إعلان

يوم معها .. ويوم ضدها

سليمان جودة

يوم معها .. ويوم ضدها

سليمان جودة
07:00 م الإثنين 29 سبتمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فترته الرئاسية الثانية بعلاقة أقرب إلى التحالف مع روسيا أكثر منها أي شيء آخر، وكان ذلك غريباً لسببين، أولهما أن الروس كانوا دائماً في مربع الخصم السياسي للولايات المتحدة الأمريكية وللغرب عموماً، وأكاد أقول في مربع العدو، والسبب الثاني أن هذا الانحياز لم يكن له ما يبرره على أي مستوى.

ولأن ترمب يقترب من إتمام العام الأول في البيت الأبيض، فإن العلاقة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأرجحت على مدى ما يقرب من السنة بين التقارب والتباعد، وبغير مبرر واضح في التقارب ولا في التباعد.

فهو مثلاً استضاف بوتين في قمة أمريكية روسية في ولاية ألاسكا في أغسطس، وكانت قمة غامضة كغموض العلاقة السياسية بينهما، لأنه لا شيء من المقدمات الطبيعية كان يدعو إليها، ولا شيء حتى قد نتج عنها!

ومن استضافته في قمة أعطت بوتين مكاسب سياسية، إلى علاقة تبدو هذه الأيام متأزمة إلى حد أن ترمب وصف روسيا خلال الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة بأنها نمر من ورق! .. وكان هذا غريباً للغاية، لأن معنى هذا الوصف أنها قليلة الوزن، أو أنها ليست بالقوة التي يتصورها بها العالم! .. فإذا كانت كذلك فلماذا كانت القمة في ألاسكا؟ ولماذا كان الاستقبال الحافل له هناك؟ ولماذا كان ذلك كله على حساب أوروبا التي هي حليف تاريخي وطبيعي لأمريكا؟

طبعاً لم يلتزم الكرملين السكوت على ما قاله سيد البيت الأبيض، فخرج المتحدث الرسمي للكرملين ديمتري بيسكوف ليقول إن روسيا ليست نمراً، وإنما هي دب، وأنه لا يوجد دب من ورق. ومن باب الدبلوماسية في صياغة الرد قال المتحدث الرسمي إن بلاده تقدر جهد الرئيس ترمب في وقف الحرب الروسية الأوكرانية.

الأغرب أن ترمب الذي كان منحازاً بلا مقدمات لروسيا عاد يخاطب أوكرانيا وينصحها بأن تعمل على استعادة أراضيها المحتلة من الروس، وتقديره أن الوقت مناسب أمام الأوكرانيين لأن روسيا تعاني اقتصادياً في الفترة الحالية!

هذا بدوره كلام عجيب وغريب، وانتقال في العلاقة مع طرفي الحرب من الضد إلى الضد، وبما يجعل أي متابع يتساءل بصدق: كيف يفكر هذا الرجل المسمى ترمب؟

إننا نذكر أنه كان قد تعهد بوقف الحرب بين الطرفين طوال وجوده مرشحاً في السباق الرئاسي، وكان بعد أن فاز في السباق يقول إنه سيوقفها ليحصل في مقابل ذلك على نوبل للسلام، فإذا به ينقلب على ذلك ويحرض أحد الطرفين على الطرف الآخر!

لم تكن شخصية ترمب في فترته الرئاسية الأولى بهذا التقلب وعدم الثبات، ولا تعرف ماذا أصابه فيما بين الفترتين فجعله يقف يوماً مع روسيا، ثم يقف ضدها في اليوم التالي، ولا يبالي في الحالتين بالأوروبيين الذين يخطبون وده، ولا يتوقفون عن تذكيره بأن موقع واشنطن الطبيعي إلى جوارهم .. ولكنه لا يستمع ولا يهتم!

إعلان

إعلان