إعلان

على أبواب "القوى العاملة".. طوابير تبحث عن لقمة عيش بالخليج

09:57 م الخميس 05 يوليه 2018

وزارة القوى العاملة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - علياء رفعت:
بالقرب من طابور طويل إلى جوار المُصلى داخل مبنى وزارة القوى العاملة؛ وقف "حماده الجزار" وهو يدعو اجتيازه اختبار القدرات الذي أتى من أجله من محافظة البحيرة إلى القاهرة. اجتياز الشاب الثلاثيني للاختبار يعني سفره للعمل بالسعودية لمدة ثلاثة أشهر، ثُم العودة إلى مصر مرة أخرى، ليعود إلى عمله اليومي كسائق بقريته الصغيرة بالمحافظة التي تبعد عن العاصمة 150 كم.

تلك الفرصة ينتظرها حماده كل عام، فهو يعلم أن الشركات في السعودية دائمًا ما تحتاج لسائقين قُرب موسم الحج، وتلك الحاجة هى ما أعطت والد الفرصة قبل خمسة وعشرين عامًا للعمل بالسعودية كسائق ليستطيع بعدها الحصول على عمل دائم هُناك.

لا يتطلب الأمر بحسب الشاب الثلاثيني إلا تقديم الأوراق التي يجب أن تكون "كاملة وسليمة". وتتلخص تلك الأوراق في جواز السفر، بطاقة سارية، رخصة قيادة درجة أولى، واختبار السموم الذي يؤكد خلو الجسم من أي مواد مخدرة، إذا كان التقديم للعمل كسائق.

لم يكن "حماده" هو الشخص الوحيد الذي يتمنى النجاح في الاختبارات التي تقيمها وزارة القوى العاملة للالتحاق بالعمل في إحدى دول الخليج، ولكنه واحد ضمن آلاف ممن تقدموا لتلك الوظائف بعدما أعلنت الوزارة عن حاجة بعض دول الخليج إلى عُمال للعمل في مهن "حداد، نجار، فني تركيبات بايبات، مشرف مدني، عامل حفر، فني تركيبات، وعامل فني، ومراقب بايبات وسائقين".

2

أما الشروط العامة للالتحاق بالوظائف، بحسب ما حددته الوزارة تقدم سيرة ذاتية مرفقا بها صورة من جواز السفر ساري لمدة 3 سنوات، وحضور المقابلة بالجواز الأصلي، وشهادات الخبرة ، وصورة شخصية، على ألا تُقبل أى طلبات غير مستوفاة لتلك الشروط.

"نفسي انجح في الاختبار واسافر، اهو الواحد يوسع على نفسه وعياله في الكام شهر دول ويمكن ربنا يرزقني بشغل دايم هناك زي أبويا" يقولها "حماده" وهو في انتظار إعلان نتائج الاختبارات على أحرّ من الجمر، وبرغم أن اليوم -الخميس كان آخر موعد للتقديم وإجراء الاختبارات التي بدأت الاثنين الماضي- ما سيضطره إلى الانتظار أسبوع أو اثنين حتى تظهر النتيجة إلا أنه يستبشر خيرًا "عندي إحساس إنى ناجح فيها وهسافر بعون الله".

على بعد خطوات قليلة يقف "صبحي الخمسيني" أمام أحد الشبابيك في انتظار أن يتم اختباره هو الآخر ليفوز بعدها بفرصة السفر إلى السعودية "لو قبلوني هشتغل مع العمال في المطار". تلك الفرصة يعتبرها "صبحي" ذهبية، فهي لست مصدرًا لزيادة الرزق فقط ولكنها أيضًا فرصة لأن يفوز بأداء مناسك الحج هذا العام.

"هناك بيدو يوم وقفة عرفة أجازة وهحاول أخد قبله يوم كمان واروح أحج إن أمكن" خطةٌ اعتاد الرجل الخمسيني تطبيقها ومن أجلها فهو يتقدم كُل عام للسفر والعمل ضمن العِمالة الموسمية بالسعودية، فبرغم كونه تاجرًا للمواشي في محافظة المنيا، إلا أنه لا يستطيع أن يتحمل تكلفة الحج كُل عام أو كُل فترة.

لكن العمل هناك يوفر له مصدر دخل جيد، وفرصة لا يجدها في الظروف العادية برغم أن التأشيرة التي تستخرج في الموسم تمنعه من أداء الفريضة "بس ولاد الحلال هناك كتير وبيسهلوهالنا".

مُنذ أربعة سنوات مضت، والرجل الخمسيني يحاول التقديم كُل عام ليفوز بالسفر ولكنه لم يفعل "من ساعة ما طلبوا عمال في الأردن وسافرت ورجعت وأنا مروحتش السعودية تاني، نفسي اتقبل السنة دي علشان لقمة العيش وأحج بيت ربنا".

الاختبارات التي يؤديها العمال ليست بالأمر السهل بحسب ما يؤكده "هيثم سعد الدين"، المتحدث الرسمي باسم وزارة القوى العاملة، فالدول التي تطلب عمالة تقوم بوضع شروط معينة سواء في الخبرة، المؤهلات العلمية أو القوة البدنية، ومن أجل ذلك تقوم تلك الدول بإيفاد مختصين لإجراء هذه الاختبارات للمتقدمين وينتقون من بينهم من يرونه الأفضل.

3

"الوزارة ما هي إلا وسيط بين الشركات اللي بتطلب عمال والعمال نفسهم" يقولها المتحدث الرسمي مؤكدًا إنه في حال الحاجة إلى 100 سائق على سبيل المثال؛ تقوم الوزارة بقبول طلبات 2000 متقدم على أن يختار منهم المختصين الذين ستوفدهم الدول الطالبة للعمالة الأمهر والأعلى قدرة من بينهم.

وبرغم أن المتقدمين على عِلم بطبيعة إجراء الاختبارات إلا أن الإقبال على التقديم دائمًا ما يكون كبير بحسب ما يوضح "سعد الدين"، مُشيرًا إلى أن انتشار هذا الأخبار عبر المواقع الإلكترونية والإنترنت لعب دورًا كبيرًا في سهولة وصول المعلومة للجماهير، إلى جانب أن الرواتب التي تقدمها الشركات الخليجية تبدو مغرية بالنسبة للكثيرين، فهي تترواح ما بين 6 و10 آلاف جنيه مصري عن كُل شهر، وتوفر الشركات التي تطلب هذه العمالة سكن لهم ومواصلات داخلية من وإلى العمل، تذكرة السفر وبدلات تختلف حسب طبيعة كل عمل وكذلك الحصول على مبالغ إضافية في حالة تجاوز ساعات العمل.

يتقدم إلى هذه الوظائف عمالة من أغلب المحافظات على مستوي الجمهورية، فمن محافظة سوهاج بصعيد مصر، جلس "يوسف عبد ربه" الثلاثيني في انتظار دوره لأداء اختباراته كحداد مسلح وهو يرجو أن يحالفه الحظ ليحصل على فرصة عمل بدولة الكويت التي أعلنت عبر الوزارة عن حاجتها لعمالة لشغل تلك المهنة.

ليست تلك هي المرة الأولى التي يتقدم فيها يوسف للسفر "عشت عمري كله بسافر واشتغل بره من ليبيا للسعودية ودلوقتي الكويت" فمنذ أن أتم الشاب عامه الخامس عشر حتى بدأ يخوض أولى رحلاته للعمل خارج البلاد "سيبت سوهاج وانا مشوفتش غيرها من الدنيا.. مكنش في حل تاني ابني بيه نفسي في وسط الظروف الصعبة في مصر".

ورغم أن الشاب الثلاثيني لا يفضل الغربة أبدًا، ويرى بأن العزوة ولمة العيلة "خير وبركة متتقدرش بالمال" إلا أن الحاجة هي التي تدفعه للبعد عن أطفاله ليحقق لهم معيشة كريمة ومستقبلًا مضمونًا على حد قوله.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان