إعلان

حكم السير المخالف في الطرق العامة؟.. المفتي السابق يوضح

كتب : محمد قادوس

02:07 م 16/10/2025

الدكتور شوقي علام

تابعنا على

ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية،" ما حكم السير المخالف في الطرق العامة؟.. أجاب على ذلك فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، موضحا الرأي الشرعي في تلك المسألة.

في رده، قال المفتي السابق لا يجوز السير المخالف في الطرق العامة؛ لما يترتب عليه من تلف الأنفس والأموال، ويتحمل مَن سار مخالفًا مسؤولية ما ينتج عن تصرفه من عواقب، ويجب عليه ضمان ما تولَّد عن فعله بما تقره الجهات القضائية المختصة.

وأضاف علام، خلال رده عبر بوابة دار الإفتاء المصرية الرسمية: أن دار الإفتاء المصرية، تهيب بجموع المواطنين الالتزام بما تقره الجهات المختصة في هذا الصدد من قوانين بما يضمن السلامة للجميع.

الشروط العامة للمرور في الطريق العام:

حرصت الشريعة الغراء على ضبط أحوال سير الناس في الطرق العامة؛ لضمان سلامة السير فيها، ولضمان خلوها من الموانع التي تُسبِّب الوقوع في الحوادث التي قد تؤدي إلى تلف الأموال والأنفس، والقاعدة العامة الضابطة لذلك: ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".

وقد استنبط الفقهاء من ذلك: أنَّ المرور في الطريق العام يباح بشرط عدم الإضرار به بما يؤثر على ارتفاق الناس بالمرور فيه.

قال العلامة شيخي زاده في "مجمع الأنهر" (2/ 659، ط. دار إحياء التراث العربي): [المرور في طريق المسلمين مباح مقيد بشرط السلامة بمنزلة المشي؛ لأن الحق في الطريق مشترك بين الناس، فهو يتصرف في حقه من وجه، وفي حق غيره من وجه] اهـ.

تجريم السير المخالف في الطرق العامة وخطورته على الفرد والمجتمع:

في سبيل ضمان سلامة مرتادي الطرق العامة -في عصر تطور المركبات- وضعتِ الدول والحكومات قوانين وقواعد تنظم حركة المرور فيها بما يحفظ على الناس أنفسهم وأموالهم، ومن تلك القواعد المرورية التي أقرتها أغلب الدول: أن جعلت لكلِّ اتجاه من اتجاهات السير طريقًا مخصصًا له، كسبيل من سبل تقليل الأخطار التي ينتج عنها الحوادث التي تؤدي إلى فقدان الأنفس والأموال، بل نصت على تجريم ومعاقبة من يخالف ذلك، ومن ذلك ما قررته المادة رقم 76 من قانون المرور المصري من تجريم السير عكس الاتجاه في الطريق العام.

وهذه القوانين إنَّما تعد من قبيل المصالح المرسلة، والتي تندرج تحت نصوص الشرع العامة الآمرة بحفظ الأنفس والأموال، فكانت طاعة ولي الأمر فيها واجبة باتفاق الفقهاء.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (5/ 422، ط. دار الفكر): [(قوله: أَمْرُ السُّلطان إنَّما يَنْفُذُ)؛ أي: يُتَّبَعُ ولا تجوز مخالفته] اهـ.

وقال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح الخرشي لمختصر خليل" (2/ 112، ط. دار الفكر): [قال سيدي أحمد زَرُّوقٌ: تجب طاعة الإمام في كلِّ ما يَأْمُر به] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (10/ 47، ط. المكتب الإسلامي): [تجبُ طاعةُ الإمام في أمْرِهِ ونَهْيِهِ] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (8/ 528، ط. مكتبة القاهرة): [لا يجوز أن يَتْرُكَ بعض المسلمين طاعةَ الإمام] اهـ.

بل نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك، حيث قال في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (12/ 222، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمع العلماء على وجوبها أي: طاعة الأمراء- في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، نقل الإجماع على هذا القاضي عياض وآخرون] اهـ.

ومن جهة أخرى فإنَّ السير المخالف يتسبب في إيذاءِ الناس في طرقهم، وهو أمرٌ حذَّرت منه الشريعة الغراء، فعن حذيفة بن أسِيدٍ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من آذَى المسلمين في طُرُقِهِمْ وَجَبت عليه لعْنُتهم» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".

قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 8، ط. مكتبة دار السلام): [(من آذَى المسلمين في طُرقِهم)، بأيِّ أمرٍ من التَأذِّي وغيره] اهـ.

كما أنَّه من صفات المؤمن أنه لا يؤذي أحدًا متى سار في الطرقات، قال الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: 63].

قال الإمام أبو منصور الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (8/ 40، ط. دار الكتب العلمية): [وأصله: أنهم يمشون هونًا من غير أنْ يتأذَّى بهم أحد، أو يَلْحَقَ بأحدٍ منهم ضررٌ] اهـ.

وعلى ذلك: فإن توفَّر شرط السلامة -بما تقرِّه الجهات المختصة في كل دولة على حدة- جاز السير والمشي في الطريق لجميع المنتفعين به، وإن لم تتوفَّر شروط السلامة لم يجز له السير فيه، ويتحمل السائر مسؤولية ما ينتج عن تصرفه من عواقب، ويجب عليه ضمان ما تولَّد عن فعله إذا كان ممَّا يمكن الاحتراز عنه وكان واقعًا تحت المساءلة القانونية.

قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (27/ 3، ط. دار المعرفة): [السوق والقود في الطريق مباح مقيد بشرط السلامة بمنزلة الركوب، فكما أن الراكب يُجعل ضامنًا بما تلف بسبب يمكن التحرزُ عنه فكذلك السائق والقائد] اهـ.

وقال الإمام ابن جزي في "القوانين الفقهية" (ص: 553، ط. دار ابن حزم): [كلُّ مَن فَعَل ما يجوز له فعله فتولد منه تلف، لم يضمن، فإن قصد أن يفعل الجائز فأخطأ ففعل غيره أو جاوز فيه الحد أو قصر فيه عن الحد فتولد منه تلف، يضمنه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (19/ 25، ط. دار الفكر): [له أن يرتفق بالمباح بشرط السلامة، فإذا أدى إلى التلف كان عليه الضمان] اهـ.

اقرأ ايضًا

من سن كام نلبس الحجاب؟.. عضو مركز الأزهر تجيب

هل الولائم والعزائم في الأفراح سُنة؟.. أمين الفتوى يوضح

هل الحزن من الفطرة أم ضعف شخصية؟.. أمين الفتوى يرد

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان