إعلان

تأملات سلوكية.. أخلاق الذهاب إلى المطاعم

ريهام فؤاد الحداد

تأملات سلوكية.. أخلاق الذهاب إلى المطاعم

ريهام فؤاد الحداد
09:00 م الخميس 15 أغسطس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بعضنا يذهب إلى المطاعم ليس فقط لتناول الوجبات الشهية، بل للسمر والتسلية وقضاء الأوقات السعيدة بصحبة الأهل والأصدقاء، ومع تفاوت المستويات الاجتماعية والمادية يختلف شكل المطعم وبروتوكوله إلا أن هناك بعض القواسم المشتركة التي لا تختلف أبدا، أولا عليك إدراك وتحديد هوية المطعم الذي أنت ذاهب إليه (فمطاعم الطريق) لها طابع يختلف عن مطاعم الوجبات السريعة وعن مطاعم الفنادق وغيرها.

فإن كنت في مطاعم الطريق -مثلا- فعليك أن تتعامل بصوت مسموع وبود وتفاعل أكبر مع طاقم المطعم، وربما اضطررت -أيضا- لإيصال صوتك بنبرة أوضح وأكثر علوًا عن المعتاد وذلك لطبيعة مطاعم الطريق وازدحامها وميلها إلى البساطة والحميمية.

كذلك المطاعم ذات الطراز الأمريكي أو (الأمريكي اللاتيني) والتي يسمح لك فيها بالتعامل ببساطة ودون كلفة، بأجواء موسيقية عالية تتيح لك أن تكون أكثر تحررًا.

أما المطاعم الكلاسيكية فلها طابع الهدوء والتأنق والتأني ويكون الصوت المرتفع بها أو الضحكات المنطلقة غير مناسب وغير لائق! حتى نوعية الملابس يجب أن تحمل ذات الطابع الكلاسيكي الهادئ والرزين والأكثر تأنقا.

في المطاعم عليك مراعاة طريقة التعامل مع جميع من حولك سواء كانوا طاقم الضيافة أو الزبائن الآخرين أو (مرافقيك ومن أتى بصحبتك).

بداية، عليك أن تطلع على لائحة الطعام وأن تستفسر عن مكوناتها وإن كانت تناسب ذوقك أم لا، ثم تطلب طلبك بوضوح وبلياقة، وتبتسم لمن جاء ليساعدك من طاقم المطعم، ثم انتظر طلبك وإن كان لديك ملاحظة ما، اطلبها بتهذيب وتواضع، إن أستجيب لطلبك قدم امتنانك، وإن لم يحدث، فبذات الهدوء اطلب إدارة المطعم وعبر عما يزعجك، وإن لم يستقم الأمر غادر في هدوء، وإن جرت الأمور على نحو ترتضيه فاستمتع بوجبتك وقدم امتنانك، واحصل على حقوقك وأعطِ الناس حقها.

لا تذهب لمكان لا تناسبك طبيعته حتى لا تتضايق ولا تضايق الآخرين، اختر ما يوافق مزاجك وثقافتك. وإن كنت من محبي خوض التجارب فإنه باستطاعتك التأقلم مع أي طابع ونوع.

للأكل أصول وآداب، تطلق عليها المدنية الحديثة (إتيكيت تناول الطعام) ولكل بلد أو حقبة زمنية مفردات جديدة وتفاصيل مختلفة لهذا الشأن، (فليدهشك -مثلا- أن من اخترعوا السوشي يفضلون أكله بالأيدي مع إن فكرتنا العامة أنه يؤكل كباقي الأكل الياباني بعصا الطعام!) وهكذا أصول إتيكيت الطعام تحار بين واضعيها وبين المجددين بها يوميا (أين توضع الملعقة وإلى أين تهرب الشوكة والسكين تجدها مرتبكة أو تكون وجهتها إلى داخل أم خارج الطبق!)...

دوما ما كان مصدر (إتيكيت تناول الطعام) هو التحضر والإنسانية والتهذيب، تلك المعاني التي جاءت أول ما جاءت بكتب الشرائع السماوية كنظافة الأيدي قبل تناول الطعام أو تقديمه -مثلا-... من آداب الطعام -أيضا- اللياقة في تناول الطعام بألا تتحدث والطعام يملأ فمك، ألا تصدر صوتا أثناء الشرب أو الأكل، أن تغلق فمك أثناء المضغ، ألا تملأ فمك بالطعام، ألا تتناول اللقمة التالية إلا بعد الانتهاء من مضغ اللقمة السابقة لها، ألا تتجشأ ولا تصدر أصواتا، ألا تنظف أسنانك من بقايا الطعام أمام الجميع (هناك طريقة معينة لذلك مع أنني شخصيا لا أحبذ أي نوع من أنواع تنظيف الأسنان على طاولة الطعام حتى وإن أخفيت فمك بيدك!. هناك العديد والعديد من نقاط ونظام الأكل في نظري أهمها النظافة ومراعاة شعور الآخرين.

طريقة تعاملك مع الزبائن الآخرين -أيضا- مهمة، فلا تضايق أحدًا، ولا تسمح لأحد بمضايقتك! لا تحملق في الآخرين أو تخترق خصوصياتهم، لا تزعجهم بالعدوان على مساحتهم أو أماكنهم، استأذن من المجاورين لك في الجلسة إن استدعى الأمر. الجميع جاء ليستمتع بوقت طيب فلا تفسدوا على الآخرين أجواءهم.

إن اصطحبت أحد مساعديك في المنزل لتناول الطعام فاحرص على أن تكون إنسانا طيبا رحيما راقيا، (لا تعاملهم بتعالٍ وازدراء أو تجوعهم)، فإن لم تستطع أن تتصرف بإنسانية ورحمة فلتتركهم بالمنزل ولا داعي لما نراه من سخفٍ وقسوةٍ معهم. فهذا المظهر يعيدنا لعصور استعباد البشر وتخلفهم الإنساني.

إن اصطحبت أطفالا إلى المطعم فاحرص على أن تعلمهم أصول اللياقة والتهذيب والتأدب، بداية من طريقة تناول الطعام، مرورًا بطريقة الجلوس وتأكد -دائمًا- بأنك تحكم السيطرة عليهم وعلى أفعالهم وانفعالاتهم.

جميل أن ندعو بعضًا على تناول الطعام، أما إن كنتم مجموعة وتتشاركون دفع الحساب فاحرص على التأكد من دفع حسابك قبل المغادرة.

إن كنت في بلد آخر سائحًا أو مقيمًا فاحترم قائمة طعام تلك البلدان ولا تستغرب أو تعيب على بعضها ساخرًا؛ لأن هذا غير مقبول، فكما نأكل نحن الحمام والأرانب، هناك من يهيم عشقا بأكل الجراد، وآخرون يستمتعون بأكل الضفادع، وغيرهم شعوب تأكل ما لا تتخيله، وإن كنت في مطعم شعبي (وأنت لم تعتد هذه النوعية من المطاعم)، فلا تتأفف ولا تتذمر (لا تحرج أو تضايق الناس)، كذلك إن ذهبت لمطعمٍ فخمٍ (ولم تعتد على التعامل مع مثله) فلا ترتبك، بل كن واثقاً بنفسك وتصرف بارتياح فأنت هنا زبون، ووجب على المكان العناية بك وحسن ضيافتك.

قبل المغادرة احرص على أن تشكر طاقم المكان. وإن لم يعجبك أمر فيمكنك توجيه الملاحظات بشكل مهذب ومقبول.

إعلان