إعلان

مسرحية "الجحر" وعلاقتها بأحداث غزة

قطاع غزة

مسرحية "الجحر" وعلاقتها بأحداث غزة

أحمد سعيد
07:00 م الثلاثاء 19 أغسطس 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

على الرغم من أن أحداث مسرحية "الجحر"، التي يقدمها مجموعة من الفنانين الشباب، على مسرح د. نهاد صليحة بأكاديمية الفنون، تعود إلى زمن الاحتلال الإنجليزي لمصر، إلا أن أحداثها تذكرنا بالأحداث التي تقع حاليًا في غزة، والجرائم التي تُرتكب ضد أهلنا هناك.

فأحداث المسرحية تدور حول قيام مجموعة من الفدائيين، بتنفيذ عملية ضد قوات الاحتلال الإنجليزي في مصر، لقي خلالها جنديان بريطانيان مصرعهما. بالإضافة إلى استشهاد اثنين من المقاومة، وهما "علاء" الذي قدم شخصيته "إسحاق زكريا" و"أحمد مجدي"، بالإضافة إلى "عزت" الذي قدم شخصيته "دفرام شنودة".

ما دفع الجنرال الإنجليزي "أنطونيو"، الذي أدى شخصيته "محمد خروبة" بمهارة، إلى أن يطلب من ضابط إنجليزي يدعى "مارك" أمه مصرية وأدى شخصيته ببراعة "عبد الغني السعيد"، أن يتنكر داخل صفوف المقاومة تحت اسم "يوسف"، مما أدى إلى القبض على ضابط مصري يدعى "إبراهيم" يقود المقاومة وأدى شخصيته "جون مالوكا". وحاول الجنرال الإنجليزي "أنطونيو" ومعه الضابط "هنري" والذي أدى شخصيته "أحمد هارون"، إجبار الضابط المصري "إبراهيم" على الاعتراف على أعضاء المقاومة، والإدلاء بأماكن تواجدهم، وخاصة زعيمهم "طاهر شاهين"، الذي أدى شخصيته "صمويل عبد الملاك" و"موسى عماد"، نظرًا لأن المسرحية عُرضت في أكثر من يوم وبأكثر من فنان.

لكن الضابط المصري "إبراهيم" يرفض بشدة، فيأمر الجنرال الإنجليزي "أنطونيو"، بالقبض بشكل عشوائي على ثمانية مدنيين مصريين، كانوا يسيرون في الشارع بالصدفة، من مختلف فئات الشعب، منهم "ترييز" التي قدمت شخصيتها "فاطمة الزهراء" و"دميانة أمير"، والمعلم "ناجي" الذي قدم شخصيته "أبانوب عادل"، و"علي زعتر"، ومنهم المطرب الشعبي "حسب الله"، والذي قدم شخصيته "عادل عماد" و"أحمد حمدي"، والذي اشتهر بأغاني سيد درويش، وكان يتمنى أن يسمع أول أغنية له في الإذاعة، بجانب الراقصة "دلال" التي قدمت شخصيتها "روجينا صفوت"، وأيضًا "كريمة" الأم التي تركت أطفالها الصغار، والتي قدمت شخصيتها "دميانة مجدي" و"مارينا ثروت"، هذا بجانب الشاب "أحمد"، الذي استشهد والده في المقاومة ضد الاحتلال، وقدم شخصيته "أشرف هاني"، بالإضافة إلى "زينات" الدلالة، التي قدمت شخصيتها "فيرو عطا" و"زناتي" الذي قدم شخصيته مؤلف العمل "مروان عمرو"، للضغط على الضابط المصري، وبمساعدة ضابط آخر هو "فريد" الذي قدم شخصيته "جرجس الهواش"، والذي يتعاون مع الإنجليز، بسبب ابنه المريض، لكنه يعود ويقف مع المقاومة. كل ذلك للضغط على الضابط "إبراهيم" إما أن يعترف بمكان تواجد "طاهر"، وأفراد المقاومة، أو يتم قتل المدنيين المصريين الأبرياء.

ويقرر الجنرال "أنطونيو"، تركهم ساعة مع الضابط المصري "إبراهيم"، لإقناعه بضرورة الاعتراف على مكان "طاهر" وأفراد المقاومة، أو قتلهم جميعًا، ويحاولون بشتى الطرق إقناعه، لكنه يرفض الأمر من أجل مصر ودماء الشهداء.

وبعد ذلك يبدأ الجنرال "أنطونيو"، في قتلهم واحدًا بعد الآخر، في ضغط نفسي رهيب على الضابط "إبراهيم"، خاصة عن طريق "كريمة"، التي تركت أولادها الصغار، وذهبت لإحضار الطعام لهم. ورغم أنهم مدنيون ولا علاقة لهم بالمقاومة، وتم القبض عليهم بالصدفة، دون أن يفعلوا أي شيء، إلا أنهم يفضلون الموت، ثمنًا لحرية مصر ومن أجل الوطن.

وفي النهاية يأتي "طاهر" والمقاومة، للهجوم على المعسكر الإنجليزي، ويتدخل الضابط الإنجليزي "هنري" الذي يستيقظ ضميره، ويضحي بنفسه لإنقاذ "كريمة" أم الأطفال. ويقوم "طاهر"، بقتل الضابط الإنجليزي "مارك"، بينما يقوم "إبراهيم" بقتل الجنرال "أنطونيو".

وفي الحقيقة أعجبني أداء الفنانين الشبان، الذين قدموا العرض باحترافية ودراية جيدة بالأداء المسرحي، وحركة الفنانين على المسرح، مع ضبط الأداء الصوتي والإضاءة، بما يتناسب مع تسارع الأحداث.

وهي تجربة رائعة لهم والمخرج المتميز شادي نادر.

والمسرحية سبق تقديمها في فيلم سينمائي بعنوان "ثمن الحرية"، بطولة محمود مرسي، وعبدالله غيث، وصلاح منصور، وكريمة مختار، وأعدها للسينما نجيب محفوظ، إخراج نور الدمرداش. وتم عرضه في ٢٨ سبتمبر ١٩٦٤.

وأدى دور الجنرال الإنجليزي محمود مرسي، بينما أدى دور الضابط المصري عبدالله غيث، وقام الجنرال الإنجليزي بالقبض على ٦ مصريين، من مختلف فئات الشعب، كانوا يسيرون بالصدفة، منهم العربجي، والتاجر، الذي كان يريد شراء العشاء لعروسه، وطالب مات أخوه شهيدًا في مقاومة الاحتلال، وامرأة كانت تحضر الطعام لأطفالها الصغار، ومغنٍ ينشد أغاني سيد درويش، والفتاة ترييز.

وهدد بقتلهم جميعًا واحدًا تلو الآخر بالرصاص، إذا لم يعترف الضابط المصري على أفراد المقاومة ومكان تواجدهم، وذلك لوضع الضابط المصري تحت ضغط نفسي رهيب، لكن الضابط المصري، يتمكن في النهاية من قتل الجنرال الإنجليزي.

والفيلم نفسه مأخوذ عن مسرحية "موتسيرات" للكاتب الفرنسي من أصل إسباني "إيمانويل روبليس"، والذي وُلد في مدينة "وهران" بالجزائر واشتهر بكتاباته عن الاستعمار، والعدالة، والحرية، والحب.

ومسرحية "موتسيرات" كانت تتحدث عن ضابط إسباني يدعى "موتسيرات"، يساعد المقاومة في فنزويلا، ضد الاستعمار الإسباني، ويتم القبض عليه وإجباره على الاعتراف على مكان المناضل الشهير "سيمون بوليفار"، وأعضاء المقاومة في فنزويلا.

وذلك عن طريق القبض العشوائي على مدنيين أبرياء، كانوا يسيرون بالصدفة في الشارع، وتهديده بقتلهم جميعًا واحدًا تلو الآخر، إذا لم يخبرهم بمكان "سيمون بوليفار"، لكن الضابط في النهاية يتمكن من قتل الجنرال الإسباني.

وفي الحقيقة نجد أن القصة نوع من التشابه مع ما يحدث في غزة، وبدلًا من القبض العشوائي على ٦ أو ٨ مدنيين أبرياء بلا ذنب، والتهديد بقتلهم من أجل الوصول لأفراد مقاومة الاحتلال، نجد قتل عشرات الآلاف من الأبرياء والأطفال.

وبالعودة لمسرحية "الجحر" نجد أنها تجربة رائعة لشباب الفنانين، ولمخرج العمل، وأنهم أضافوا الكثير من الشخصيات، التي لم تكن موجودة في الرواية الأصلية وفي الفيلم، وبالتالي تم تغيير بعض الأحداث، ونتمنى تكرار تلك التجربة كثيرًا، لأنه بالفعل "ثمن حرية الشعوب" من الاستعمار الأجنبي باهظ وباهظ جدًا.

إعلان

إعلان