إعلان

ماذا أكتب في العيد؟

ماذا أكتب في العيد؟

د. جمال عبد الجواد
09:00 م الجمعة 15 يونيو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تواجهني معضلة محيرة في كل مرة أكتب فيها مقالا للنشر في يوم العيد. الناس لا يقرأون في العيد. الناس في العيد يتزاورون، ويأخذون الصغار للملاهي، لضفاف النيل، لحديقة قريبة، أو لحديقة الحيوان. بعض الناس يريحون دماغهم ويرحلون بأسرهم في اتجاه البحر، حيث خدمة الإنترنت غير متوافرة. معدلات زيارة المواقع وتوزيع الصحف المطبوعة تتراجع جدا في أيام العيد.

غير أن الصحف لا تتوقف عن الصدور في العيد، والمواقع لا تكف عن تجديد المادة المنشورة عليها، والكاتب مربوط بعقد عبودية يلزمه بالكتابة المنتظمة تحت أي ظرف، وبالتالي فإنني مضطر لكتابة مقال لن يقرأه أحد.

يزيد الإحساس بوطأة الورطة في هذا العيد، لأن الفرحة في هذا العيد فرحتان، فرحة العيد وما يأتي به من كعك وغريبة وعيدية ومراجيح؛ وفرحة وصول مصر لكأس العالم، ومصادفة أن فريقنا الوطني يلعب أولى مبارياته في كأس المجد الكروي في أول أيام العيد.

فعندما يتم نشر هذا المقال على القراء نكون قد عرفنا نتيجة المباراة، فلو فاز فريقنا الوطني لخرج الناس يحتفلون بالنصر في الشوارع، ولو – لا قدر الله – لم نفز فإنها ستكون ليلة تسد النفس.

في كل الأحوال فإن قراءة المقالات المنشورة على مصراوي لن تكون من ضمن الأشياء التي يفعلها أغلب الناس في هذه الليلة.

فإذا كنت عزيزي القارئ تقرأ هذا المقال، فاعلم أنك من القلة المميزة التي تغلبت على كل إغراءات العيد ومباريات الكرة ونتائجها بحلوها ومرها، واخترت أن تفعل أكثر الأشياء نفعا في الوجود: القراءة. أو أنك من المساكين المحكوم عليهم بقضاء العيد في وحدة بلا أهل أو أصدقاء.

في كل الأحوال فإنني أريدك أن تكون متأكدا من أن وجودك الآن أمام شاشة الكمبيوتر أو الموبايل لتقرأ هذا المقال يحملني جميلا ومعروفا كبيرا، ويزيد من وطأة الإحساس بالمسئولية فوق دماغي. فوجود سيادتك حرمني من فرصة التهييس، وكتابة أي كلام يحميني من ملاحقة ومساءلة الأستاذ السيد الحراني المسئول عن صفحات الرأي في مصراوي.

فإذا كانت الكتابة تهييسا لم تعد اختيارا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة هو "ماذا أكتب"؟ بعد تفكير عميق، وتردد كثير، قررت أن أكتب عن صعوبات الكتابة في أيام العيد وكأس العالم التي تقل فيها القراءة. فإذا كنت مهتما بالقراءة حول هذا الموضوع، فما عليك سوى أن تعيد قراءة هذا المقال من جديد.

كل سنة وكل القراء، وغير القراء، والأميين أيضا، ومصر الغالية بخير، وفريقنا القومي رافع راسنا وجالب لنا السعادة.

إعلان