إعلان

السيول تكشف عورة الحكومة.. و"رباب" ضمن مئات بلا مأوى

08:30 م الأحد 30 أكتوبر 2016

السيول فى رأس غارب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - عبير القاضي ومحمد قاسم:

بين عشية وضحاها هطلت الأمطار وتحولت إلى سيول جارفة لم تترك أخضرًا ولا يابس في محافظات عدة في جنوب وغرب البلاد خلال الثلاثة أيام الماضية، كان من بينها منزل "رباب" وآلاف غيرها في منطقة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر، وسط اتهامات للحكومة بالتقصير في أول اختبار لها بفصل الشتاء.

"الناس أنقذوني وشدوني بالحبال قبل أن تجرفني السيول بعيد عن البيت"، هكذا بدأت رباب مدني، السيدة الأربعينة أحد ضحايا سيول رأس غارب حديثها لـ"مصراوي"، وأضافت إن "ما حدث كارثة إنسانية حقيقية، وتزيد يومًا بعد يوم، والناس أكل عيشها ومنازلها اتهدت والأهالي هم من يقومون بإنقاذ الضحايا وانتشال الجثث".

تقصير الحكومة

"كنا نعلم مسبقاً بوجود أمطار، ولكننا لم نتوقع هذه الكارثة"، هكذا وصف وليد حقيقي، المتحدث باسم وزارة الري، سيول الأيام الثلاثة. مؤكدًا أن منطقة رأس غارب بالبحر الأحمر، ذات طبيعة أرضية بترولية، ولهذا السبب لم تمتص الأرض المياة بالقدر الكافي، فزادت من حدة كثافة المياة المتراكمة في الطرق.

وتسببت السيول -التي بدأت في منتصف ليل الخميس واستمرت حتى أمس- في تصدع وانهيار بعض المنازل في هذه المدينة الساحلية الصغيرة، حيث غمرت المياه الشوارع وجرف السيل سيارات تكدست على جانب الطريق في فوضى، وأسفرت أيضًا عن مقتل 22 قتيلًا و72 آخرين وفقًا لتقارير حكومية.

وألقى وحيد سعودي، المتحدث الرسمي بإسم هيئة الأرصاد الجوية، اللوم على الحكومة وأكد تحذيره إياها، قائلا : "الهيئة قامت بتحذير كافة مؤسسات الدولة، وجميع محافظات الجمهورية، بأن البلاد من المتوقع أن تتعرض لموجة من السيول العنيفة، ولدى جميع المستندات التي تثبت صحة كلامي، وعلى مؤسسات الدولة اتخاذ الحيطة والحذر من الكوارث الطبيعية".

عادت رباب مدني، تقول: "إحنا في كارثة حقيقية ولا وجود للدولة والحكومة لم تفعل لنا شيء حتى الآن، بيتي اتهد وقاعدة أنا وأولادي عند الجيران".

وقال الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة المحلية، إن إدارة الحكومة بوزرائها ومحافظيها لملف السيول كانت هزيلة، لافتًا إلى أن الأغلبية العظمى من الوزراء والمحافظين يعملون في جزر منعزلة ولا يوجد تنسيق بينهم بشكل كافِ، وقال: "فضحت أمطار السماء حكومة شريف إسماعيل والإدارات المحلية التابعة لها".

تصاعد حدة الأزمة دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد، للاجتماع بالمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري. ووجه مختلف أجهزة الدولة والقوات المسلحة بالعمل على تعزيز الجهود المبذولة لمساعدة الأهالي بالمناطق المتضررة وتوفير الدعم اللازم لهم.

وأكد متحدث الري، لمصراوي، أن غرف العمليات الفرعية في جميع المحافظات لمتابعة السيول والأمطار بالتنسيق مع مركز التنبؤ بالوزارة قامت بإعداد خرائط سقوط الأمطار خلال الثلاثة أيام القادمة، وأن لجنة إدارة الأزمة سيرت المعدات والأفراد ومحطات الرفع وتطهير مخرات السيول والمجاري المائية، والتي من شأنها تصريف مياه السيول والأمطار بأمان لمنع حدوث خسائر، وذلك بالتنسيق مع المحافظات والجهات المعنية الأخرى.

وفي أول ليلة من السيول، أحال وزير الري الدكتور محمد عبد العاطي، مسئولي الري بمحافظة سوهاج حمدي عبد العظيم مدير الإدارة المركزية للري، وإبراهيم عبد المنعم مدير الادارة العامة للتحقيق، وإلغاء ترقيتهم، لتقصيرهما في إدارة أزمة السيول التي ضربت المحافظة وعدم تواجدهم بالموقع، فضلًا عن عدم تطهيرهما للترع بجوار مخرات السيول.

بدوره أعلن رئيس مجلس النواب، تشكيل لجنة تقصي حقائق لزيارة المواقع التي حدثت فيها كارثة السيول، والاضطلاع على ما حدث بشكل تفصيلي، والتعرف على المقصرين ومحاسبتهم أي من كانوا قائلًا: "كارثة السيول لن تمر مرور الكرام من المجلس ولن نصمت عليها إطلاقًا مهما كان شأنه".

وقام عدد من النواب بحملة توقيعات؛ لسحب الثقة من الحكومة، بعد اقتراح النائب كمال محمد بعد "فشلها في مواجهة عدد من الأزمات التي تعرضت لها البلاد آخرها أزمة السيول" وفق لمذكرة النائب

وأضاف حمدي عرفة، أن خطة الحكومة وما يتبعها من محافظين اقتصرت على جولات ميدانية لموقع الحادث، للشو الإعلامي، أي أنه لا توجد إدارة حقيقية للأزمات، فضلًا عن وجود مخرات للسيول طبيعية وصناعية وعدد المخرات الصناعية بها هزيل ولا يتعدى 26 مخر في كل محافظة وهناك 34 طريق تم إنشاءهم منذ عقود، بحسب قوله.

وأوضح عرفة أن هناك 126 محطة أرصاد كان يمكن الاستفادة منها مع إدارة الأزمات التابعة لمركز دعم واتخاذ القرار، حيث وصل ارتفاع منسوب المياه في السيول على الطرق بارتفاع من 3 م إلى 5 م ووصل عرضها إلى من 300 إلى 500 م على الأقل حيث يوجد 692 مخر للسيول وهذا غير كافٍ نهائيًا في 27 محافظة.

السيول أقوى

وأضاف عرفة، أن أكثر من 1112 كفرًا ونجعًا وعزبة وقرية مهددين بالسيول خلال فصل الشتاء، حيث تصل تكلفة سد الإعاقة إلى 2 مليون جنيه، وكل خزان يحتاج إنشاؤه إلى 250 ألف جنيه، حيث تصل تكلفة السد العادي إلى مليون جنيه، مع العلم أنه لا يوجد معدات كافية لشفط المياه في المحليات، حيث تصل إلى سيارة واحدة فقط في كل وحدة محلية وقرية.

وقال أحمد زكي بدر، وزير التنمية المحلية أمام البرلمان اليوم، إن حجم السيول أكبر بكثير من أي استعدادات من قبل الحكومة، مشيرًا إلى أنه في محافظة البحر الأحمر بمفردها كان هناك ما يقرب من 120 مليون متر مكعب مياه. لافتًا إلى أن الكميات كانت كبيرة للغاية قائلًا: "رغم أي إمكانيات إلا أن الكوارث الطبيعة بتكون من مشيئة الله وأقوى من أي استعدادات ونحن لسنا أول من يحدث لنا ذلك وحدث من قبل ذلك في أمريكا وأطاحت بالبيوت والمساكن".

بينما قال محمد عبد العاطي وزير الري، أمام البرلمان أيضًا، إن الحكومة كانت تتأهب منذ أن تولت المسؤولية ووضعت رؤية لمواجهة كوارث السيول على مدار 3 سنوات، و"بدأنا بالفعل في مواجهة هذه الكوارث، ولم نبخل بأي جهد للانتهاء من مواجهة هذه الكارثة وخلال 3 سنوات سنستطيع مواجهتا بكل سهولة".

تعويضات على ورق

وقال مصطفى سالم وكيل مجلس النواب للخطة والموازنة العامة في تصريح لمصراوي، إن وزارتي الري والتنمية المحلية مسئولتان عن تجهيز وإنشاء السدود لمواجهة السيول وتحدد لها ميزانية لتلك الأغراض، لافتًا إلى أنه لا توجد ميزانية مخصصة داخل موازنة الدولة، لضحايا وخسائر الكوارث الطبيعية، كالسيول والزلازل.

وأعلنت الحكومة أمس، السبت تخصيص 50 مليون جنيه لتعويض المتضررين، بالإضافة إلى 50 مليون جنيه لاستعادة كفاءة البنية الأساسية بشكل عاجل في المناطق المتضررة من السيول.

وقررت غادة والي، وزيرة التضامن (المعنية بالمتضررين)، صرف 10 آلاف جنيه لكل حالة وفاة وألفي جنيه لكل إصابة، وجاري متابعة لجان الوزارة المشكلة لحصر الخسائر في الممتلكات، بالإضافة إلى أنه تم التنسيق مع شركة طاقة للغاز لدعم سكان رأس غارب المضارين بأجهزة كهربائية.

وأفاد تقرير مديرية التضامن بمحافظة البحر الأحمر، بالتعاون بين الوزارة ومؤسسة مصر الخير لتوزيع 1200 كرتونة من المواد الغذائية لسد احتياجات الأهالي من المؤن في هذه الظروف الصعبة، وعدد 1014 بطانية لعدد 203 أسرة، بالإضافة إلى وصول شحنة أدوية. فضلا عن صرف مبلغ إعاشة يومية 300 جنيه لكل فرد.

وشهدت مصر، في شهر نوفمبر من العام الماضي، موجة من الطقس السيئ أدت إلى حدوث سيول في بعض الأماكن -خاصة في المناطق الشمالية والغربية في مراكز إدكو وكفر الدوار ووادي النطرون- ما أدى إلى مقتل 14 شخصا وأسفر عن خسائر في الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والداجنة.

لكن "رباب" نفت أن تكون وصلت لها أية مساعدات من قبل مسئولي التضامن بالمحافظة، وأضافت "مسئولي المحافظة لم يقدموا أية مساعدات والأهالي هما اللي بيشفطوا المياه من الشوارع، وأنقذوا الأطفال والسيدات وقت بداية السيل الخميس بالليل والحكومة نائمة".

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج