إعلان

بالصور: مرابطات الأقصى.. نساء تزلزل المحتل بـ"تكبيرة"

06:42 م الأربعاء 27 مايو 2015

المسجد الأقصى

كتبت – إشراق أحمد ويسرا سلامة:

تحمل كفنها بيدها، الحياة تهون، مقابل صلاة تؤديها، آية تتلوها، درس علم تتلقاه رغم أنف العدو، هي مِن الأقصى وهو منها، زادها الرباط برفقة نظيرتها، وسيلتها صمود يكسر عجرفة المحتل وإرادته، التي ظن أنه فارضها، لا شيء يمنعها من دخول مسجدها، في جَلد يصرخ حالها "إنا هنا باقون"، هي سيدة تؤمن أن للبيت رب يحميه وجنود يُسخرها، تأبى نوم عينيها إن مسه الضُر؛ كأنما طيور محلقة هن المرابطات، للمسجد الأقصى هن "حمام حمى" يدفع عنه هجمات المستوطنين وقوات الاحتلال، لا يعبأن لاعتداء، سجن، أو غرامة، يحظر المحتل دخولهن المسجد، لـ"تكبيرة" يصحن بها في وجه المحتل، لكن ما يزيدهم هذا إلا قوة وإصرار، يتمسكن بمسرى الهدى، يقبضن عليه كما تفعل الأم مع صغيرها، يلتمسن ما وُعد به المرابط من قرة أعين.

خلال عام 2014 تعرض المسجد الأقصى إلى أكثر من 450 اقتحام من قِبل المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة، ويعد هذا رقما قياسيا وفقا لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على لسان وكيلها "حسن الصيفي" في إحدى التصريحات، ويُقدر عدد اليهود المشاركين في تلك الاقتحامات نحو 11 ألف، وبلغ ذروة حملات الاعتداء على الأقصى عقب حرب ال50 يوم على غزة "اتجنوا كان اقتحام يوم ويوم" كما قالت "عايدة الصيداوي" إحدى المرابطات بالمسجد الأقصى، الذين يتصدون لتلك الاعتداءات المتكررة.

+¦+ª+è+¦+è+¬

إلى الأقصى كان قلب "الصيداوي" يرحل كل يوم، "لا يُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" لم تتمن ابنة مدينة الخليل زيارة الأقصى فقط بل مجاورته طيلة حياتها، وكأن الله استجاب لها؛ تركت الشابة حينذاك مكان نشأتها، وذهبت مع زوجها إلى القدس "كان مرابط لكن وضعه الصحي الآن صعب" قالت السيدة الخمسينية.

قرب الحبيب ذو القبة الذهبية سكنت، وسكن القلب إليه "10 أمتار بيني وبين المسجد"، بالبلدة القديمة تقطن، لا ترى الأقصى من شرفة منزلها، لكن أقدامها تهرول إليه في رحلة يومية، للصلاة برحابه، والمرابطة به.

مع أذان الفجر وحتى الثانية ظهرا تمكث "الصيداوي" بالمسجد، هي طالبة علم كما وصفت نفسها، فرغم توقف تعليمها حتى الصف السابع، غير أن المرابطة بالمسجد، وعبر مصاطب العلم مكنتها من استكمال تعليمها، وحفظ القرآن ودراسة علم التجويد والحديث "أنا في سنة 3 تجويد"، وأما دون تلك الأوقات، حينما يلوح بالأفق خبر اقتراب مستوطنين من باحة المسجد، يأتي دورها ورفيقاتها، يصحن "الله أكبر.. الله أكبر"، صرخاتهن كفيلة بصد الإسرائيليين، الذين لا تتوقف محاولتهم لاقتحام الأقصى.

+¦+ê+¦+¬ 2

من إحدى البوابات الـ15 للأقصى خاصة المفتوح منها "في عشرة مفتوحين و5 مسكرين" حسب "الصيداوي"، يبدأ المستوطنون فعلهم لدخول الأقصى، بمباركة قوات الأمن الإسرائيلية، من حمايتهم أو العمل على منع المصلين من الدلوف بحجة الاستبعاد، فالدخول لبيت المقدس ليس يسير؛ لا يعبر أحد إلا بعد تقديم الهوية الشخصية أو التصريح، ومن ثم الكشف عن اسمه إن كان مِن المبعدين، وهؤلاء مَن تعتبرهم إسرائيل "مثيري الشغب"، وهو ما يحدث مع المرابطات لمنعهن من التواجد بالمسجد مما يتيح الفرصة لاقتحام المسجد "أكثر من مرة استبعودني أخرها قبل ثلاثة أشهر" بصوت المتألم لابتعاده عما يحب قالت "المرابطة الخمسينية.

على بوابة السلسة في مطلع شهر مايو الجاري، اقترب عدد من المستوطنين، الهدف معروف، ممارسة تلك الأفعال المدنسة للمسجد، مع رفيقاتها تواجدت "الصيداوي" لطردهم، فيما كان ذلك الجندي الحامل لكاميرا بيده يقوم بدوره المعروف؛ يرصد كل فعل يدين المرابطات في نظر المحتل، فما أن علا صوت "الصيداوي" بالتكبير، حتى بدأت القوات في صدهم، وكانت "تكبيرة" السيدة الخمسينية سبب اعتقالها ودليل جرمها، فأصدرت المحكمة قرار بمنع اقترابها من الأقصى لمسافة أكبر مِن 200 متر لمدة 3 أشهر، "أنا أصلا بيني والمسجد 10 أمتار 3 دقائق أكون هناك" قالتها المرابطة ساخرة من ذلك القرار، الذي بات معتادا إلى جانب الغرامة البالغة 1500 شيكل – ما يعادل 1000 جنية مصري.

+¦+ê+¦+¬ 3

أكبر استهداف لأولى القبلتين ومحيطه بحسب مؤسسة الأقصى للوقف والتراث في تقرير بتاريخ 1 أكتوبر 2014، كان خلال شهر سبتمبر 2014، ليس فقط على مستوى اقتحامات المستوطنين ودعم سلطات الاحتلال السياسية والأمنية لهم، لكن أيضا في تنظيم حملة ابعاد للمرابطين والمرابطات لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى شهرين، فضلا عن الملاحقات وحملات الاعتقال، كما جاء بالتقرير.

أكثر من 3 مرات اُعتقلت "الصيداوي"، تُعرض على المحكمة باليوم التالي، ويصدر القرار بمنع دخولها الأقصى، كان أشدها حين استبعدت قرابة عام ونصف، أيام كانت أشد قسوة عليها، جارة الأقصى لا تستطيع دخوله، لكن العين لا يمكنها الابتعاد عنه، على الأبواب كانت تقف بصحبة المرابطات، متحدية الاحتلال في جلد، فالنضال بدمها، استقته من عائلتها "أبي كان مناضل سُجن مؤبد في السبعينات".

الاستبعاد وسيلة المحتل لكسر نفوس المرابطات، كان لـلمرابطة المقدسية "خديجة خويص" أيام متراوحة معه أيضا، أول مرة مُنعت 15 يوم، وثانيها 60 يوما، ثم 21 يوما، ثم أخيرا 60 يوما، انتهى الأخير خلال الستة أشهر الماضية، كادت أن تنخلع روح السيدة من جنباتها، وهي بعيدة عن الأقصى، بتهمة "تكبيرات" تخرج من حناجر المرابطات، تحفظ السيدة أيام الابعاد كأن أنفاسها انقطعت عنها "150 يوم كالسجن".

+¦+º+è+»+¬ +º+ä+¦+è+»+º+ê+è +»+º+«+ä +º+ä+à+¦+¼+» +º+ä+ú+é+¦+ë +¦+ê+¦+¬ 6

صورة الأقصى محررا لا تغب عن عقل "خويص"، رباطا في سبيل الله تقطعه السيدة الثلاثينية على نفسها، منذ أدركت وهى طفلة تلهو في المسجد أن ذاك حلم لن تنقطع عنه، تزود به بكلماتها، أدعيتها، وقتها، وحتى أولادها الخمسة، فالرباط عزيمة اعتدتها معلمة التفسير في المسجد الأقصى، علمته لأولادها، ثبات وإيمان بالقضية الغائبة عن كثير من أبناء دول عربية أخرى، زرعته الأم في قلب الصغار الخمسة "صفاء 16 عام، شفاء13 عام، أحمد 12 عام، يوسف 10 أعوام، وفاطمة أربعة أعوام"، "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، أكثر ما يردده أولادها بعد أن تعلموه من الأم والأب.

بآيات من القرآن الكريم، ودعوات إلى الله، وحفظ وتعليم القرآن للأطفال، تكون المرابطة من السيدات للصغار، يحدث هذا تحت وطأة المحتل، ترابط "خويص" مع أبنائها، تعلمهن الدين وحب المسجد، قيمة تزرعها في نفوسهم، وهم –فتيات وفتية- يرابطون أيضا، في أوقات عطلاتهم الدراسية "أرابط بأبنائي وأبناء كثر في الله.. ربيتهم على حب القدس والأقصى" قالتها السيدة الثلاثينية.

الطريق شاق إلى النصر، قوات الاحتلال تتراص في الطرقات، ومستوطنين احلوا المسجد لهم، صلاة فجر لا تفوتها "خويص"، تدعو للنصر أولا ولوحدة العرب ثانيا، ثم تقطع مع شروق الشمس دربا لا تمل منه، نحو المسجد الأقصى "كل يوم اقضى في المسجد من السابعة والنصف صباحا للثالثة عصرا".

+«+»+è+¼+¬ +«+ê+è+¦ +¦+ê+¦+¬ 5

الدخول إلى المسجد حق تعلمته "خويص" وتؤمن به "أنا صاحبة حق في المسجد.. لماذا أبعد عنه، بينما المحتلون والشرذمة يُسمح لهم بالصلاة والاقتحام"، فالمحاولات مستمرة من أجل نزع الهوية العربية الإسلامية للأقصى مقابل فرض سياسة التهويد -كما قالت المرابطة، فضلا عن زعزعة أساس المسجد وهذه أبرز جرائم الاحتلال.

كالعِرض بل وأكثر يُنتهك الأقصى، وتلك أصعب اللحظات على المرابطة الشابة "يحدث هذا أمام عيني ولا استطيع أن أفعل شئ"، حرمات المسجد الأبي هانت، وباتت تؤثر في نفس السيدة، التي انتظمت إلى الأقصى منذ دراستها الثانوية الشرعية به، اعتقال للمرابطات وضربهن، لطمات تواجه تكبيراتهن، تظل مواقف صعبة لـ"خويص" التي تم إبعادها أربعة مرات عن المسجد الأقصى.

الاستبعاد رغم قسوته ليس أشد ما تلاقيه المرابطات، بل الاعتداء عليهن وقت الاعتقال، في 2007 وأثناء قيام "الصيداوي" بدورها في صد المستوطنين عند باب السلسلة، قام إحدى جنود الاحتلال بشق ثيابها وضربها، ولم يكتف بذلك، بل أسقطها أرضا وداس بقدمه على رأسها، ملقيا وابل من السباب والكلام المسيء قائلا "أنت مش هتحرري الأقصى ليش تضلي تعملي مشاكل"، باكية كانت الخالة الخمسينية وهي تسرد تلك اللحظات، فحينها كانت صامدة ولازالت، لكن النفس عز عليها الفعل رغم مرور تلك السنوات قائلة "زمان مكنش في مستوطنين يتجرأوا يفوتوا على المسجد الأقصى.. لكنهم استفردوا بينا.. استفردوا بفلسطين".

+«+»+è+¼+¬ +«+ê+è+¦ +Ñ+¡+»+ë +º+ä+à+¦+º+¿+++º+¬ +¿+º+ä+à+¦+¼+» +¦+ê+¦+¬ 4.. +º+ä+ú+é+¦+ë

"لن يُقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي".. كذلك حال المرابطات لا يمنعها قرار المحتل بحظر دخولهن للصلاة والتواجد بحضرة بيت المقدس، فحين أغلقت سلطات الاحتلال المسجد لأول مرة منذ عام 1967، وذلك في 30 أكتوبر 2014 "صلينا بالشوارع"، بالصقيع ركعن وسجدن، دعين بتضرع إلى البارئ، رمقن الأقصى بنظرة ود وعبادة، فيما ظن الاحتلال أنه يعاقب أهل فلسطين والقدس خاصة بعد واقعة اغتيال الحاخام اليهودي "يهودا غليك".

بأيد المحتل مفاتيح أبواب الأقصى، وبقلوب المرابطات تفاصيله، التي يسعى الصهاينة لإفسادها "في أكتوبر الماضي دخلوا المسجد القبلي ووصلوا للمنبر وعاثوا فيه الفساد ولولا لطف الله والمرابطين كانوا دمروه"، كثير من المخططات الصهيونية تجاه المسجد الأقصى باءت بالفشل كما قالت "الصيداوي".

بعد كل محاولة تطول الأقصى، تسير "الصيداوي" في رحابه، تنصت إلى نسماته، تشعر بغصة في القلب "والله أكاد اسمع أنين الحجر يصرخ: أين أنتم يا عرب أين أنتم يا مسلمين"، لا إجابة تشفي صدر السيدة، تستعين بفعلها ونحو 700 سيدة "والإقبال بيزيد" –حسب قولها- من المرابطات، فضلا عن المرابطين، عله يكون عزاء، وكلمات تربت بها على الحجارة الشاهدة على فعل الصهاينة، وخذلان العرب.

"أن أصنع جيل المحررين للأقصى وأكون من المحررين" حلم لا تقبل "خويص" بأقل منه، يشاركها فيه كل المرابطات، ومنهن قدوتها من المرابطات الأصغر عمرا منها حال "هنادي الحلواني"، والأكبر عمرا "أمهاتي زينات الجلاد وزينة عمرو".

وفيما تلوح ذكرى ليلة القدر العام الماضي في رحاب الأقصى تُدخل السرور إلى قلب "خويص"، ويزيد سعادته بتذكر كل يوم وساعة تمر دون اقتحام الأقصى، تمكث "الصيداوي" المرابطة الخمسينية في بيتها الواقع عند باب الحديد، يعتريها الحزن لاستبعاد أخير من قِبل الاحتلال، يمنعها من دخول الأقصى حتى 1 يوليو القادم، لا يُهون عليها سوى رفيقاتها المرابطات "بيجوا يزوروني ويواسوني"، فيما تنتظر ميعاد العودة بفارغ الصبر، فقط تتمنى أن يمر اليوم الذي حددته سلطات إسرائيل في 3 يونيو المُقبل لمحاكمتها بتهمة "ضرب شرطي وتعطيل عمل الشرطة"، كي تعود إلى الأقصى مرة أخرى، فما أن يلمح خيالها صورة تلك الحظة، حتى يقوى صوتها، ويُضفى عليه همة وإرادة قائلة "والله لا يزيدني فعلهم إلا قوة وثبات".

تابع باقي موضوعات الملف:

67 عاما على الاحتلال.. فلسطين تكسب الرهان "ملف خاص"

2015_5_28_16_20_14_855

في أول حوار عربي.. أبرز مؤرخ يهودي مدافع عن فلسطين يتحدث لـ "مصراوي"

2015_5_24_16_38_47_866

الاحتلال يسكن مع "ناصر" في شقة 70 مترًا

2015_5_27_20_2_34_206

بالفيديو والصور: الشهيد "فارس عودة".. راقص الدبكة يحيا

2015_5_26_20_8_48_208

أهداف سويف.. رحلة بنت فلسطين المصرية "حوار"

2015_5_28_13_40_59_28

بالفيديو.. كيف تدافع عن فلسطين بلغة الغرب؟

2015_5_25_11_38_55_729

بالصور: هنادي.. "ابنة الشتات" ستمر يوما من "فلسطين"

2015_5_27_18_50_59_221

بالفيديو والصور: "أبناء عيلبون" صورة مصغرة لمواجهة الاحتلال

2015_5_27_18_46_21_7

بالفيديو والصور: لينة النابلسي.. فراشة أحلامنا تطل من جديد

2015_5_28_15_46_30_17

بالفيديو والصور: حناجر "ريم" و"رلي" تحاصر "بارود الصهاينة"

2015_5_27_18_58_51_634

بالصور: فريق "المسارات المقدسي".. في حضرة فلسطين التي غيّبها الاحتلال

2015_5_26_15_49_0_55

بالصور: في غزة فقط.. مواجهة المحتل بـ''سجادة حمراء''

2015_5_28_15_37_1_200

خالد يقاوم حصار غزة بـ"الفرن الشمسي".. الاحتلال أبو الاختراع

2015_5_27_18_36_35_534

بالصور: "نضال" حارس "فلسطين أيام زمان"

2015_5_27_18_28_2_43

فيديو قد يعجبك: