بالصور: هنادي.. "ابنة الشتات" ستمر يوما من "فلسطين"

06:51 م الأربعاء 27 مايو 2015

هنادي.. "ابنة الشتات" ستمر يوما من "فلسطين"

كتب-محمد مهدي:

ذات يوم استيقظت الطفلة "هنادي العنيس" مبكرا، ارتدت ملابسها بمساعدة والدتها، تأكدت الأخيرة من حصول ابنتها على الطعام الكافي ليومها الدراسي الأول بمدرسة "آمنة بنت أبي وهب الابتدائية" بمدينة أبوظبي، ثم انطلقت إلى وجهتها وسرعان ما كانت تجلس بين زملائها في انتظار الحصة الأولى ببراءة طفلة لا تعي من الحياة الكثير لكنها تدرك جيدًا من هي ومن أين أتت، لذا عندما سُألت عن هويتها وقفت الصغيرة وقالت بصوت واضح "أنا فلسطينية" رغم أنها ولدت في الإمارات، ونشأ والديها في لبنان، بعد ان هُجر أجدادها من ديارهم في فلسطين خلال النكبة " مدينتي في شمال فلسطين اسمها صفد، مشفتهاش بس دايما عايشة جوايا وبنتظر اليوم اللي أقدامي تخطي فيها هناك".

إعلان

الصبية التي عاشت لأكثر من 20 عاما في الإمارات، قلبها معلق بـ "فلسطين"، تتبعت ملامحها عبر حكايات الجدة، كلما التقت بها تستزيد منها عن الوطن " تيتة بتقول إنها لو رجعت وشجرات الزيتون لسه موجودة حتعرف توصل لبيتها"، ولا تكتفِ الصحفية الشابة بما تتلقاه من قصص الأسرة، لكنها تبحث دائما عن كل ما يتعلق ببلادها "خلصت أكتر من دراسة عن فلسطين وبلجأ أني أعرفها بالعلم وأفهم تاريخها" تقرأ كثيرًا، تتعرف على كافة التفاصيل، في انتظار يوم العودة المنشود.

محاولات كثيرة من قِبل الأسرة والأصدقاء لإقناع "هنادي" بالحصول على الجنسية الإماراتية كونها ولدت وتعيش هناك لكنها ترفض " لأن ده بيهدد حقي بالعودة وحيخليني أنتمي ورقيا وبالسجلات لبلد تاني"، تكتفي بوثيقة لبنانية تؤكد أنها من الأسر الفلسطينية التي خرجت من بلادها رغما عنها في عام 1948، فيما تنشغل طوال الوقت في البحث داخل القوانين الدولية عن إمكانية دخول بلادها دون الحصول على جنسية أخرى"أنا رافضة كمان أحصل على جنسية أوروبية أو أمريكية رغم سهولة الأمر".

تمر سنوات العمر، لكن "هنادي" ابنة الشتات، تعاند الظروف، تتحس خطواتها نحو"صفد" المدينة التي تنتمي لها بروحها، رغم تحولها إلى منطقة يهودية لا يعيش فيها عرب، شُوهت معالمها القديمة من قِبل الاحتلال، وتغيرت لغة الحديث إلى العبري" كلمت الأنروا وسألتهم عن حقوقي قلولي مادام ولدتي بدولة خليجية ملكيش حقوق" غير أنها قطعت على نفسها وعدا بالاستمرار في سعيها العسير للفوز بما تحلم " صفد الآن تغيرت المسميات والسكان كل شيء، لكن عندي إصرار أني أروح حتى لو هأكون العربية الوحيدة هناك، لأنه وطني".

في الحرب الأخيرة على غزة، تأكدت "هنادي" من مدى تعلقها بفلسطين، مرت الأيام ثقيلة عليها رغم غيابها عن قلب الأحداث، غير أن قلبها المُغمس بحُب الوطن لم يتحمل الشعور بالعجز، فوضعت نفسها في خدمة الوطن طوال أيام الحرب"تواصلت مع الناس في غزة، واستغليت موهبتي بالكتابة نقلت معاناتهم وصور جرائم العدو، وأجريت محاولات مستمرة لدفع الناس للتبرع إلى الضحايا وبدأت بنفسي"، لتنهال التبرعات على جمعية "فور الشباب" و"من غزة" الفلسطينية والهلال الأحمر " الإماراتي، حتى ظنوا أن الفتاة العشرينية واحد من الأثرياء أو صاحبة صوت مسموع في العالم.

تحاول "هنادي" كَسر حالة الاشتياق للوطن بأن تقترب ممن يعيشون فيه، تتلمس في الحديث معهم دفء تفتقده، تستنشق رائحته، تراه في حكاياتهم عنه "بعد فشلي في دخولها بفيزا، بدخلها كل يوم عن طريق سكايب، بلم ناس هناك بيفتحوا الكاميرا وبشوفها"، خيوط الود باتت موصولة بين الجزء والكل، المتشوقة والمنتظر، الباحثة عن الوطن والمحافظ عليه، المكافحة للوصول إليه والمقاوم من أجل عدم التفريط فيما تبقى، فيما يحاول الطرف الآخر بكل السُبل التأكيد أن فلسطين متعلقة بالفتاة العشرينية كما تتشبث الأخيرة بها "كتر ناس بيرسلولي أمور كتيرة، رمل من صفد، مياه من بحر غزة، عشية المرامية، بيحسسوني بأن الرجوع قريب".

الآن عندما تذهب "هنادي" إلى أي عمل جديد، وتتلقى السؤال التقليدي عن هويتها، تقف الفتاة العشرينية، ترد بثقة "فلسطينية"، لم تتغير الإجابة رغم مرور السنوات، لم يخفت شعورها نحو الوطن، لكن وطأته تزداد، مساحته تكبر، علاقتها به صارت أنضج وأكثر قوة، تأكدت منه عند تعرضه للخطر، وفي سعيها الدائم إليه، وفرحتها بهدايا أحبابها هناك، والأخبار التي تصل إليها بحفر اسمها على جدارن المدن الفلسطينية " اعتقد لما أوصل بلدي حيعرفوني بسهولة.. يكفي إنهم كاتبين في أماكن كتير.. هنادي العنيس ستمر يوما من هنا".

تابع باقي موضوعات الملف:

67 عاما على الاحتلال.. فلسطين تكسب الرهان "ملف خاص"

في أول حوار عربي.. أبرز مؤرخ يهودي مدافع عن فلسطين يتحدث لـ "مصراوي"

الاحتلال يسكن مع "ناصر" في شقة 70 مترًا

بالفيديو والصور: الشهيد "فارس عودة".. راقص الدبكة يحيا

بالصور: مرابطات الأقصى.. نساء تزلزل المحتل بـ"تكبيرة"

أهداف سويف.. رحلة بنت فلسطين المصرية "حوار"

بالفيديو.. كيف تدافع عن فلسطين بلغة الغرب؟

بالفيديو والصور: "أبناء عيلبون" صورة مصغرة لمواجهة الاحتلال

بالفيديو والصور: لينة النابلسي.. فراشة أحلامنا تطل من جديد

بالفيديو والصور: حناجر "ريم" و"رلي" تحاصر "بارود الصهاينة"

بالصور: فريق "المسارات المقدسي".. في حضرة فلسطين التي غيّبها الاحتلال

بالصور: في غزة فقط.. مواجهة المحتل بـ''سجادة حمراء''

خالد يقاوم حصار غزة بـ"الفرن الشمسي".. الاحتلال أبو الاختراع

بالصور: "نضال" حارس "فلسطين أيام زمان"

إعلان