إعلان

الستر .. الفضيلة الغائبة

د. أحمد عبد العال عمر

الستر .. الفضيلة الغائبة

د. أحمد عبدالعال عمر
11:07 ص الإثنين 09 يناير 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إن فضيلة الستر والتجاوز عن لحظات هشاشة وضعف البشر والرحمة بالتائهين في دروب الحياة، هي الفضيلة التي تُميّز أصحاب المروءة والإيمان الصحيح من البشر.

لكن يبدو أنها أصبحت فضيلة غائبة عن مجتمعنا، بتأثير غياب قيم التدين الصحيح، وبتأثير الدور الخطير الذي أصبحت تمارسه وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا، والانسياق مع شهوة (الترند) عبر وسائل الإعلام المختلفة.

وبغياب تلك الفضيلة أصبحنا مجتمعًا للفضيحة والنميمة بامتياز، مجتمعًا قاسيًا غير إنساني يتربّص بعضه بالبعض الآخر ليُدينه ويُشهر به، لكي يُظهر نفسه في مقام صاحب الدين والفضيلة.

وقد علمتني التجربة وخبرة الحياة، أن أكثر الناس إظهارًا للتدين وادعاء الفضيلة في الظاهر، هم أكثر الناس فسادًا وبعدًا عن جوهر الدين الصحيح في الباطن.

وأن بعضهم قد يسرق ويقبل الرشوة، ويُهدر المال العام، ويأكل (مال النبي) كما نقول، ويمسك في سيرة الناس، وهو في ذات الوقت لا يتكلم أمام الآخرين إلا بـ "قال الله وقال الرسول"ـ

وأظن أن تلك السلوكيات الدينية المشوهة، والقسوة في إدانة الناس والحكم عليهم هي سلوكيات وافدة على المجتمع المصري المتسامح، المتعدد الثقافات والأديان، وهي وليدة موجة التدين الشكلي التي غزت المجتمع المصري منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، ثم زادت وسائل التواصل الاجتماعي في حجم وجودها وممارستها.

وهي سلوكيات يجب رفضها والتنديد بها؛ لأن الانشغال بالناس، وعدم الستر على لحظات ضعفهم وهشاشتهم، وعقابهم بالفضيحة وإصدار الأحكام الأخلاقية، هو إهدار لإنسانية المجتمع وكرامة البشر، واختلاس وقح لسلطة تخص الله وحده.

إعلان