إعلان

خطيب المسجد الحرام: غاية كرم الله أنه ينعم عليك ثم يوزعك شكر النعمة ويرضى عنك

02:58 م الجمعة 18 أكتوبر 2019

إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور أسامة بن عبدالله

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(وكالات):

قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ أسامة بن عبدالله خياط، إن من عظيم منن الله تعالى على الصفوة من عباده، ما اختصهم به من كريم السجايا وجميل الصفات، التي عظمت بها أقدارهم، وسمت بها منازلهم، وارتفعت بها درجاتهم عند ربهم، مشيراً إلى أن من أجل هذه الصفات قدراً، وأعظمها أثراً: صفة الشكر، وهو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافاً، وعلى قلبه محبة وشهوداً، وعلى جوارحه طاعة وانقياداً.

وأكد خياط، في خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة- نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس- أن هذا دليل على كمال عقل، وصلاح قلب، وصحة نفس، وسمو روح، حيث جاء في كتاب الله الأمر به كما جاء النهي عن ضده، وهو الكفران وجحود النعم، وعدم الإقرار بها، أو استعمالها فيما يكره المنعم، فقال سبحانه: ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ )، وجاء فيه أيضا الثناء على أهل الشكر حيث وصف به أفضل خلقه فقال عن خليله إبراهيم - عليه السلام -: ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )، وقال عن نوح - عليه السلام -: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) أي كثير الشكر يحمد الله على كل حال.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم: قلة أهل الشكر في العالمين دليل على أنهم خواص خلقه، كما قال سبحانه: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)، ومضى رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه على طريق من سبقه من الرسل في لزوم الشكر لله في كل حال، شكراً تترجم عنه الأعمال، وتصوره الأفعال، ففي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم - يعني في صلاة الليل - حتى تورمت قدماه، فقيل له: قد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - "أفلا أكون عبداً شكوراً".

وأضاف قائلاً: إنه كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - سؤاله الله تعالى أن يجعله كثير الشكر له سبحانه على آلائه، فقد أخرج الإمام أحمد - في مسنده - وأبو داود والترمذي والنسائي -في سننهم - بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات "اللهم أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكاراً، لك ذكاراً، لك رهاباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً إليك أواهاً منيبا"، وقال صلوات الله وسلامه عليه لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا معاذ والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ". أخرجه أبو داود والنسائي -في سننهما- بسند صحيح.

وقال الدكتور أسامة خياط: إن شكر العبد إحساناً منه إلى نفسه دنيا وآخرة، فإنه محسن إلى نفسه بالشكر لا أنه مكافئ به لنعم الرب، فالرب تعالى لا يستطيع أحد أن يكافئ نعمه أبداً، ولا أقله ولا أدنى نعمة من نعمه، فإنه تعالى هو المنعم المتفضل الخالق للشكر والشاكر وما يشكر عليه، فلا يستطيع أحد أن يحصي ثناء عليه فإنه هو المحسن إلى عبده بنعمه، والمحسن إليه بأن أوزعه شكرها، فشكر نعمة من الله أنعم بها عليه تحتاج إلى شكر آخر وهكذا.

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن من تمام نعمه سبحانه وعظيم بره وكرمه وجوده، محبته له على هذا الشكر، ورضاه منه به، وثنائه عليه به، ومنفعته مختصة بالعبد ولا تعود منفعته على الله، وقال: هذا غاية الكرم الذي لا كرم فوقه، ينعم عليك ثم يوزعك شكر النعمة، ويرضى عنك ثم يعيد إليك منفعة شكرك، ويجعلك سبباً لتوالي نعمك واتصالها إليك، والزيادة على ذلك منها، وهذا الوجه وحده يكفي اللبيب لينتبه به على ما بعده.

فيديو قد يعجبك: