إعلان

"درعا".. هل يستعيد الأسد السيطرة الكاملة على "مهد الثورة"؟

12:18 م الجمعة 05 يوليو 2019

الرئيس السوري بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:

يزداد العنف في محافظة درعا جنوبي سوريا بشكل مقلق ومتزايد، خاصة بعد شن الكثير من الهجمات على نقاط التفتيش والاغتيالات والاشتباكات التي شهدتها المحافظة، ولكن لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنها، حسبما ذكر الكاتب الصحفي داني ماكي، في مقال له بموقع "معهد الشرق الأوسط".

قوات الرئيس بشار الأسد استعادت السيطرة على محافظة درعا منذ عام تقريبًا في يوليو 2018، بعد هجوم سريع وخاطف جعل جيش الأسد يسيطر على الجنوب السوري بشكل كامل، ولكن لم تكن هذه السيطرة بسبب الحرب العسكرية فقط، ولكن أيضًا بسبب أن أغلب المدن والقرى الرئيسية قبلت بالدخول في صفقات مصالحة برعاية روسيا.

ويقول الكاتب، إنه بموجب تلك الصفقات، لم يُسمح لقوات الأمن الحكومية بالدخول إلى مناطق المصالحة، وأصبحت درعا تحت سيطرة الدولة اسمًا فقط. وبموجب هذه الصفقات أيضًا لم تتغير السيطرة على العديد من البلدات والمدن التي تشهد الآن تصاعدًا في العنف، بعد أن ظلت تحت سيطرة المعارضة بشكل فعال، وكان الاختلاف الوحيد هو رفع العلم السوري الرسمي وعودة المباني الإدارية إلى الخدمة.

ويرى الكاتب، أن الهجمات على نقاط التفتيش الحكومية والاغتيالات والإحساس بغياب القانون، خلقوا مأزقًا بالنسبة لدمشق. ففي العاشر من يونيو الماضي، قتل جندي سوري وجُرح اثنان آخران عندما فتح أحد المسلحين النار على نقطة تفتيش بأحد ضواحي درعا، وأيضًا في نفس الشهر قُتل أحد قادة المعارضة السابقين ومشرف رئيسي على عمليات المصالحة على أيدي مهاجمين لم يتم تسميتهم.

ويقول الكاتب، إن العنف الذي شهده الشهر الماضي استمرار للعنف المتولد منذ مايو. وشهد مايو مقتل العديد من ضباط الشرطة في درعا، وقبل ذلك هاجم مسلحان نقطة تفتيش بقنبلة يدوية وتسببا في مقتل عدد من الجنود، وشهدت مناطق أخرى مثل تل شهاب وطفس والصنمين وغيرها هجمات واغتيالات مماثلة.

وتمثل عودة الاشتباكات منخفضة المستوى عدة مشاكل بالنسبة لدمشق، أولها أن هذه أكبر بوادر العنف منذ اتفاق صفقات المصالحة في المناطق التي استعادتها حكومة الأسد، بعد أن صرحت مصادر محلية أن الشهور الثلاثة الماضية شهدت ما لا يقل عن 30 هجومًا، وهو ما رفع مستوى القلق في الدوائر الحكومية.

وأشار الناشط السياسي يحيى كوسى، إلى أن إدلب ليست المحافظة الوحيدة التي تثير قلق دمشق في الوقت الحالي، فهناك مناقشات وراء الأبواب المغلقة بشأن الأوضاع غير المطمئنة في درعا، وتهدد الحوادث الأمنية واستهداف المواقع العسكرية والاغتيالات والخطف، كل هذه الحوادث تهدد أمن وسيادة سوريا في المحافظة.

ومع استمرار ضعف قدرة الدولة السورية على السيطرة على درعا، انتشرت الجرائم مثل السرقة والقتل وغيرها، واشتكى عدة مواطنين من اقتحام بيوتهم عنوة وضربهم حتى مشارف الموت من أجل السرقة، وعندما يبلغون عن تلك الجرائم، نادرًا ما يتم ضبط الجناة.

وتعرضت درعا أيضًا لظاهرة جديدة على سوريا وهي احتراق المحاصيل الزراعية، ودُمر جزء كبير من من الأراضي الزراعية جنوب شرق المدينة في أواخر مايو.

ويقول الكاتب، إن الكثير من مناطق درعا تتمتع بحكم ذاتي إلى درجة كبيرة وهذا ما يخلق التوترات في المحافظة. ويبقى السؤال: إلى أي مدى ستسمح قوات الأمن الحكومية باستمرار هذا الحكم الذاتي؟ وما المدة التي ستستغرقها عملية إعادة التفاوض أو محاولة إبراز سلطة الدولة وسيادتها في المناطق الخاضعة لسيرطة الحكومة "اسمًا" ولكن خارج نطاق سلطتها "عمليًا"؟

ويتوقع أيمن التميمي، محلل سوري مستقل أن تتخذ الحكومة السورية مزيدًا من الإجراءات لفرض سيطرتها في درعا، ويقول: "ستحاول الحكومة استخدام قوتها العسكرية لفرض سيطرتها على حساب تأثير بعض الجماعات المساعدة التي تشكلت من فصائل المتمردين السابقة".

ويرى التميمي، أن التصعيد في درعا نتيجة العديد من العوامل، من ضمنها "مزيج من الفوضى العامة والجيوب الصغيرة التي لا تزال تحت سيطرة المتمردين في مناطق معينة، مثل الصنمين وداعل".

ونقل الكاتب تصريحات روان الرجولة، المديرة التنفيذية لمركز استشارات في واشنطن يختص بالشأن السوري التي قالت: "من المستبعد أن تستعيد المعارضة السيطرة على هذه المناطق، ومع ذلك، لا تزال هناك عناصر من المعارضة في تلك المناطق".

وأضافت روان، أن ما تشهده تلك المناطق من عنف سببه أمران: أولهما أن النظام السوري خرق اتفاق المصالحة، وشعر السكان المحليون بالخيانة، والسبب الثاني أن هذه المناطق لا تزال تعد مناطق صراعات، والاقتصاد فيها لم ينتقل لمرحلة "ما بعد الصراع" بعد، وتحتاج الجبهة الجنوبية في سوريا إلى جهود جادة من الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار مرة أخرى.

محافظة درعا لها أهمية استراتيجية ورمزية، فهي تقع بالقرب من المعابر إلى الأراضي الأردنية، كما أنها تعتبر مولد الثورة السورية في مارس 2011، وكان لاستعادتها أهمية خاصة بالنسبة للحكومة، وسيكون لعودة العنف فيها عواقب وخيمة.

ويرى الكاتب في ختام مقاله، أن الحكومة السورية اكتشفت الآن أن السيطرة على مناطق شاسعة كانت فيما مضى تخضع للمعارضة مهمة صعبة، وأحيانًا خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر.

فيديو قد يعجبك: