إعلان

"قوة إلهية أنقذتهم من الهلاك"..سر نجاة الأولاد الـ12 من "كهف الموت" بتايلاند

03:37 م الثلاثاء 10 يوليو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

أبرزت صحيفة "ستريتس تايمز" السنغافورية، بطولة مدرب فريق "وايلد بورز" التايلاندي لكرة القدم، ودوره في حماية أعضاء الفريق وإبقائهم على قيد الحياة، رغم مكوثهم أكثر من أسبوعين في الظلام والبرد القارس، مُحاصرين داخل أحد الكهوف الجبلية، شمالي تايلاند، بعد أن غمرته مياه الفيضانات.

وقالت الصحيفة إن المُدرب المُحاصر برفقة الفتية الـ12 -الذين جرى إجلاؤهم جميعًا من الكهف الثلاثاء- لم يكُن المُدرب الفني للفريق، لكنه أوكِل بمهمة رعاية 12 فتى تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عامًا، لانشغال المُدرب الفني يوم 23 يونيو الماضي.

وذكرت أن نوبارات خانتافونج، المدير الفني للفريق ذو الـ 37 عامًا، ارتبط بموعد ذلك الصباح، فأوكل مُساعده إيكابول شانتونج، 25 عامًا، بمرافقة أعضاء الفريق الصغار في حصة تدريبية، إلى ملعب يقع في نطاق سلسلة جبال تضم العديد من الشلالات والكهوف، المُمتدة على الحدود بين تايلاند وميانمار.

"تأكّد من أنك تقود دراجتك خلفهم خلال الجولة، حتى تتمكّن من مراقبتهم عن بُعد"، هكذا أوصى المدرب الفني مُساعده في رسالة على فيسبوك، شاركها مع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، للاهتمام بالفِتية الأشبال.

سلسلة من الأحداث الدراماتيكية تبِعت تلك الوصيّة، منذ اختفاء الفريق على بُعد 800 مترًا تحت الأرض وحتى إجلائهم جميعًا من الكهف، في عملية إنقاذ بدت أنها محفوفة بالمخاطر. وألقى البعض باللوم على إيكابول لقيامه بالسماح للأولاد الـ12 بدخول الكهف، غير مُكترث باللافتة التحذيرية المكتوبة عند مدخله، والتي تنصح بعدم الدخول في ظل موسم الرياح الموسمية.

قوة إلهية

في المقابل، فإن الكثيرين في تايلاند ينظرون إلى إيكابول-الذي ترك حياة الرهبنة منذ 3 أعوام وانضم لفريق "وايلد بورز" كمُساعِد مدرب- باعتباره "قوة إلهية" أُرسِلت إلى الفتية لإنقاذهم من الهلاك. وتداول رواد التواصل الاجتماعي رسمًا كاريكاتوريًا يُظهِر إيكابول وهو جالِس، كما يفعِل الراهب خلال جلسات التأمل، مُحتضنًا بين ذراعيه 12 خنزيرًا بريًا.

وفق مسؤولو الإنقاذ، فإن إيكابول يُعد بين الفئات الأضعف جُسمانيًا في الفريق، ويرجع ذلك في جزء منه إلى أنه منح الأولاد حصته المحدودة من الطعام والمياه في الأيام الأولى من حِصارهم داخل الكهف. كما أعطاهم دروسًا في التأمل وكيفية الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الطاقة حتى يتم العثور عليهم.

تُثني أم أحد الأطفال المُحاصرين، على دور إيكابول، "إذا لم يُرافقهم، ماذا كان سيحدث لطفلي؟". وتُتابع في حوار مع التليفزيون التايلاندي: "عندما يخرج علينا أن نُخفف عنه. عزيزي إيك، لن ألومك".

وكتبت إحدى الأمهات للمدرب، في رسالة بعثت بها لابنها صاحب الـ14 عامًا، "نريدك أن تعرف أن الأهالي ليسوا غاضبين منك على الإطلاق، فلا تقلق بشأن ذلك".

طفولة قاسية

تربط الصحيفة اهتمام إيكابول ورعايته للفتية كما لو كانوا صغاره، بالظروف القاسية التي عاشها في طفولته؛ إذ فقد والديه بينما كان في العاشرة من عمره بسبب وباء أصاب قريته بالكامل، لتقوم عمته -وقتذاك- بتربيته بعد أن أصبح الفرد الوحيد المتبقي لها من العائلة.

لمدة عامين، ظل إيكاوب "وحيدًا وحزينًا"، على حدّ وصف عمته، ليُصبح بعد ذلك راهبًا في معبد بوذي، ويقضى عقدًا من الزمان في تأمّل وزُهد عن كل متع الحياة.

تقول عمّته امبورن سريويتشاي، إن إيكابول تعلّم في المعبد كيف يكون سليم الجسد والعقل، بجانب مهارات البقاء على الحياة ومقاومة المواقف الخطيرة، و"لهذا كنت واثقة من قدرته على إنقاذ الأطفال"، حسبما صرّحت لصحيفة "ذي استراليان".

قبل 3 أعوام ، تكوّن فريق مدرسة "ماي ساي"، ليقرر إيكابول تتبع عشقه لكرة القدم، ويذهب للعمل كمساعد مدرب للفريق الذي يضم لاعبين من أطفال تعاني أسرهم الفقر. حينما تكون الفريق، كان الأطفال في الثامنة والتاسعة من عمرهم، لهذا كان يعاملهم شانتونج كأنهم أولاده، لاسيّما وأنه تجرّع مرارة فقدان الأب والأم، على حدّ قول عمته.

"أحبّهم أكثر من نفسه"، يقول جوي خامباي، صديق مُقرّب لإيكابول. ويمضي في استعراض بعض صفاته: "لا يشرب الخمر، ولا يُدخّن. كان من نوعية الأشخاص الذين يحرصون على الاهتمام بصحتهم ويوجّهون الأطفال لفعل الشيء نفسه".

رعاية كروية

وتُشير الصحيفة إلى أن إيكابول ساعد نوبارات، مدرب الفريق، على وضع نظام يُحفّز فيه الأولاد على التفوق الأكاديمي مُستغلًا شغفهم بكرة القدم؛ ففي حال نالوا درجات مرتفعة في المدرسة، يُكافأوا بهدايا ذات صلة بكرة القدم، كمنحهم سراويل رياضية جديدة.

كان إيكابول مؤمنًا بموهبة الفتية الـ12 في كرة القدم، ومضى وقتًا طويلًا يروّج لفكرة أنهم يملكون قدرات ومواهب تتعدّى حدود قريتهم الصغيرة، وتفوق اللاعبين المحترفين. "لقد قدّم لهم الكثير"، يقول نوبارات في إشارة إلى رعاية إيكابول للأولاد كرويًا.

وبحسب مُعلّمي الرياضة البدنية في المدرسة التي يتعلم فيها الأولاد، وضع إيكابول لهم جدولًا زمنيًا صارمًا للتدريب، شمل ركوب الدراجات عبر التلال المحيطة بمدرسة "ماي ساي".

وعد واعتذار

هذا الاهتمام من شأنه أن يدفع إيكابول لتحميل نفسه مسؤولية ما حدث للفريق، وفق صديقه جوي.

وصباح السبت الماضي، نشر فريق البحرية التايلاندي صورًا على فيسبوك لخطابات كتبها أعضاء الفريق لطمأنة أهاليهم، كُتِبت بخط اليد على أوراق صفراء مُمزّقة من دفتر ملاحظات، شملت اعتذرًا ووعدًا من إيكابول.

وكتب إيكابول في الرسالة: "أعدكم برعاية الأطفال. أشكركم على كل الدعم وأريد أن اعتذر لكم".

ونجحت فرق الإنقاذ التايلاندية، الثلاثاء، في انتشال أعضاء فريق كرة القدم المدرسي ومدربهم، العالقين في كهف جبلي غمرت منافذه مياه الأمطار قبل أكثر من أسبوعين. وونُقِل الصبية ومدربهم إلى المستشفى لإجراء الفحوص الطبية اللازمة لهم.

جاء ذلك من عملية إنقاذ محفوفة بالمخاطر، انطلقت يوم الأحد ولمدة 3 أيام، بمشاركة 90 غواصا محترفا، بينهم 40 من تايلاند و50 غواصا أجنبيا، بدأوا العملية في سلسلة الكهوف الغارقة في مياه الفيضانات.

وتتمثل مهمة الغواصين في إرشاد الأطفال وسط ظلام دامس داخل الممرات الغارقة في المياه إلى مدخل الكهف، وهو ما يُعد رحلة من مدخل الكهف إلى الأطفال والعودة مرة ثانية مرهقة جدا حتى بالنسبة للغواصين المُحترفين.

ويعد الجزء الأصعب في الرحلة كلها هو ما يعرف بـ "التقاطع"، وهو منعطف ضيق يحتم على الغواصين نزع جهاز التنفس للمرور عبره.

وبعدها تأتي منطقة تعرف بـ"الغرفة 3"، ويستعملها الغواصون للاستراحة قبل السير للمرحلة الأخيرة والخروج من الكهف، وبعدها الذهاب إلى المستشفى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان