبح لقيتها ماتت"، كتم الحزن، كان يعلم بأن ذلك قادم لا محالة، إذ ظهرت أمارات الذبول عليه قبل الرحيل "بس كانت خبطة في قلبي وقتها، مش بس عشان هفتقده، بس ده أكل عيشي أنا وولادي".

3

هزّ رحيل الخيل باقي السائقين، رأوا في الحادث مصيرهم المقبل، باتت احتمالية فقدان "أكل عيشنا" أقرب من ذي قبل "في ناس مات منهم مهرة لإنها صغيرة متستحملش"، لكنهم قاوموا ذلك الشعور بالوقوف بجوار بدوي "فوجئت إنهم جمعوا من بعض فلوس واشتروا لي حصان، لولا كدة كان زماني في البيت، مكنش حيلتي غيره".

يمر سيد سعد على الموقف، وما إن يرى رفاقه مجتمعين حتى يخبرهم "ربنا يتوب علينا ويحنوا على الحيوانات الغلابة دي شوية"، تكسر الجملة صمت بغدادي، يتذكر ما يجري في فترة العصر، يرتاح السائقون قليلًا في ذلك التوقيت "مفيش ناس كتير بتنزل في الوقت ده"، يتكدّسون في آخر الموقف "بنتلم فوق بعض عشان شوية الضل اللي هنا، وفي اللي بيضطر يقف في الشمس، المكان ميسعناش كلنا"، يثير الحديث غضبًا في نفسه "المشكلة إننا بندفع ضرايب وتأمينات وعربياتنا ليها رخص، محدش عاوز يجيبلنا شوية خوص، مش عشانا لكن للخيول دي".

4

صار الشاب العشريني أكثر حنقًا على الوضع "خصوصا لما الفرس عندي بقت حامل"، وقع في حيرة، يريد من وقت للثاني أن يمنحها قسطًا من الراحة "بس لو قعدت هنا كتير هتتعب أكتر من الشمس"، فطن زملاؤه للأمر "بقوا يسيبوا لي المكان مدة أطول"، يتعجّل بغدادي حلول فصل الشتاء وقد اقترب "الشتا نعمة بالنسبة لنا، في حركة وشغل وكمان الحصان يرتاح له شوية من الشمس لحد ما حد يحّن علينا هنا بضُليلة".

5

فيديو قد يعجبك: